الدكتورة منى الزهراني
الدكتورة منى الزهراني




فيصل العتيبي
فيصل العتيبي




منصر الحارثي
منصر الحارثي




سحيم الغامدي
سحيم الغامدي




نجود القاسم
نجود القاسم




هشام معروف
هشام معروف




ماجد الأحمري
ماجد الأحمري
-A +A
صالح شبرق (جدة) shabrag1@، عبدالكريم الذيابي (الطائف) r777aa@
الشركات العائلية، من أقدم وأكثر النماذج شيوعاً في التنظيم الاقتصادي العالمي، فمثلاً ما يقارب من 85% من الشركات الأوروبية تعد عائلية، وفي الخليج تشكل الشركات العائلية إحدى دعائم الاقتصادات ما يستدعي التحديث والتطوير الدائم من جيل المؤسسين للآباء ثم للأحفاد مواكبة للمتغيرات الاقتصادية والمعيشية ومنعاً لغرق وإفلاس أيّاً منها.

تشير أحدث الدراسات إلى بقاء ما لا يزيد على 14% منها إلى الجيل الثالث من الأبناء، فيما سقط 86% منها بعد رحيل الجيلين الأول والثاني. ومنح المنظم السعودي الشركات العائلية في السعودية اهتماماً بالغاً، كما جاء في (الميثاق الاسترشادي للشركات العائلية) الصادر عن وزارة التجارة؛ الذي أوضح سبل التغلب على المشكلات التي تواجهها هذه الشركات، وحدد استراتيجية تقاسم الأرباح، ودور الإدارة التنفيذية، وكذلك ما حمله الميثاق العائلي ضمن نصوص مواد (نظام الشركات السعودي الجديد).


وأكد عدد من المواطنين أن هذه الشركات لها دور كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ويرى نواف العتيبي أن هذه الشركات داعمه لدورة الاقتصاد، ويتفق معه فهد الزهراني ويقول: «إنها تستوعب أعداداً كبيرة في التوظيف»، ويشير سلطان البقمي إلى أهمية تحديثها المستمر؛ كونها متطلبات الجيل المؤسس ومتطلباته ليس مثل جيل الأحفاد.

فيما كشف خبراء ومختصون لـ«عكاظ» أهمية التطوير والتحديث المستمر للشركات العائلية، واستنباط ريادات جديدة، مع ضرورة نبذ الصراعات العائلية لضمان ديمومتها والمحافظة على استقرارها الاقتصادي وترابط أواصر القربى الاجتماعية وعدم القطيعة عند غرق إحداها.

تحديات في مواجهة الجيل القادم

المطور العقاري خالد الغامدي يرى: أن الشركات العائلية تشكِّل حجر أساس في اقتصاد المملكة، وتُسهم بشكل فعَّال في الناتج المحلي الإجمالي، وتخلق فرص العمل، وتعزز التنوع الاقتصادي.. فيما يبين رائد الأعمال عماد الحسني أنه مع التقدم نحو تحقيق (رؤية 2030) أصبح الجيل القادم من الشركات العائلية أكثر أهمية لاستدامة النمو ودفع عجلة الابتكارات المستقبلية.

ويؤكد أستاذ المحاسبة في جامعة جدة الدكتور سالم باعجاجة، أن الشركات العائلية واحدة من أهم الكيانات الاقتصادية في المملكة، إذ تساعد الكيان العائلي في ممارسة الدور الرقابي والإداري والمالي لمشاريع العائلة، خصوصاً أن الشركات العائلية تنتشر بشكل واسع في المملكة، وتمتاز بخصائص لا تتوافر في باقي الشركات التجارية، إذ تعمل على تعزيز قيم الأسرة والتماسك بين أفراد العائلة، وثمة جهات غير ربحية تحاول تحسين (الحوكمة) و(المساءلة) في شركات القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها (مبادرة بيرل) غير الربحية التي أصدرت تقريراً يسلط الضوء على جاهزية وتطلعات الجيل القادم من الشركات العائلية في المملكة يهدف لإبراز التحديات التي تواجه الجيل القادم من هؤلاء القادة، والفرص المتاحة أمامهم.

