سطعت قبل فترة سيناريوهات مختلفة لأشهر أربع حالات لقضايا عدم تكافؤ النسب، جرى تداولها في الأوساط المحلية، وبدأت أولى هذه الحيثيات في الجوف، إذ صدر حكم بتفريق زوجين هما منصور وفاطمة، غير أنه بعد سنوات من الحكم قضت المحكمة العليا والتي تمثل أعلى جهاز قضائي بالمملكة بنقض الحكم وأعادت الزوجين إلى بعضهما.
وبالنسبة للزوجين عبدالله آل مهدي وسميرة الحازمي المعروفين بقضية عدم تكافؤ النسب بمحافظة القطيف فقد أسدل الستار أخيرا عن قضيتهما وإنهاء معاناتهما التي استمرت لسنوات عدة، إذ أوضح الزوج عبدالله آل مهدي بقوله «قررنا الاجتماع والعودة تحت سقف واحد لعدم صدور حكم شرعي يقضي ببطلان الزواج».
والقضية الثالثة لعدم تكافؤ النسب كانت أكثر إيلاما، وبدأت فصولها في تبوك وانتهت بخمس رصاصات قاتلة في جدة، وذلك عندما تتبع شاب شقيقته ولحقها إلى دار الحماية في جدة بزعم اختيارها الزواج من مقيم (عربي) بعد أن كسبت قضية عضل ضد أسرتها.
ولم تكد تنتهي أحاديث المجالس عن هذه القضية حتى برزت قضية رابعة في محافظة العيينة حيث صدر حكم بتفريق زوجين ما أثار الجدل مجددا وظلت القضية مادة دسمة لمواقع التواصل الاجتماعي على مدى الأيام الماضية.
من كواليس قضية الجوف
ترجع ذاكرة السعوديين إلى سنوات مضت عندما كتب قاضي محكمة الجوف في ذيل صك حكم له: «حكمت بفسخ عقد نكاح المدعى عليه منصور من المرأة فاطمة، وعليها العدة الشرعية، اعتبارا من تاريخ الحكم ويشمل هذا الحكم التنفيذ المعجل بحيث يفارق المدعى عليه المرأة». وبعد مضي أشهر على صدور حكم القاضي بالتفريق بين الزوجين تتالت الأحداث، إذ انتقل الزوجان من الجوف إلى القصيم والخرج وجدة وصولا إلى الدمام، التي فضلت فيها الزوجة فاطمة البقاء في إلاصلاحية على العيش بين إخوانها في الدمام، لأنها لا تريد غير زوجها.
يذكر أنه عقد قران منصور على فاطمة في شهر صفر عام 1424هـ ورفع أخوها غير الشقيق في شهر رمضان من العام نفسه دعوى قضائية يطالب فيها التفرقة بين الزوجين بحجة عدم تكافؤ النسب، وبعد سنوات نقضت المحكمة العليا ذات الحكم الذي أصدرته محكمة الجوف وأمرت بجمع شمل الزوجين وإصلاح البين بينهما.
محامي منصور وفاطمة: حكم التفريق قابل للطعن
أبدى المحامي أحمد بن خالد السديري محامي قضية النسب الشهيرة في الجوف ــ منصور وفاطمة ــ ملاحظته في حكم محكمة العيينة بفسخ نكاح مها التميمي من زوجها علي القرني في قضية عدم تكافؤ النسب، موضحا أن التفريق لا يجوز لأن هناك تكافؤا في النسب، فالفقهاء يعتدون بالنسب، وهو المركز الاجتماعي وليس بالنسب العرقي.
وذكر السديري أن قضية منصور وفاطمة التي انتهت قبل سنوات عدة بنقض المحكمة العُليا الحكم الصادر من محكمة الجوف أعادت شمل الأسرة ودرء الضرر عن الزوجين، لافتا إلى أن هناك موانع شرعية تمنع التفريق بين الزوج وزوجته في قضية محكمة العيينة بحجة عدم تكافؤ النسب، إذ أن ولي الفتاة زوَّجها برضاه وبرضاها ودخل بها الزوج.. كل هذا يمنع التفريق بسبب عدم تكافؤ النسب.
ولفت المحامي السديري أن الفقهاء اختلفوا في النسب أو في الكفاءة، فالكفاءة تتعلّق بالمركز الاجتماعي وليس بالنسب العرقي، وهناك أقوال لأحمد بن حنبل تقول إن الكفاءة هي المركز الاجتماعي، بمعنى أن تاجراً كبيراً لا يزوج زبالاً، ولكن هنا حتى لو أن هناك اختلافاً في العِرق «مثلاً»، فلا يجوز التفريق بينهما لأن وليها زوّجها برضاه وبرضاها ودخل بها الزوج الدخول الشرعي، فهذا ما أجمع عليه كل الفقهاء، مبيناً أنه يلزم على القاضي أن يأخذ بالسابقة القضائية في قضية منصور وفاطمة. وشدد المحامي السديري على أن حكم عدم تكافؤ النسب في العيينة إذا ما اكتسب القطعية يمكن الطعن عليه أمام المحكمة العليا.