قدرت شركة اكيوويذر الخاصة للأرصاد الجوية كلفة الإعصارين إرما الذي يضرب فلوريدا منذ الأحد، وهارفي الذي سبب فيضانات كارثية في تكساس ب290 مليار دولار، او 1,5 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي للولايات المتحدة. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة ومؤسسها جويل ن. مايرز أن "التقديرات المتعلقة بالأضرار التي نجمت عن إرما يفترض أن تبلغ حوالى مئة مليار دولار، ما يجعله واحدا من الأعاصير الأعلى كلفة في التاريخ".
وأوضح أن هذا يعادل نصف نقطة مئوية من الاقتصاد الأمريكي.
وأضاف "تقديراتنا تفيد أن الإعصار هارفي سيكون الكارثة المرتبطة بالأحوال الجوية الأكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة بمبلغ 190 مليار دولار، أي نقطة مئوية واحدة من إجمالي الناتج الداخلي" للولايات المتحدة.
وبالتالي كلف الإعصاران بعد جمع الرقمين 1,5 نقطة مئوية من إجمالي الناتج الداخلي، حسب مايرز الذي أوضح أن ذلك يلغي النمو الاقتصادي المتوقع بين منتصف أغسطس ونهاية السنة.
ووضعت "اكيوويذر" لائحة مفصلة للنفقات التي تسبب هذه الكلفة الكبيرة، من توقف نشاط الشركات إلى ارتفاع البطالة في الأسابيع أن لم يكن الأشهر المقبلة والبنية التحتية المخربة ما يؤدي إلى إبطاء حركة النقل وخسائر زراعية مثل القطن وكذلك 25 بالمئة من محصول البرتقال ما يؤثر على أسعار الاستهلاك.
كما تضمنت ارتفاع أسعار المحروقات من فيول التدفئة إلى الكيروسين والأضرار التي لحقت بالسيارات والمنازل والقطع الأثرية والقطع الفنية الأخرى.
وقال مايرز أن شركات التأمين ستتكفل بجزء فقط من النفقات. لكن جزءا كبيرا من هذه الكلفة لن تشملها التغطية مثل النفقات التي تحملها الأشخاص الذين اجبروا على إخلاء مساكنهم. وكان الإعصار إرما الذب ضرب أرخبيل كيز الجزر الصغيرة التي تعد وجهة سياحية مهمة، صباح الأحد توجه شمالا من جديد ويهدد تامبا المدينة الكبيرة الواقعة على الساحل الغربي لفلوريدا. وادى هارفي الذي ضرب جنوب شرق تكساس في نهاية أغسطس إلى أضرار مادية كبيرة وشل الحركة في رابع مدن البلاد هيوستن التي غمرت المياه عددا كبيرا من مناطقها.
وفي واشنطن، سارع الرئيس دونالد ترمب فور عودته إلى البيت الأبيض بعدما قضى أسبوعا في منتجع كامب ديفيد الرئاسي إلى عقد اجتماع ضم مسؤولين في أجهزة الأمن الداخلي وإدارة الحالات الطارئة اعلن في أعقابه حالة الكارثة الطبيعية في فلوريدا، مؤكدا انه سيزور الولاية المنكوبة "قريبا جدا".
وقالت الرئاسة الأمريكية في بيان أن إعلان حالة الكارثة الطبيعية في فلوريدا سيتيح للولاية الاستفادة من تمويل فدرالي يتضمن "منحا لتوفير سكن موقت وإصلاح المنازل، وقروضا بفوائد متدنية لتغطية خسائر العقارات غير المؤمنة، وبرامج أخرى لمساعدة الأفراد ومالكي المؤسسات على النهوض من تداعيات الكارثة".
وكان ترمب اعلن فور عودته إلى البيت الأبيض انه سيزور "قريبا جدا" فلوريدا لمعاينة الجهود التي تبذلها السلطات لمواجهة الإعصار المدمر. وقال ترمب للصحافيين "سأذهب إلى فلوريدا قريبا جدا"، مضيفا "الآن نحن قلقون على الأرواح وليس على الكلفة". وأشاد ترمب بحسن التنسيق بين مختلف أجهزة الإغاثة الفدرالية والسلطات المحلية.
