يبدو أن القلق من مستجدات فايروس كورونا ومتحوراته بدأ يستشري في كل العالم، فالأمر لم يعد مجرد بيانات عابرة، إذ بدأت الأرقام تشير إلى زيادة الإصابات خصوصاً المتحور الجديد (أوميكرون) ما جعل الأعناق تلتفت مشدودة لهذه المستجدات. وفي خضم حالات الترقب ترتفع الأسئلة الحائرة عن كل ما يخص فايروس كورونا ومتحوراته وطرق الوقاية واحتمالات الإصابة ومدى قدرة اللقاحات الموصوفة على مواجهة الهجمة الجديدة.
ويشير استشاري الأمراض المعدية الدكتور علي الشهري إلى أن اللقاحات تحمي من كورونا ومتحوراته، وكان هناك شك بأن «أوميكرون» خفض فعاليات اللقاح، ولكن بعد الدراسات وجدوا أن الجرعة المعززة ترفع الفعالية إلى حد عالٍ والجرعة التنشيطية مهمة لأن المناعة تنخفض بعد مدة من الجرعة الثانية بنحو 6 أشهر، ووجدوا أن المناعة بعد ظهور «أوميكرون» تنخفض حتى قبل الـ 6 أشهر، ولذلك صدرت الأوامر بأخذ الجرعة التنشيطية بعد 3 أشهر.
الطفرات ضارة ومفيدة !
عن الفرق بين «أوميكرون» والمتحورات الأخرى قال الدكتور علي الشهري إن أوميكرون نتاج طفرات عالية، والطفرات كانت مفيدة من جهة وضارة من جهة أخرى، وتمثل ضررها في أنها خفّضت فعالية اللقاحات، في حين أنها كانت مفيدة لأنها تمنع الإصابات الشديدة ويكون الفايروس أقل ضرراً. أما المتحورات الأخرى فقد كانت إصابتها شديدة وكان «دلتا» قد أثّر على فعالية اللقاح بعد الجرعة الثانية والآن «أوميكرون» أقل ضراوة ولكنه مقاوم للقاحات. وأبدى الشهري تفاؤله بأن يكون الوضع الصحي جيداً لو أخذ الناس الجرعة التنشيطية والتزموا بالاحترازات.
من جانبه، أقر استشاري الأمراض المعدية الدكتور محمد الراعي أن اللقاحات تحمي من كورونا ومتحوراته، مشدداً على أن الجرعة التنشيطية تزداد أهميتها للفئات المعرضة لمضاعفات الإصابة، والمعروف عن متحور «أوميكرون» حتى الآن أنه يُعدِي بشكل أكبر وينتشر بشكل أسرع مقارنة بالمتحورات السابقة.
وحدد الراعي سببين رئيسيين لاختلاف الوضع الحالي عما كان عليه في بداية الجائحة؛ هما زيادة الوعي لدى المجتمع بالممارسات السليمة للمكافحة، وتوفر اللقاحات الفعالة لتعزيز مناعة الجسم.
وفي السياق ذاته، أكد استشاري الأمراض المعدية الدكتور عبدالله جريد ما أشار إليه الشهري والراعي، موضحاً أن الدراسات عن اللقاحات أثبتت فعاليتها كما أوضحت انخفاض مستوى الحماية بعد مدة من أخذ اللقاح، ولذلك بدأت المناقشات والتوصيات بأهمية أخذ الجرعة التنشيطية، لزيادة مستوى الحماية.
وقطع جريد بأهمية الجرعة التنشيطية، إذ إن المعلومات الأولية تشير إلى أن مستوى الحماية لمن سبق أن أخذ اللقاح أقل مقارنةً بالمتحورات الأخرى. وبعض الدراسات تشير إلى أن مستوى الحماية يقارب 35%، ويرتفع بعد الجرعة التنشيطية لمستويات تقارب 80%. وبطبيعة الحال، المعلومات عن هذا المتحور قليلة، ومع مرور الأيام وازدياد المعلومات تكون الإجابات أكثر دقة.
وشرح جريد ما جرى لفايروس كورونا، وقال إن المادة الوراثية للفايروسات تتغير عند تكاثرها وانتقالها، وتسمى حينئذ طفرات، تنتج لنا فايروساً متحوراً، ومتحور «أوميكرون» تميز بطفرات كثيرة مقارنةً بالمتحورات السابقة. والمعلومات الأولية أخبرتنا أنه أكثر سرعة في الانتشار مقارنةً بما سبق. ولهذا تم تصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية متحوراً مثيراً للقلق. وأقر جريد بأن المعلومات الأولية تقول إن «أوميكرون» أقل خطورة، ولكن تحليلنا لهذه المعلومات يجب أن يكون حذراً، إذ إن المعلومات كانت من فئات أصيبت بالمتحور وهي أقل عرضة لشدة العدوى. بمعنى آخر، غير مستغرب أن تكون شدة المرض عندهم قليلة. لكن المعلومات ستكون أكثر دقة ووضوحاً (وبالتالي أكثر اطمئناناً) عندما يثبت أن «أوميكرون» أقل خطورة في الفئات الأكثر عرضة لشدة العدوى، مثل كبار السن أو الفئات المصابة بأمراض مزمنة.