ماذا قال تقرير «بيرل»؟

نائب الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للمنشآت العائلية الدكتور سهيل التميمي، يؤكد أن التقرير يسلط الضوء على العوامل المتشابكة والمعقدة المؤثرة بأعمال الشركات العائلية، ويناقش الأدوار التي يؤديها موظفو الشركات؛ سواء أكانوا من العائلة أو من خارجها، مشيراً إلى نجاح الشركات العائلية الفريد في بناء إرث مستدام يمكن توارثه عبر الأجيال، ولهذا أصبح من الضروري الاستثمار في إعداد الجيل القادم لاستلام دفة القيادة بمنهجية تتميز بالشفافية والموضوعية، وتستند إلى جوانب القوة لديهم، وتراعي اهتماماتهم وقدراتهم.

أما كبيرة استشاري البرامج في (مبادرة بيرل) غير الربحية فينيتا ماثيو، فتشير إلى أن التقرير يشكل مرجعاً شاملاً، ويقدم رؤى متكاملة حول الديناميكيات والتصورات المختلفة ضمن منظومة الشركات العائلية السعودية، ويبحث الآراء ووجهات النظر المختلفة حول جاهزية الجيل القادم والدور الذي يؤديه الموظفون من خارج العائلة، ويبين الأهمية القصوى لتبني ممارسات الحوكمة والإرشاد والتوجيه الفعّالة.

ويستند التقرير، الذي أُعد بالتعاون مع (جيرسي فاينانس)، و(مركز حوكمة الشركات في جامعة الفيصل)، و(المركز الوطني للمنشآت العائلية في السعودية)، إلى استبيانات ومقابلات أجرتها (مبادرة بيرل) مع مجموعة من الشركات العائلية بالمملكة، إذ مثّل المشاركون مجموعة واسعة من القطاعات؛ منها البيع بالجملة والتجزئة والتصنيع، كما تنوعت أحجام الشركات العائلية، من الكبيرة إلى الناشئة والمتوسطة والصغيرة.

ويؤكد التقرير أهمية مراعاة وجهات النظر المختلفة، واتباع ممارسات موحدة لتحسين تعاقب الإدارات في هذه الشركات، كما يوضح أن هذا النهج الاستراتيجي يعزز استمرارية هذه الشركات واستقرارها، ويوفّق بين أهداف الجيل القادم والأهداف طويلة المدى للشركات العائلية، بما يضمن استدامة نمو أعمال هذه الشركات وازدهارها عبر الأجيال.

المحسوبيات في التعيين!

الباحث في قضايا التنمية المستدامة الدكتور فيصل العتيبي، قال: إن الشركات العائلية تلعب دوراً محورياً في اقتصاديات البلدان على الأصعدة الدولية والإقليمية والمحلية كافة، إذ تشكل ما نسبته 70% من الشركات العاملة في الاقتصاد العالمي، أما على الصعيد المحلي، فتمثل ما نسبته 95% من الشركات العاملة محلياً تعادل 48% من الشركات منها بالمملكة العربية السعودية على مستوى الشرق الأوسط، وتقدر استثماراتها بما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، و40% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ومن الطبيعي أن تحظى هذه الشركات برعاية خاصة على المستوى التنظيمي للحفاظ على بقائها، وفي هذا الصدد يواجه العديد منها تحديات كبرى قد تعوق نموها واستمراريتها، منها الصراعات العائلية عبر الأجيال، والاختلاف حول العديد من القضايا كالخلافة على إدارة الشركة أو ظهور المحسوبيات في مسائل التعيين على المناصب التنفيذية أو الفشل في حل قضايا الميراث، لا سيما أن ثروة هذه الشركات تناهز 22.5 مليار ريال؛ حسب آخر التقديرات، وهي -بلا شك- أرقام ومعدلات تتطلب تطبيقاً صارماً لمعايير الحوكمة والشفافية، ووضع قواعد واضحة للأمور المالية والإدارية، لمبدأ فصل الملكية عن الإدارة وتمكين إدارة التكنوقراط لاتخاذ القرارات الصحيحة بما يمنع أو يحد من الصراعات الداخلية ويحافظ على بقاء تلك الشركات.