وقال "سأتوجه الآن للمشاركة في اجتماع. ولكن كل شيء يتوقف على التنسيق. واعتقد أننا ننسق بصورة جيدة جدا، بأفضل ما يمكننا". ونوّه الرئيس الأمريكي بجهود خفر السواحل ووكالة إدارة الحالات الطارئة.
وعصر الأحد بدأ إرما كإعصار ضخم من الدرجة الثالثة (على سلم تصاعدي من خمس درجات) باجتياح أرخبيل كيز في اقصى جنوب شبه جزيرة فلوريدا مع رياح عاتية وصلت سرعتها إلى 215 كيلومترا في الساعة، موقعا في حصيلة أولية ثلاثة قتلى في حوادث مرورية. وفي الساعة 19,35 ت غ دخل إرما مجددا البر الأمريكي من سواحل ماركو آيلاند في غرب الولاية ترافقه رياح سرعتها 185 كلم/ساعة، ولكن ما هي إلا ساعة ونصف حتى تراجعت قوته في الساعة 21,00 ت غ من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية وتراجعت سرعة الرياح المصاحبة إلى 175 كلم/ساعة، بحسب الأرصاد الجوية الأمريكية.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية في نشرة أصدرتها في الساعة 21,00 ت غ أن عين الإعصار المدمر تقع على بعد حوالى 10 كلم شمال مدينة نايبلز الساحلية وان إرما يتقدم باتجاه الشمال بسرعة 22 كلم/ساعة، محذرة من أن الرياح المصاحبة للإعصار ما زالت خطرة وانها تتوقع أيضا حدوث فيضانات خطرة.
وأوضحت الهيئة أن الرياح العاتية البالغة سرعتها 175 كلم/ساعة تعصف بمنطقة شاسعة هي عبارة عن دائرة مركزها عين الإعصار وشعاعها 130 كلم، في حين أن المناطق المحيطة بهذه الدائرة والواقعة ضمن مسافة 350 كلم من مركز الإعصار ستعصف بها رياح عاصفة استوائية.
وأضافت أن الإعصار الضخم يتقدم بسرعة بطيئة في عمق الولايات المتحدة متجها تحو شمال فلوريدا وجنوب غرب فلوريدا التي يتوقع ن يبلغها عصر الاثنين.
ومع تقدم الإعصار في عمق أراضي الولاية تكشفت الأضرار التي خلفها في المناطق الساحلية التي اجتاحها حيث أدت رياحه العاتية وأمطاره الفيضانية إلى إسقاط رافعات بناء وتحويل شوارع إلى انهار وحرمان ملايين السكان من الكهرباء. وليل الأحد وصل الإعصار إلى مقربة من فورت مايرز، المقصد السياحي الرئيسي في جنوب غرب فلوريدا، تصاحبه رياح تصل سرعتها إلى 170 كلم/ساعة.
وبحسب شركة الكهرباء "فلوريدا باور اند لايت" فان الإعصار أدى إلى قطع التيار الكهرباء عن ثلاثة ملايين شخص في أنحاء فلوريدا، مشيرة إلى أنها "أغلقت بأمان" احد المفاعلين النوويين اللذين تشغلهما.
أما في أرخبيل كيز الواقع في اقصى جنوب الولاية والذي غادرته الغالبية العظمى من سكانه باستثناء حفنة قليلة تحدّت قرار الإخلاء الإجباري واضطرت للاحتماء في أقبية منازلها، فأدت رياح الإعصار إلى قطع الحبال في مرسى المراكب واقتلاع أشجار الجيل وتقطيع أسلاك الكهرباء في هذه السلسلة من الجزر الشهيرة بانها مقصد لمحبي هوايتي الصيد والغوص.
وبعدما أوقع 25 قتيلا في جزر الكاريبي وخلّف أضرارا مادية هائلة، حصد إرما الأحد أولى ضحاياه في فلوريدا حيث قتل ثلاثة أشخاص في جنوب الولاية وغربها في حوادث سيارات تسببت بها على الأرجح الرياح العاتية والأمطار الغزيرة.
وقال ارنولد لانييه قائد الشرطة في كونتية هاردي إن شرطية قتلت الأحد في حادث مروري قرب مدينة ساراسوتا على الشاطئ الغربي لولاية فلوريدا، كما قتل سائق السيارة الثانية التي صدمت سيارة الشرطية.
