تنتشر مخاوف من انخفاض أعداد النخيل في العقيق. (عكاظ)
تنتشر مخاوف من انخفاض أعداد النخيل في العقيق. (عكاظ)




مواطن يشير إلى مركز جرب التابع لمحافظة العقيق بمنطقة الباحة.
مواطن يشير إلى مركز جرب التابع لمحافظة العقيق بمنطقة الباحة.




مستشفى العقيق
مستشفى العقيق
-A +A
جولة: علي الرباعي (العقيق)
لم يشفع للعقيق قدمها وتاريخها واشتهارها بوفرة مزارع النخيل لتصمد أمام الحضارة التي أتت على طبيعتها، فمنذ أكثر من ثلاثة عقود كانت واحة خضراء لوفرة المياه فيها وسلة غذاء لتحول اليوم إلى كتل إسمنتية شوهت كثيرا من جمالها.

العقيق التي تعد بوابة منطقة الباحة للقادمين عبر المطار، لم يبق فيها سوى 600 مزرعة تحتوي على 48 ألف نخلة منتجة، الأمر الذي يعكس تأثرها بالزحف العمراني الذي أتى على الكثير من المزارع، فيما لازالت المحافظة تعاني من ندرة الخدمات، إذ المستشفى عليل لنقص الكوادر الطبيىة وقصور الخدمات، فيما يشكل طريق الباحة - العقيق الممتد بطول 45 كيلومترا خطورة بالغة، نظرا لتصميمه الذي لم يراع كثرة منعطفاته والمنحدرات وغياب دوريات المرور ورصد ساهر.


نخيل العقيق أعجاز خاوية

يخامر الحزن من عرف عقيق الباحة واديا لا تنقطع مياهه، وواحة غناء بالنخيل والأعناب، لم يعد العقيق عقيقا في ظل توجه البعض إلى الاستعاضة عن مزرعة النخيل بعمارة لا تكلفه أكثر من كلفة بنيانها، فيما يرى المواطن إبراهيم المكي أن الأهالي استغنوا عن شجر النخيل كونه مكلفا في الري والتسميد والتلقيح والقطع والتعبئة في ظل وفرة التمور في الأسواق بسعر أقل.

فيما عزا سليمان الغامدي يباس النخل إلى شح المياه، ما أفقد مزارع العقيق إرثها الحضاري، واصفا العقيق بواحة إسمنتية وخرسانية بعد أن كانت سلة غذاء للباحة.

ويؤكد محمد بن علي الغامدي، أن المحافظة مؤهلة لأن تكون في مصاف الواحات الخصبة لإنتاج التمور في منطقة الباحة، موضحا أنها كانت تنتج التمرالصفري الذي يعد من أجود الأنواع في المملكة لكبر حجمه وطعمه اللذيذ، وأبدى أسفه أن نخيل العقيق بدأ يعاني منذ عدة أعوام بسبب قلة المياه بشكل كبير وجفاف الآبار في بعض المزارع، وعزا إلى سد العقيق والآبار المغذية للسقيا سببا لشح المياه وانقطاعها تماما من الوادي الذي كانت تمتد على جانبيه مزارع النخيل، ما تسبب في القضاء على الكثير من المزارع، وتحول خضرتها إلى أعجاز نخل خاوية، مؤملا أن يفتح سد العقيق ولو مرة واحدة في العام كي تستعيد الآبار التي تقع على جنبات الوادي حيويتها وتضخ الماء للمزارع.

المزارع عبدالله بن عايض يرى أن العناية بالنخيل تضاءلت؛ كون الأجيال الشابة لا تعي أهمية النخيل ولا تثمن دورها التاريخي في تأمين حياة إنسان المنطقة، ما يدفع كثيرين إلى تدمير المزرعة وإقامة شقق مفروشة أو عمارة سكنية، مؤكدا مقاومة بعض المزارع التي تقع في أطراف العقيق، إذ توجد بها حياة لشجرة النخيل لوجود بعض المياه الكافية لإنتاج بعض التمور للاستهلاك المنزلي.

ويرصد المزارع علي بن سعد الغامدي تناقصا في النخيل بشكل كبير جدا، مؤملا من زراعة المنطقة التدخل لحل بعض الإشكالات التي تواجه الكثير من المزارعين للحد من انقراض النخل بصورة مفزعة، ودعا الجمعية الزراعية بالمنطقة إلى حل الكثير من المعوقات الكفيلة بانقراض هذه الشجرة الجميلة من المحافظة، مبينا أن التزايد في العمران سبب إلغاء العديد من المزارع، مشيرا إلى أن بعض أحياء العقيق كانت مزارع في سابق الأيام وأصبحت الآن عمرانا ومساكن فيما كان التوسع في بعض الطرق كفيلا أيضا بإلغاء بعض المزارع أو أجزاء منها لخدمة الصالح العام.