ماذا ترك رحيل الجيلين؟

الباحث العتيبي يرى أن المتغيرات الاقتصادية والسياسية المستجدة تعدُّ من ضمن التحديات التي تواجه الشركات العائلية وتهدد بقاءها عبر الزمن خصوصاً التكنولوجية والقانونية منها، إذ تشير أحدث الدراسات إلى بقاء ما لا يزيد على 14% منها إلى الجيل الثالث من الأبناء، فيما سقط 86% منها بعد رحيل الجيلين الأول والثاني، وبالتالي فإن القدرة على التكيف مع المتغيرات تلعب دوراً مهماً في إطالة عمر الشركات وامتداد أنشطتها عبر الأجيال، لا سيما أن هذه المتغيرات تتزامن مع ظهور أشكال مقاومة التغيير لدى جيل المؤسسين وطموحات التحديث والتطوير والتوسع لدى الأبناء، ومما لا شك فيه أن الوعي بهذه التقلبات والتغيرات الحتمية والتكيف معها وتمكين الإدارة المتجددة؛ إن صح التعبير، والعمل على مسألة بناء الثقة في الأجيال الجديدة من الأبناء سيساهم في تجاوز هذا التحدي، إذ تمثل الشركات العائلية 66% من إجمالي الشركات العاملة عالمياً تراوح مشاركتها بين 70% إلى 90% من إجمالي مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي العالمي؛ وهو معدل كبير يدل على حدة المنافسة، فيما تمثل الشركات العائلية 95% من الشركات العاملة في القطاع الخاص محلياً، ما يعد أيضاً معدلاً تنافسياً عالياً يتطلب التكيف السريع مع متطلبات السوق ومستجداته المحلية العالمية، خصوصاً قوانين فتح الأسواق للمنافسة الدولية والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة كتنويع مصادر الدخل، وفتح آفاق وأسواق جديدة خارج النطاق المحلي والإقليمي، وكذلك بناء الاستراتيجيات المرنة طويلة المدى والقادرة على استيعاب متغيرات الأسواق المتسارعة.

التوسع والتنويع والابتكار

لأن مبدأ الالتزام من مقومات النجاح في ريادات الأعمال عامل مهم في ديمومة الشركات العائلية، كشفت الخبيرة والمستشارة في ريادة الأعمال الدكتورة منى الزهراني، أن التزام الشركات العائلية بالقوانين والأنظمة السعودية والإجراءات القانونية والتنظيمية والحوكمة والميثاق الواضح يعتبر أحد أهم مقومات نجاح هذه الشركات واستمراريتها والقيادة القوية والخطط الواضحة لتعاقب الأجيال في الإدارة وضمان التحولات السلسة بين الأجيال هو ما ينبغي على الشركات التركيز عليه لتجنب النزاعات وضمان النجاح طويل المدى وتكسب الشركات العائلية أجيال العائلة العديد من المهارات بشكل مباشر أو غير مباشر، من أبرزها التخطيط المتوازي للأعمال والعائلة، ونجاح الشركات العائلية في مقدرتها المحافظة على الانسجام العائلي واستمراريتها في المدى الطويل، وقد يكون التحدي الذي تواجهه الشركات العائلية التوسع والتنويع والابتكار، لارتكاز الشركات العائلية في الغالب على المحافظة على الممتلكات والمكاسب الحالية بدلاً من الاستثمار في النمو المستدام وتحقيق الابتكار.

