تداول مغردون صورة لحافلة تعود لأواسط القرن الماضي، كتب على جانبها «شركة الفلاح لسياحة السفر عبر الصحراء» إضافة إلى خط سير الرحلة البرية «الكويت – بغداد – عمان – الشام – بيروت – القدس – رام الله – نابلس – جينين»، إذ يبدو من الصورة أن هذا كان خط السير السياحي الأكثر حيويةً في حينها، قبل فترة التأزم العربي، وتساءل متداولو الصورة عما سيحل بحافلات الفلاح، فيما لو قرر ورثتها اليوم إعادة إحياء الشركة وإطلاق رحلات برية على خط السير القديم.
في الغالب سيكون من الصعب تسمية الرحلة بـ«السياحية»، فمنذ انطلاق الرحلة من محطتها الأولى «الكويت» سيكون على ركاب الحافلة أن يعرفوا بأن طريق 80 السريع الذي سيقودهم إلى بغداد عن طريق منفذ العبدلي، يحمل اسم «طريق الموت» منذ أن ربضت عليه بقايا الدبابات العرقية، وهي تحاول الهرب أعقاب غزو الكويت مطلع التسعينات الماضية.
أما المحطة الثانية التي تصل بغداد بعمان مروراً بالفلوجة، فقد كان إلى فترة قريبة تحت سيطرة داعش، مما أدى إلى تعطيل الجانب الأردني لمعبر «طريبيل» الحدودي بعد سيطرة داعش على غرب العراق، قبل تحريرها في 2016 وإعادة فتح المعبر، إلا أن الوضع اليوم ليس أفضل بكثير، فالطريق الصحراوي منذ عصر الميليشيات في العراق وعابروه تحت تهديد قطاع الطرق المستمر.
ولا يخفى عن أحد صعوبة المرور بطريق الشام الدولي لاجتياز محطة «عمان-الشام» المار بدرعا، والتي تشهد أقسى المعارك والإنتهاكات منذ بدايات الثورة السورية في 2011. ولا يختلف الوضع عن المحطة الرابعة بين «الشام وبيروت» المار بجبهة الزبداني والبقاع الغربي، التي كانت محطة لأكثر صور الثورة السورية دمويةً نتيجة للمعارك بين جبهة النصرة وحزب الله.
وفيما يخص رحلة بيروت القدس فهي غير متاحة نهائياً، فوقوع لبنان بين أكثر جبهات المنطقة اشتعالاً، جعل منها ساحة رئيسية في معركة العرب مع اسرائيل، مما أدى إلى إغلاق المعابر بينها وبين الأراضي الفلسطينية نهائياً، وصار من الضروري العودة لأكثر من 400 كم إلى أربد الأردنية للوصول إلى القدس.
وفي رحلة القدس-رام الله فيقول الفلسطينيون على سبيل التندر «لولا الحواجز، لصرنا في رام الله بعشر دقايق»، إلا أن الرحلة في الواقع تستغرق ساعة تقريباً، يضطر فيها قائدو المركبات للمرور بالحواجز الإسرائيلية والمستوطنات. وهو ما ينطبق على رحلتي «رام الله-نابلس» و«نابلس-جينين».