ابن مصلح
ابن مصلح
-A +A
علي الرباعي (الباحة)
لم يكن هامشا في جبال تهدهد غيم السماء.

كان متنا عصيا على النقد والشعراء.


كان أستاذا يعالجُ أدمعنا بالغناء.

هكذا كان الشاعر محمد بن مصلح الزهراني.

من وجهة نظر منطقته وأهله ومحبيه بل والوطن أجمعه.

كان (أبو دخيل الله) وريث الكبار من الخالدين في ديوان شعر العرضة الجنوبية.

إلا أنه تميز عن أساتذته ومجايليه بقدرته على فرض الإصغاء لكل من يحضر مناسبة أو عرضة؛ نظرا لما يمتلكه من خامة صوت فاتن.

إضافة إلى كاريزما خاصة في التفاعل مع الجمهور.

إذ طالما عمد عشاق العرضة وحضورها إلى استفزازه ليقول لهم كلمة مداعبة (ظاهرها عذاب، وباطنها رحمة).

وإذا ما كان من علامة بارزة لشعر ابن مصلح رحمه الله.

فتظل في حرصه على عدم القطيعة مع الماضي.

بتاريخه ومروياته وأساطيره.

وكأنه كان معنيا بأن يواصل الزمن موسقة الكلمات ونسج إيقاعه المتوازن مع (وقع الأقدام) ليتمكن العاشق من المشي سويا دون نشاز.

حقق صوت ابن مصلح من الفرادة والقوة والفصاحة حضورا شعبيا على مستوى المملكة.

إذ ما أن تقول لسائل أنا من منطقة الباحة حتى يقول (من جماعة ابن مصلح)، فيا للإبداع عندما يختصر الجغرافيا في إنسان.

ويرفع شأن إنسان ليبلغ حجم الجغرافيا.

عدّه البعض شاعر الجنوب الأول.

ولد في منطقة الباحة في بني سار عام 1352هـ، بدأت علاقته مع الشعر في سن السابعة من عمره.

وشارك في الحفلات في سن السادسة عشرة.

يمتد جينيا وتأثرا شعريا إلى خاله الشاعر (ابن مسيفر) ولذا هو شاعر منطقة كونه حمل نسبي غامد وزهران.

من افتتانه بالشعر افتتح مقهى في التسعينات الهجرية في أسفل عقبة شمرخ.

وكان يؤمن الزير ويتبرع بالقصائد لكل من يجتمع في مقهاه ليقوم السمر بصفة ليلية في حضرة شاعر حضاري.

آمن بالوطن.

وبالشعر.

وبالإنسان.

ولم يلتحق بأي وظيفة حكومية أو خاصة.

ليقينه أن الشعر جدير بأن لا يكون له شريك منافس.

كان ابن مصلح يتمتع بقدر عالٍ من الثقافة بالرغم من عدم التحاقه بالتعليم النظامي.

إذ وصفه شيخ بني عامر عبدالعزيز بن رقوش بالمدرسة الشعرية الفريدة في معناها ومبناها.

والرمز الوطني والأب الشعري لجيل من الشعراء تربوا على منهجه وذائقته.

بالأمس شيع الشاعر إلى مثواه في بني سار الباحة في حضور حشد من النخب التربوية والثقافية وعشاق الشعر.