في اليوم الـ29 من سبتمبر، يحتفل أناس بمعشوقتهم القهوة، إذ أمسى اليوم هو اليوم العالمي للقهوة، ولا يتوان الناس في أرجاء المعمورة من الذهاب إلى المقاهي والاستمتاع بمذاق البُن.
وفي ذاكرة القهوة العربية، لم تكن مباحة بعد أن اكتشفها – كما تروي الكتب - أحد متصوفي اليمن علي بن عمر بن إبراهيم الشاذلي في العام 828 للهجرة، بالتقط قشرة البن ليسهر ذاكرا لله.
وبعد انتشارها بين مريديه من الطريقة الشاذلية إحدى الطرق الصوفية تدريجيا. وحالما وصلت «الشاذلية» إلى مكة المكرمة تم تحريمها حيث قيل بأنها «خمرة مسكرة»، وواجهت حربا شرسة، ما استدعى الأمر إلى جلد بائعها وطابخها وشاربها. وعلى إثر هذا التحريم تعاطاها الناس في أقبية البيوت متخفين عن المحتسبين آنذاك. وروي فيما مضى أنه كانت هنالك مقاهٍ تبدو كالخمارات ويجتمع عليها رجال ونساء مصحوبين بالدف والرباب وغير ذلك من الآلات الموسيقية، ما قاد مجموعة من العلماء إلى تحريمها، ويوزعون العيون لاصطياد المرتادين من محبي «القهوة الشاذلية».
وذكر «الكواكب السائرة» للنجم الغزي أنه «اختلف العلماء في أوائل القرن العاشر في القهوة وفي أمرها، حتى ذهب إلى تحريمها جماعة ترجح عندهم أنها مضرة، وآخر من ذهب إليه بالشام والد شيخنا الشيخ شهاب الدين العيثاوي، ومن الحنفية القطب ابن سلطان، وبمصر الشيخ أحمد بن أحمد بن عبدالحق السنباطي تبعا لأبيه. والأكثرون ذهبوا إلى أنها مباحة، وقد انعقد الإجماع بعد من ذكرناه على ذلك - أي على الإباحة».
وثمة أرجوزة للشاعر عمريطي المتوفى في العام 979 هـ في تحريم القهوة يقول فيها: الحمد لله الذي قد حرما.. على العباد كل مسكر وما يضر في عقل ودين أو بدن.. وما يجر للفساد والمحن اعلم بأن القهوة المشهورة.. كريهة شديدة المرورة ويذكر البعض أنها حرمت بسبب أن القهوة اسم من أسماء الخمرة قديما، ويرى البعض أن ما قصده عمريطي في أرجوزته هي الخمرة وليست القهوة التي يشربها العرب في مجالسهم.
وقد حرمها الشيخ الحنفي، والسيد البليدي، والشيخ الدمياطي، والشيخ عمر الطحلاوي، وغيرهم من شيوخ الدين. وتسبب ذلك في إغلاق المقاهي في مكة في العام 1511، وتم تحطيمها أيضا في القاهرة في العام 1534، ثم انتهى المطاف بفتوى جوازها من علماء الأزهر.