43518683ملك سلمان مع اردوغان
43518683ملك سلمان مع اردوغان
-A +A
كتب: محرر الشؤون السياسية
تشهد العلاقات السعودية - التركية، والخليجية - التركية، تطورا ملحوظا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويبدو ذلك جلياً في الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة بين البلدين، والحفاوة الكبيرة التي صاحبت زيارة الملك سلمان إلى أنقرة، وكذلك زيارة أردوغان إلى الرياض، إضافة إلى لقاء ولي العهد الأمير محمد بن نايف والرئيس التركي خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي تم خلاله الاتفاق على اللقاء الذي عقد في أنقرة أخيرا، حيث قلده أردوغان أرفع وسام تركي، وكذلك لقاء ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي على هامش قمة العشرين، وذلك في ظل مواقف أنقرة المساندة لمصالح دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يشير إلى قرب تفعيل مجلس التعاون الإستراتيجي المشترك بين السعودية وتركيا الذي أنشئ أخيرا.

وعلى مدى الـ12 شهرا الماضية، عُقدت 12 قمة تركية - خليجية؛ منها ست قمم جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقادة المملكة، وأربع مع أمير قطر، وقمة مع ملك البحرين، وقمة مع أمير الكويت، وهو ما يشير إلى مدى أهمية العلاقة مع الخليج في ميزان السياسة الخارجية لأنقرة.


وفي هذا الإطار، جاء الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية تركيا، الذي عقد أمس الأول (الخميس) في الرياض، وبحث عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل التعاون في المجالات كافة، إضافة إلى بحث الأوضاع في سورية والعراق واليمن، والتجاوزات والتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة.

وفي الاجتماع الذي رأسه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، ورأس الجانب التركي وزير الخارجية مولود أوغلو، اتفق الجانبان على إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الطرفين، ووضع الأسس المبدئية والفنية التي تسهم في إيجاد أرضية اقتصادية واستثمارية لتسهيل التبادلات الاستثمارية والتجارية وتعجيل معاملاتها، ما يفعل ويعزز عجلة التبادل التجاري بينهما.

رفض «جاستا»

وفيما رفض الوزراء رفضا قاطعا إقرار الكونغرس الأمريكي للقانون المسمى العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)، مؤكدين أنه يخالف مبادئ القانون الدولي، كانت تركيا من أوائل الدول المساندة للمملكة في رفض هذا القانون، وهو الموقف الذي عبر عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حينه بأن بلاده ستدعم المملكة ضد «جاستا»، مبديا أسفه الشديد لتمرير الكونغرس لهكذا قانون ينتهك مبدأ السيادة الوطنية.

التصدي للإرهاب

من جانبها، كان للمملكة ودول الخليج العربي مواقف مشرفة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، إذ أكدت الرياض تضامنها مع القيادة التركية ودعمها لكافة الإجراءات المتخذة في هذا الاتجاه، فيما أصدر مجلس التعاون بيانا رحب فيه بعودة الأمور إلى نصابها في إطار الشرعية الدستورية وإرادة الشعب، مؤكدا حرص دوله على أمن واستقرار الجمهورية التركية وتعزيز العلاقات التاريخية معها.

وفي هذا الإطار، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الوزاري المشترك أمس الأول، أن جماعة فتح الله غولن منظمة إرهابية، بعدما اتهمتها أنقرة بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، وشدد الوزراء على مزيد من التنسيق والتعاون في محاربة الإرهاب واجتثاثه من جذوره، والتصدي للتنظيمات الإرهابية كافة، وعلى رأسها تنظيم «داعش» في سورية والعراق وأينما وجد.

تنسيق سياسي

وما عزز من تصاعد قوة ومتانة علاقات الرياض - أنقرة تلك المصداقية التي اكتسبتها المواقف التركية من خلال اتخاذ إجراءات عملية تدعم أمن ومصالح دول الخليج بشكل عام، والمملكة بوجه خاص، في مقابل دول (بعضها عربية) أعلنت مواقف مضادة لهذه المصالح، خصوصا في ما يتعلق بأهم ملفين في المنطقة (سورية واليمن).

وتعززت مصداقية الموقف التركي مرة أخرى، بمواقف داعمة للاتجاه السعودي في هذين الملفين، بداية من المستوى الدبلوماسي عبر مواقف وزارة الخارجية التركية، وانتهاء بالمستوى العسكري، حيث تشارك القوات المسلحة التركية في دعم المعارضة السورية المعتدلة ضد نظام بشار الأسد، ومواجهة تنظيم داعش الإرهابي.

وأكد الاجتماع الوزاري الخليجي - التركي على هذه المواقف، إذ أعلن الوزراء تضامنهم مع الشعب السوري، وعبروا عن الأسف الشديد لعدم تمكن مجلس الأمن من اتخاذ قرار لوقف الحملة الجوية وقصف المدنيين في حلب، وطالبوه والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف العدوان ورفع المعاناة عن الشعب السوري، فيما أكدوا وحدة اليمن ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، وناشدوا الأطراف كافة على اتخاذ القرارات الصعبة لتحقيق تسوية سياسية شاملة ودائمة للصراع وفقا لقرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.

تحذير إيران

وفي الشأن الإيراني، ظلت أنقرة على تنسيق تام مع الرياض في كافة المواقف التي اتخذتها عقب الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، وحذر الوزراء في اجتماعهم أمس الأول من التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وطالبوها بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وبمبادئ حسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية للدول، وحل النزاعات بالطرق السلمية، مؤكدين على ضرورة التزامها كذلك بالاتفاق الذي توصلت إليه مع مجموعة دول (5+1) في يوليو 2015، بشأن برنامجها النووي.

وفيما كشفت تركيا عن طلب إيران وساطتها لإعادة العلاقات مع السعودية، حدد وزير الخارجية عادل الجبير ثماني نقاط لبناء علاقات مع طهران، أجملها في: الكف عن التدخل في شؤون المملكة وحلفائها، عدم دعم الإرهاب، الابتعاد عن تأجيج الفتن الطائفية في دول المنطقة، عدم قتل الدبلوماسيين وتفجير السفارات، الكف عن تحريض الشعوب على حكوماتهم، أن لا يعتقدوا أنهم أولياء لمن يتبع المذهب الشيعي، أن يعوا أن من يتبعون المذهب الشيعي مواطنون ينتمون إلى دول مستقلة، وأن يتبنوا مبدأ حسن الجوار.