إيقاف النزاعات العائلية

للدور الاجتماعي والعدل والترابط في دعم أواصر القربى والمحبة وما قد تسببه هذه الشركات من قطيعة عند الاختلافات، قالت ‏الأخصائية الاجتماعية آمال عبدالقادر: إن الشركات العائلية تشكل نسبة عالية من الشركات في المجال الاقتصادي، ويمتد الهدف من هذه الشركات لما هو أبعد من تحقيق الربح المادي، فبنظرة اجتماعية نجد أن بعض الآباء يؤسس هذه الشركات حفاظاً على العدل والترابط بين أبنائه بعد وفاته، إذ يخصص أسهماً للأبناء والبنات مع توضيح جميع السياسات الخاصة بالأسهم، كما أن العائلات الكبيرة تلجأ لمثل هذه الشركات لزيادة ثروة العائلة وكذلك زيادة الترابط بين أفرادها، وإذا نظرنا لهذه الشركات من زاوية اجتماعية، فنجد أن هناك زوايا عدة يمكن النظر من خلالها إلى هذا النوع من الشركات، فيمكن أن تؤدي هذه الشركات إلى نزاعات بين أفراد العائلة، إذ إن القيم العائلية والمعتقدات لدى كبار السن وطموحات وأفكار الجيل الجديد من العائلة تختلف، وقد يحصل بينهم تضارباً في سياسة إدارة الشركات العائلية، وقد يأخذ اختلاف الرؤية بين الأجيال أوجهاً عدة، وهذا موضوع وارد ويتسبب في فشل أغلب هذه المنشآت، وبالتالي تنشأ العداوة وقطع صلة الرحم بين أفراد العائلة والأجيال التالية لهم كذلك، كما أن هناك شركات ناجحة حققت ثروات لهذه العائلات وزادت الترابط والوحدة بين أفرادها.

الحفاظ على القيم والهدف

ترى الأخصائية آمال عبدالقادر، أن تأسيس هذه الشركات يتم بناء على قيم عائلية تشكل مزيجاً من استراتيجيات ومعقدات وثوابت أفراد العائلة المؤسسين لهذه الشركة مع مراعاة الحفاظ على القيم العائلية واختيار رؤية وهدف وقيم مشتركة يسعى لتحقيقها جميع أفراد العائلة مع الالتزام بالحوكمة العائلية؛ وهي نظام يحوي قوانين ثابتة لاتخاذ القرارات المشتركة ويحكم العلاقات بين أفراد العائلة المالكيين للشركة، بحيث يحتوي على هيكل تنظيمي فعال في وضع القرارات ومواجهة التعارض، وبذلك يضمن أفراد العائلة عدم نفوذ سلطة أي فرد منهم على الآخر ويحقق استدامة ونمو هذه الشركة مع تحديد الأفراد المعنيين باتخاذ القرارات وإقامة ملتقى عائلي دوري والحفاظ عليه، إذ تتم مناقشة بعض ما قد يؤدي إلى نمو الشراكة وزيادة الترابط الاجتماعي بين الأجيال من أفراد العائلة.