وأضاف أن الشرطية "عملت طوال الليل في مركز إيواء وكانت عائدة إلى منزلها".
وقتل سائق سيارة أخرى السبت عندما اصطدمت سيارته بشجرة قرب كي ويست في جزر كيز، وهي المنطقة الأولى في فلوريدا التي ضربها الإعصار. ووصفت ماغي هويز إحدى سكان جزيرة كي هافن ما شاهدته من نافذة بيتها "اقتلعت السفن من الرصيف، وسوّيت أشجار النخيل بالأرض، وتوشك أسلاك الكهرباء أن تُقطع".
وأضافت عاملة الإنقاذ هذه في اتصال هاتفي مع شبكة "سي إن إن" أنه "يستحيل الخروج من المنزل الآن، لا يمكن لأحد أن يقاوم الرياح التي أراها من النافذة".
وقد أصدرت السلطات أوامر للسكان بإخلاء منازلهم، لكن عددا منهم اختار أن يبقى رغم خطر البقاء في هذه المنطقة المنخفضة جدا والتي يحيط بها البحر من ثلاث جهات. وسبق أن شهدت هذه الجزر إعصارا مدمرا قبل 57 عاما بالتمام والكمال، في العاشر من سبتمبر من العام 1960.
وكانت السلطات أصدرت أوامر بالإخلاء لم يسبق لها مثيل من حيث النطاق، فقد طلبت من ستة ملايين و300 ألف شخص أن يتركوا منازلهم قبل وصول الإعصار إلى فلوريدا.
ووُجه أمر الإخلاء أيضا إلى قاعدة ماكديل الجوية، وهي المقرّ الرئيسي للقيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط (سينتكوم) في مدينة تامبا، التي من المفترض أن يلامسها أو يضربها الإعصار في وقت مبكر الاثنين.
وفي أورلاندو، أغلق مركز كينيدي للفضاء. وإزاء الشعور بالعجز أمام غضب الطبيعة، تحدّث عدد من سكان فلوريدا عن عزمهم أن يطلقوا النار على الإعصار، وهو ما دفع السلطات إلى التحذير من ذلك في ولاية ينتشر فيها حمل السلاح.
وجاء في تغريدة لمكتب السلطات المحلية في باسكو الواقعة على الساحل الغربي لفلوريدا "لنكن واضحين، لا تطلقوا النار على الإعصار، ذلك لن يوقفه، بل ستكون لإطلاق النار تداعيات خطيرة".
ويبدو أن الاقتراح ظهر في البدء من باب الدعابة، لكن البعض أخذوه على محمل الجد، حتى أن هناك من اقترح أن تطلق عليه نيران قاذفات اللهب لتبديده.
وقبل أن يصل الإعصار إلى فلوريدا، دمّر جزرا عدة في الكاريبي موقعا 25 قتيلا، عشرة بينهم في الجهة الفرنسية من جزيرة سان مارتان، التي سيتوجه إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء، واثنان في الجهة الهولندية من الجزيرة نفسها بالإضافة إلى أربعة في الجزر الأميركية العذراء وستة في الجزر البريطانية العذراء وأرخبيل أنغويلا واثنان في بورتوريكو وقتيل واحد في باربودا.
وأعلنت أجهزة الأرصاد الجوية الأمريكية أن شدة الإعصار الذي يتقدم على الساحل الغربي لفلوريدا تراجعت الى الدرجة الأولى الاثنين لكنه ما زال يشكل خطرا كبيرا.
وحدد مركز الإعصار على بعد نحو أربعين كيلومترا شمال شرق مدينة تامبا الكبيرة، ترافقه رياح سرعتها القصوى 140 كلم في الساعة عند الساعة الثانية (06,00 ت غ).
وأبقت السلطات على تحذيراتها من عواصف المد البحري في مناطق واسعة من شبه جزيرة فلوريدا حيث تلقى اكثر من ستة ملايين شخص أوامر بإخلاء بيوتهم.
وتراجعت حدة الرياح المصاحبة إلى نحو 85 ميلا في الساعة وتتوقع السلطات أن يتحول الإعصار إلى عاصفة استوائية مع انتقالها إلى شمال فلوريدا وجنوب جورجيا في وقت لاحق الاثنين.