علي النعماني
علي النعماني




خالد الذيابي
خالد الذيابي
عبدالعزيز الربيعي
عبدالعزيز الربيعي
-A +A
عبدالعزيز الربيعي (مكة المكرمة) arabiue@
هي حالات يواجه فيها الشخص صعوبة في تطوير العلاقات الاجتماعية العادية وحتى النطق بشكل طبيعي.. بعضهم يعجز عن التأقلم مع المجتمع المحيط به، فالتوحد -حسب الدراسات العلمية- أحد اضطرابات تطور الدماغ التي يصاب بها الأطفال نتيجة إعاقة في النمو ناجمة عن اختلافات في الدماغ، وهو أصعب الاضطرابات النمائیة الشاملة على الإطلاق، وتتمثل صعوبته في عدة أمور؛ منها أن السبب الرئیسي للاضطرابات النمائیة الشاملة غیر محدد إلى الآن، كما أن المستویات المختلفة له تتطلب كثیراً من العمل على التدریب والتأهيل والتعلیم بشكل أشمل.

وطبقاً للمهتم بالتوحد مقدم البرامج الإذاعية علي النعماني، فإن التوحد اضطراب نمائي عصبي تظهر أعراضه في السنوات الأولى من عمر الطفل، وتظهر لدیه عدة سمات تتمثل في صعوبة المسارات الاجتماعیة والتفاعل وضعف التواصل مع الآخرین، وتطور لأنماط سلوكیة محددة یقوم بفعلها الطفل، وفي المقابل، فإن طفل التوحد عادي ولكنه مختلف في بعض الخصائص التي تمیزه عن غیره من الأطفال، فهو یعیش بیننا ویدرك ویشعر أغلب ما یدور حوله،


وثمة صعوبات یمر بھا تحده عن التعبیر بمشاعره والخصائص الحسیة الفریدة.

80 مليون توحدي

أغلب المصادر لا تعطي النسبة الدقیقة لعدد ذوي اضطراب التوحد لكل دولة، وبالمجمل تراوح النسبة العالمیة بین 1- 2% من عدد السكان في العالم، وهي بالطبع لیست نسبة بسیطة، ما يعني أن 70- 80 ملیون شخص في العالم مصاب بهذا الاضطراب، ولا بد من الإشارة إلى ثلاثة مستویات رئیسیة للتوحد البسیط والمتوسط والشدید، والتصنیف أتى بناءً على مقدار ونوع التدخل، فاضطراب التوحد تتداخل به صفات وسمات كثیرة، ونشبه -والكلام للنعماني- الأمر هنا بدائرة الألوان التي تحمل بداخلها أطیافاً متعددةً من الألوان، وتماماً ما یحدث في هذه المستویات. وكما قلنا إن اضطراب التوحد متشعب ومعقد، لذا التركیز على البحث والدراسة مطلب في الفهم العمیق له.

الطلاق والهروب ليس حلاً

هدى حمدان البلوي -أخصائية تربية وأم لطفل توحدي- ترى أن الإحصاءات مخيفة عاماً تلو الآخر، فالتوحد من الإعاقات النمائية المعقدة التي تصيب الصغار في طفولتهم المبكرة، وهي إعاقة ذات تأثير شامل على كافة جوانب نمو الطفل العقلية، والاجتماعية، والانفعالية، والحركية، والحسية، وأكثر جوانب القصور وضوحاً في هذه الإعاقة هو الجانب التواصلي والتفاعل الاجتماعي المتبادل، إذ إن الطفل التوحدي لا يقدر على التفاعل الاجتماعي وتكوين علاقات مع الأقران، إضافة إلى قلة الانتباه، والسلوك النمطي، والاهتمامات لديه مقيدة أو محددة، ولا شك أن وجود طفل توحد يدخل الأسرة في دوامة من المشاعر المتناقضة، وقد يصيب البعض بالإحباط، ويلجأ البعض لخيار الطلاق هرباً من المسؤولية أو خوفاً منها، واتجهت بعض الأسر للانتقال خارج المدينة أو خارج المملكة؛ للبحث عن حلول لهذا الاضطراب، ولكن لم تسلم العوائل أيضاً من الأثر النفسي بشعور الغربة أو العبء المالي الإضافي على الأسرة وتأثر الإخوة من بقية أفراد الأسرة بهذا الانتقال.

