-A +A
سلطان بن بندر (جدة)
في أبشع صورة من صور الإفلاس التسويقي، والاستخفاف بالمتلقي والسخف الإعلامي، وفي إطار حديث يدل على سطحية المروّج، عرض أحد محال بيع الوجبات السريعة المختصة ببيع (الشاورما) على زبائنه وجبات مجانية مدى الحياة لكل أبٍ يطلق اسم (شاورما) على ابنه أو ابنته، ظناً منهم أن الشطائر الملفوفة ستسيل لعاب كل أب لتسمية أبناء صلبه باسم الوجبة الأرخص ثمناً في السعودية.

التغريدة التي نادى بها الحساب الرسمي للمطعم على (تويتر)، والمتضمنة عرض الإطعام مدى الحياة، لمن تسول له نفسه تسمية اسم ابنه على الوجبة، لقيت خلال أربع ساعات منذ التغريد بها نحو ألف و٨٠٠ إعادة تغريد، وأكثر من ١٥٠ إعجابا، والعديد من ردود الأفعال التي تهكمت غالبيتها على طريقة تسويق المطعم لمنتجاته، والأخرى استهجنت العرض الترويجي.


ورأى الخبير القانوني خالد السعد أن تسمية الابن باسم مستهجن وغريب قد يؤثر عليه نفسياً في طفولته وهو أمر لا تقبله الشريعة الإسلامية، وتمنعه الأنظمة السعودية التي تحرص على أن يكون اسم الطفل اسماً صحيحاً وسليماً ولا ينطوي على تحقير إو إهانة، وأضاف: «نص على ذلك نظام حماية الطفل نصاً صريحاً على ذلك في المادة الثالثة، الفقرة رقم اثنين على أن يُسجَّل الطفل بعد ولادته فوراً ويراعى أن يكون اسمه رباعياً، ويكون له الحق في التسمية منذ ولادته، ولا يجوز أن يكون الاسم منطوياً على تحقير أو مهانة لكرامته، أو يكون منافياً للشريعة الإسلامية، ويكون له الحق قدر الإمكان في معرفة والديه وتلقي رعايتهما، والتسمية باسم شاورما امتهان واضح وصريح».

ولفت المواطن عبدالله بن دويحان إلى أنه من المستغرب أن ينزل مستوى الامتهان لشخصية الإنسان السعودي من خلال تقديم عروض ترويجية تمتهن من اسمه وكرامته في مقابل الحصول على وجبات مجانية حتى إن كانت مدى الحياة، وقال: «من المشين أن يحدث هذا وأن يسوق للسعوديين بأن يسموا أبناءهم بمثل هذه الأسماء، أبناء الأرض التي أنجبت غازي القصيبي وعلي النعيمي وطاهر زمخشري وخولة الكريع، وطلال مداح وماجد عبدالله والعديد من القامات السعودية التي رفعت اسم الوطن عالياً، ليأتي من يحاول امتهانهم بمثل هذه الطريقة».

ويبدو أن مطلق فكرة الإعلان قد غاب عن ذهنه، ولم يسمع ما قال الشاعر اللبناني جوزيف حرب، عن المعنى العميق للاسم بالنسبة للإنسان عندما قال «أسامينا، شو تعبو أهالينا، تلقوها.. شو افتكروا فينا»، فقد يسهل الآن على الأب اختيار اسم شاورما لأحد أبنائه تذكر فيه شطيرة من الدجاج المحمّر لا تتجاوز الـ١٥ ريالاً، تبقى كوصمة عار تلتصق به طول حياته.