الوضع مقلق
استشارية الأمراض المعدية والباطنة الدكتورة أنوف عبدالمجيد نعمة الله توضح أن اللقاحات تقلل من إمكانية حدوث المرض، حتى لو أصيب الشخص بعد اللقاح تكون الإصابة خفيفة، إذ تقل نسبة حدوث مضاعفات المرض الشديدة وأيضاً تقل نسبة الوفيات. وتصل نسبة الحماية إلى أكثر من 90%، خصوصاً إذا كان مستوى الأجسام المضادة مرتفعاً لأن مستوى الأجسام المضادة مهم بالنسبة للمتحورات. وعن الجرعة التنشيطية أشارت إلى أنها مهمة لأنها ترفع مستوى الأجسام المضادة مما يساعد في الحماية من المتحورات. وأهميتها تعود لجميع فئات المجتمع. والتوصيات من الـCDC بإعطائها من عمر 18 عاماً. أما الوضع الصحي في العالم فقد وصفته بأنه لا يطمئن، وأرجعت ذلك لأسباب عدة منها عدم قدرة كثير من الدول الفقيرة على توفير التطعيم لسكانها، ومقاومة التطعيم عند نسبة ليست بالقليلة في الدول التي وفرت التطعيم لساكنيها، والمناسبات التي يحدث فيها ازدحام ومخالطة، ومن الأسباب فتح السفر والتراخي في الفحص عن الفايروس والحجر بعد العودة من السفر.
خذوا بالأسباب
«لا داعي للخوف بعد التوكل على الله والأخذ بالأسباب».. بهذه العبارة يرسل الأخصائي بقسم التخدير والعمليات المتطوع في مركز اللقاح عبدالله الجنيح رسالة تطمينية للجميع، متفقاً مع الآراء الطبية التي تشير إلى أن اللقاحات تحمي من كورونا ومتحوراته بعد أخذ الجرعتين والجرعة التنشيطية. وقال إن الجرعة التنشيطية ضرورية لاستمرار المناعة في مستوى عالٍ. وأهم فئة كبار السن وأصحاب الأمراض المُزمنة والعاملون في القطاع الصحي.
وأشار الجنيح إلى أن الدراسات جارية حالياً حول ما إذا كان متحوّر «أوميكرون» أكثر أو أقل شدة من السلالات الأخرى من كوفيد-19، بما فيها متحوّر «دلتا». لكنه وجه نصيحة للجميع باتخاذ كل الاحتياطات من تجنب الأماكن المزدحمة والمحافظة على مسافة من الآخرين وارتداء الكمامة، وكلها أمور مهمة جداً للمساعدة في منع انتشار السلالة المتحورة «أوميكرون».
وختم الجنيح حديثه بالقول إن السعودية أثبتت للعالم أجمع حجم استشعارها الكبير ومسؤوليتها من خلال اهتمامها بصحة جميع من في أراضيها من مواطنين ومقيمين أو زوار لبيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، وذلك باتخاذها الإجراءات الوقائية والاحترازية في إطار جهودها المستمرة لمنع انتشار فايروس كورونا ومحاصرته والقضاء عليه.
«الصحة» لـ«عكاظ»: الجرعة الرابعة.. حديث مبكر
أكد المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي لـ«عكاظ» أن الجرعة التنشيطية من لقاح كورونا الموصى بها حاليا هي الفاعلة في مواجهة «أوميكرون»، وأن الحديث مبكر عن جرعة رابعة، ولا يمكن أن نوصي بجرعات إضافية إلا بعد الدراسات وسلامة الجرعات على الأشخاص. وأوضح في المؤتمر الصحفي الأسبوعي الأحد الماضي أن أكثر من 51 مليون جرعة من لقاحات كورونا تم إعطاؤها في السعودية، وأكثر من 23.1 مليون شخص تلقوا جرعتين. وأن العالم يسجل أعداداً مرتفعة بإصابات كورونا، وتم إعطاء أكثر من 9.2 مليار جرعة من اللقاحات حول العالم. وحذر المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية العقيد طلال الشلهوب من تداول الشائعات حول الجائحة، مشيراً إلى أن عقوبة بث الشائعات غرامة لا تزيد على مليون ريال أو السجن لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات أو بهما معاً، وفي حال تكرار المخالفة تضاعف العقوبة المقررة في المرة السابقة.