نغمات صوتية غريبة

الأخصائية العنود فؤاد الكريثي، تصف التوحد بأنه اضطراب تطوري عصبي يظهر في السنوات الأولى من عمر الطفل، إلى جانب صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي، مع أنماط سلوك متكررة واهتمامات محددة، ومن أبرز أعراضه ضعف ومشكلات في التواصل الاجتماعي؛ مثل ضعف الاستجابة للنداء باسمه وصعوبة في تكوين علاقات مع الآخرين وعدم استخدام الإيماءات كالإشارة أو التلويح وضعف أو غياب التفاعل البصري. ومن الأعراض أيضاً صعوبات التواصل اللفظي وغير اللفظي مثل تأخر تطوير اللغة وتكرار الكلمات أو العبارات واستخدام غير طبيعي للغة (نغمة صوتية غريبة أو ترتيب غير منطقي للكلمات)، وحركات متكررة مثل التلويح باليدين أو الدوران والتمسك بروتين صارم والتركيز المفرط على أشياء أو موضوعات معينة مع ردود فعل غير معتادة تجاه الأصوات، والضوء، والروائح، أو اللمس ونقص في الاستجابة للمحفزات الحسية.

السفر للخارج.. تحديات وفوائد

الأخصائية العنود فؤاد الكريثي، تستعرض تأثيرات انتقال الطفل إلى مراكز خارج المملكة أو خارج مدينته على استقرار الأسرة؛ منها التحديات النفسية وتغيير البيئة الذي قد يسبب قلقاً وتوتراً للطفل المصاب بالتوحد، ما يؤثر على سلوكياته، كما تواجه الأسرة ضغوطاً نفسية نتيجة التكيف مع بيئة جديدة ومتابعة حاجات الطفل، فضلاً عن التحديات الاقتصادية المتمثلة في السفر والإقامة اللذين يمثلان عبئاً مالياً على الأسرة، إلى جانب تكاليف المراكز المتخصصة التي تكون مرتفعة في الخارج. أما التحديات الاجتماعية فتتمثل في: انتقال الأسرة إلى مكان جديد ما يسبب انقطاعاً عن شبكة الدعم الاجتماعي كالأصدقاء والعائلة مع صعوبة التأقلم مع ثقافات جديدة ولغات مختلفة. وفي المقابل، قد يؤدي الانتقال في بعض الأحيان إلى تلقي الطفل علاجاً متخصصاً يساعد في تحسين مهاراته واكتساب الأسرة خبرات جديدة تساعد في التعامل مع التحديات.

الذيابي: تشتت الأسرة يهدد استقرارهم

أوضح أخصائي التخاطب وتعديل السلوك خالد الذيابي أن أبرز أعراض وعلامات اضطراب طيف التوحد تظهر في ثلاثة محكات رئيسية هي:

ضعف في التواصل اللفظي وغير اللفظي، وضعف في مهارات التفاعل والتواصل الاجتماعي، وسلوكيات نمطية متكررة واهتمامات محددة. ويندرج تحت تلك المحكات العديد من المؤشرات أهمها:

التأخر اللغوي وعدم القدرة على الكلام والتكرار المستمر للحركات المختلفة، والدخول في عالم محدد غير قابل للتغيير في كثير من الأحيان.