بناء ثقة الجمهور

عن الدور الإعلامي للمشاريع العائلية، قال الأستاذ المساعد بقسم الاتصال والإعلام منصر الحارثي: إنه محوري في تعزيز مكانتها في المجتمع وتحقيق النجاح والاستدامة، ويتطلب ذلك تقديم منتج إعلامي مميز وفعال يعكس إيجابيات هذه المشاريع ويبرز دورها الحيوي. فالإعلام يساهم في تسليط الضوء على المشاريع العائلية وإبراز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يعزز الوعي المجتمعي بأهمية هذه المشاريع وتشجيع الأفراد على المشاركة والاستثمار فيها. كما أن التغطية الإعلامية الإيجابية على سبيل المثال لهذه المشاريع تساهم في بناء ثقة الجمهور وتعزيز سمعتها. وفي المقابل، فإن الإخفاق في تقديم المنتج الإعلامي المناسب قد ينعكس سلباً على سمعة هذه المشاريع. ويلعب الإعلام دوراً محورياً في التعريف بالمشاريع العائلية وإقامة الشراكات مع الجهات الأخرى، مختتماً بأن التغطية الإعلامية الفعالة للمشاريع العائلية تساهم في تعزيز استدامتها وقدرتها على النمو والتطور، وذلك من خلال جذب المزيد من الاستثمارات والعملاء والشركاء.

كل يعرف حدوده!

رجل الأعمال ورئيس لجنة الخضار والفواكه بالغرفة التجارية الصناعية في جدة سحيم الغامدي، يقول: إن من أهم العلاقات التي لا بد من وجودها عند الرغبة في عقد شراكة مع آخرين؛ سواء أكانت عائلية أو مع أصدقاء أو جمعتهم مصلحة، هي النية والرغبة الحقيقية في إنجاح الشراكة مع وضوح الهدف ووضوح مسؤولية كل شخص ودوره في تلك الشراكة، فالعلاقة متى شابها شائب فقدت هدفها وظهرت الخلافات بين الشركاء وضعفت الشركة وقلت فرص نجاحها. وضرب الغامدي مثلاً بشراكته مع آخرين جمعتهم المحبة والصداقة، ومنهم من انتقل إلى رحمة الله ومع ذلك بقيت الشركة وما زالت قائمة، ولم يتدخل الورثة في شؤون الشركة على العكس طلبوا الاستمرار، ومن فضل الله استفادت الشراكة من الجيل الجديد، وما زالوا موجودين في الشركة وكل واحد يعرف حدوده، ويعود ذلك إلى وضوح دور كل واحد من الشركاء، والأهم نية الشركاء.

مرونة المحادثات وتوزيع المهام

أما رجل الأعمال هشام معروف، فقال: إن أهم عنصر لبناء علاقة صحيحة مع شركاء حتى إن كانوا من بيت واحد تتمثل في توزيع المهمات ومعرفة كل واحد دوره دون تدخل من الأطراف الأخرى، وهناك عنصر آخر هو إسناد المهمات للشخص المناسب بغض النظر عن سنِّه أو علمه مع الحرص على الاجتماع خلال جدول زمني لدراسة أحوال الشركة ونقاط قوتها ونقاط ضعفها وكيفية الاستفادة من الأبناء خصوصاً مع أكبرهم، وهناك نقطة مهمة لا بد من وجودها بين الشركاء وهي المرونة عند المحادثات والاجتماعات، وتذكر الهدف الرئيسي من إنشاء هذه الشركة، فتعارض الأفكار بين المؤسسين والاختلافات أحد أهم أسباب الفشل.

أشكالها وأنواعها متعددة

المحامي والمستشار القانوني ماجد ظافر الأحمري، يوضح أن هناك أشكالاً عدة للشركات العائليةـ وتتباين فيما بينها في عدد من العناصر، فالشركة العائلية في صورتها البسيطة يكون التركيز فيها على نشاط واحد يتم فيه نقل الملكية والقيادة إلى الابن الأكبر من كل جيل. ودور الخليفة واضح وغير قابل للتحدي، ويسهم التزام الأسرة وتراثها في نجاح الشركة. ووجود عدد قليل من الأفراد المعنيين في الأسرة بالإدارة والسيطرة على أعمال العائلة يجعل هذا الشكل لا يحتاج إلى حوكمة معقدة، فالأعمال ليست معقدة للغاية ولا متنوعة ويتم فيها تطبيق نظام إدارة مركزي ومرن، أما الشركة العائلية ذات الطابع الإداري المشترك: فهذا النوع بسيط نسبي، والعديد من أفراد الأسرة يتشاركون في الإدارة أو الملكية أو حتى كليهما. وفيها يشعر بعض الأفراد بأنهم مؤهلون أكثر من غيرهم للحصول على مزايا دون المساهمة بشكل متناسب. ويمكن أن تكون لقوانين الأسرة المحكومة بقيم معينة دور في توزيع الأدوار المهنية وإدارة الروابط العائلية وعلاقتها بالعمل، أما الشركات العائلية متنوعة الأعمال، التي يكون فيها عدد أفراد الأسرة الواحدة محدوداً فيكون مجال نشاط هذه الشركات متنوعاً ومعقداً إدارياً، ويكون لمالكيها أسر صغيرة رغم أن الأسواق التي ينشطون فيها كبيرة، وهنا يتعين على مؤسس الشركة ضمان استمرارية استثماراته، فيلجأ إلى جذب المواهب المميزة وغير العائلية، إذ إن نضج الشركة يتطلب موهبة إدارية متطورة لتشغيلها، ومع وجود عدد قليل من أفراد الأسرة المساهمين، سيكون من المهم إضافة الطابع المهني على الأعمال التجارية للحد من اعتمادها على الكفاءات العائلية المحدودة، ومن الأنواع أيضاً الشركات العائلية ذات الطابع الأسري والتجاري المعقد، وتتطلب إدارة هذا النوع من الشركات، التي تمتد إلى أكثر من ثلاثة أجيال مع نوعية استثمارات كبيرة ومعقدة، التركيز المستمر على إشراك الأجيال الجديدة، وتنميتهم لريادة الأعمال وتطوير مواهبهم الإدارية؛ فضلاً عن الاهتمام بالترابط العائلي، كما أنها تحتاج إلى أنظمة حوكمة ناضجة تضع توقعات واضحة لقيادة الأعمال وبرامج التطوير لتحفيز المواهب القيادية.

ويضيف القانوني الأحمري: من المؤكد أن الشركات العائلية تتمتع ببعض المزايا مقارنة بالكيانات التجارية الأخرى، التي تتمثل في تركيزها على المدى الطويل، والتزامها بالجودة -الذي يرتبط غالباً باسم العائلة-، ورعايتهم واهتمامهم بالموظفين. لكنها بالمقابل تواجه أيضاً مجموعة فريدة من التحديات الإدارية الناجمة عن تداخل قضايا الأسرة والأعمال، التي يمكن أن تظهر في نمو هذه الشركات بسرعة دون توفر المواهب الإدارية داخل الأسرة؛ ما يعني أن الشركة ستفتقد فرصاً قيمة وفي بعض الأحيان يفوق عدد أفراد الأسرة قدرة الشركة على استيعاب اهتماماتهم وتوجهاتهم المتنوعة ما يقودهم إلى صراع.

وفي رأي المحامية والموثقة نجود قاسم، فتبين أن الشركات العائلية هي التي يديرها ويتخذ القرارات فيها أفراد الأسرة، وتهدف إلى الحفاظ على سمعة العائلة وتوريث أعمالها لضمان استمراريتها، ومن سلبياتها تداخل القضايا ومشكلات العائلة مع مشكلات العمل، كما قد يؤثر حب السيطرة والنفوذ عند بعض أفرادها على استقلالية القرارات فيها، ما يستدعي وجود حلول حوكمة لا يمكن تجاوزها، إضافة إلى ميثاق عائلي واضح وصارم منذ عقد التأسيس لتعزيز أهدافها وقيمها والمصالح التجارية وسياسـة توظيف أفراد العائلة وتوزيع أرباحهم وحصصهم وأسهمهم فيها، مع وجود آلية لتسوية المنازعات؛ سواء بين أفراد الأسرة أو بين الموظفين أو كليهما معاً؛ لضمان تحقيق تطورها الوظيفي واستدامتها ونجاحها.