ويعزى ضعف التواصل البصري في التفاعل الاجتماعي على نحوٍ غير مناسب للمواقف الصعبة في التعرّف على الإشارات غير اللفظية وغياب تعبيرات الوجه وتفضيلات معينة من الاهتمامات خاصة في الألعاب والأشخاص والأطعمة، وليس بالضرورة أن تجتمع تلك المؤشرات في طفل واحد من ذوي اضطراب طيف التوحد.

ويضيف الذيابي قائلاً: الأسرة تتأثر سلبياً لمفارقة ولدها في دور الإيواء، ناهيك عن ترك العديد من الأسر لمناطقهم بحثاً عن المراكز الأنسب لابنهم، غير أن بعض الأسر تضطر للسفر مع أبنائها للخارج بحثاً عن تأهيل مناسب، ولعل افتتاح المراكز المميزة ومدن الإيواء داخل بلادنا يخفف عن تلك الأسر مشاق البحث في الخارج وما يرتبط به من تشتت للطالب بعيداً عن والديه أو أحدهما.

ماذا يطلب الآباء والأمهات؟

يطالب ذوو الاحتياجات الخاصة بتوعية المجتمع وتثقيفه بزيادة حملات التوعية بالتوحد وكيفية التعامل مع الأطفال المصابين به وتوفير مواد تدريبية لأولياء الأمور لمساعدتهم في تحسين مهارات أطفالهم إلى جانب الدعم النفسي والاجتماعي وتقديم استشارات نفسية لأفراد الأسرة للتخفيف من الضغوط، مع تعزيز شبكات الدعم الاجتماعي لتوفير بيئة مساندة للأسرة. ومن المطالب أيضاً التوسع في الخدمات التعليمية والعلاجية كإنشاء مراكز متخصصة في جميع المدن لتقليل الحاجة للسفر وتوفير برامج تعليمية وعلاجية متكاملة تشمل العلاج السلوكي والوظيفي. ومن المطلوبات الدعم المالي بتقديم إعانات مالية لتغطية تكاليف العلاج والأجهزة المساعدة. وتسهيل الحصول على خدمات التأمين الصحي وتعزيز فرص الدمج في المدارس والمجتمع. وخلاصة القول إن رعاية الأطفال المصابين بالتوحد تحتاج إلى تكاتف الأسرة والمجتمع. وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بنقل الطفل إلى مراكز خارج المدينة أو البلاد، إلا أن إيجاد حلول محلية وتوفير الدعم المتكامل يمكن أن يسهما في تحسين جودة الحياة لهذه الأسر. ويجب أن يكون المجتمع أكثر وعياً وتضامناً لتلبية حاجاتهم وضمان دمجهم الكامل في الحياة اليومية.

أم توحدي تروي تجربتها

شهد عبدالعزيز الوحيدي (أم لأحد أطفال التوحد)، تقول لـ«عكاظ»: تنقلت بين مراكز التوحد في المملكة وبعض الدول العربية، والحق يقال، السعودية شهدت تطوراً كبيراً في مراكز الرعاية النهارية، وزيادة الدعم الحكومي والخدمات المتخصصة، فضلاً عن زيادة الوعي بشكل كبير في السنوات الأخيرة مع الحملات الحكومية والمبادرات الاجتماعية لدعم ذوي الإعاقة وأسرهم مقارنة ببعض الدول التي زرتها، فالجهات المختصة في المملكة تدعم المراكز لكن الأغلبية تقع تحت نظام القطاع غير الربحي، إذ لا يوجد ملف صحي متكامل للطفل من لحظة دخوله حتى خروجه، والمراكز تعمل تحت إشراف وزارة الموارد، وأتمنى أن يتم تطويرها من ناحية السجلات الصحية لتنشأ من نفس المركز، ويكون قسم العلاج الطبيعي شاملاً الأشعة والتحاليل، لكن غياب مراكز التربية الخاصة في بعض المناطق والمحافظات يشكل معاناة دفعت الكثير للسفر إلى خارج المملكة ودفع مبالغ كبيرة مقابل الخدمات عالية الجودة.