من جانبها، أوضحت الشؤون الزراعية بمحافظة العقيق أن عدد المزارع بمحافظة العقيق لا يتعدى 600 مزرعة تحتوي على 48 ألف نخلة منتجة، مشيرة إلى عدم توفر إحصاء بالمزارع غير المنتجة، وليس هدفنا في المسح إلا المنتج فقط في وقت غزارة الإنتاج، وأقرت الزراعة بأن شح المياه أجبر الكثير من الأهالي إلى اللجوء إلى شبكة المياه المحلاة التي تضر بالمنتج بسبب وجود الكلور في المياه، مؤكدة تناقص عدد المزارع سنة بعد أخرى بسبب شح المياه والتطاول في البنيان، موضحة أنها نفذت دورات توعية للمزارعين.

فيما دعا مساعد أمين الباحة المهندس عبدالعزيزالمالكي الجهات المعنية إلى الحد من البناء في المزارع، ما يهدد الرقعة الخضراء -الشحيحة في بعض المواقع- وينذر بتهديد التوازن البيئي. في ظل المصانع والكسارات والخلاطات والشاحنات.

مستشفى العقيق عليل

تطلّع أكثر من 40 ألف مواطن في عقيق الباحة إلى انتهاء معاناتهم مع قصور الخدمات الصحية عندما تم افتتاح مستشفى العقيق منذ تسعة أعوام، إلا أن الشكوى من المستشفى لم تتوقف، فهناك نقص ملحوظ في الأقسام، وتقلّص عدد أطباء قسم الطوارئ من ثلاثة مناوبين على مدار الساعة إلى طبيب واحد، إضافة إلى السرعة في نقل الأطباء، إذ كل ما تم تعيين طبيب ووثق المواطنون به تم نقله إلى خارج المحافظة.

ويؤكد المواطن عايض بن مساعد لـ«عكاظ» أن خدمة المراكز الصحية أفضل من مستشفى محافظة العقيق في الباحة، ويرى أنه قبل نحو تسع سنوات استبشر أهالي المحافظة ومراكزها خيرا بخدمات صحية مميزة، لاسيما أن محافظة العقيق أكبر محافظات منطقة الباحة من حيث المساحة، ويتبع لها ستة مراكز مترامية الأطراف، ويقارب عدد سكانها 40 ألف نسمة، كانوا طوال السنوات الماضية يعانون من فقر الخدمات الصحية، ويتكبدون في سبيل الوصول إلى أقرب المستشفيات إليهم (مستشفى الملك فهد في الباحة ومستشفى بلجرشي) مشاق السفر وعذاب الألم، وكثيرا ما يخطف الموت مرضاهم قبل الوصول إلى تلك المستشفيات، ويؤكد أن المؤسف في الأمر أن سنوات عمر مستشفى العقيق تحولت إلى «تسع عجاف»، عدا بعض فترات النقاهة التي لا تكاد تُذكر في عقده الأول.

وأوضح أنه منذ افتتاحه وحتى الآن لم يقدم ما يشفع له ليستحق مسمى المستشفى العام، بدءا من سعته السريرية التي لا تتوازى مع عدد سكان المحافظة المحتاجين للرعاية الصحية، وليس انتهاء بخدماته التي تفتقر إلى التنظيم والجودة، وعدد من شواهد سوء حال المستشفى خدمات قسم الطوارئ الذي لا يقدم للمرضى سوى الإهمال والانتظار المرير، وأضاف: «ليست الأقسام الأخرى والعيادات أفضل حالا من الطوارئ، في ظل القصور الواضح في الكادر الطبي والتمريضي، والنقص في التجهيزات والمعدات الطبية، وغياب قسم للعناية المركزة. ويصفه بمركز للرعاية الصحية الأولية تحت مسمى مستشفى».

طريق الباحة - العقيق «موت متربص» ومرور «غائب عن المشهد»

يسجل طريق مطار الباحة الممتد بطول 45 كيلومترا حوادث مميتة، ويرى فيصل الثنيان أحد مرتادي الطريق أن إشكال الطريق يرتبط بتصميمه الخطير جدا، وأضاف أن من صممه لم يرع ويراع الخطورة المؤكدة في بعض منعطفاته، وكثرة المنحدرات ما يغري الشباب بالسرعة في ظل غياب دوريات المرور ورصد «ساهر».

ويرى أنه إذا كانت الحوادث المرورية في منطقة الباحة تصل إلى 100 حادثة شهريا فإن 80% منها في طريق المطار، ودعا إدارة مرور الباحة إلى وضع حد لهذه الفواجع، إذ إن الطريق خال من دوريات المرور عدا نقاط التفتيش في بعض الأحيان.

مركز جرب: 8 آلاف مواطن بدون إدارات خدمية

أوضح أحد أعيان مركز جرب التابع لمحافظة العقيق عبدالله المسلمي أن المركز برغم موقعه الإستراتيجي على مجمع طرق (طريق الرياض وطريق الطائف وطريق عسير) يفتقد المركز لخدمات كثيرة، منها المحكمة والبلدية والأحوال والمستشفى، مؤملا أن يتم افتتاح قسم طوارئ، نظرا لكثرة الحوادث على الطرق، ويؤكد أن مخطط القطعاء يعاني منذ 15 سنة من نقص الخدمات مثل الكهرباء والسفلتة والمياه والهاتف. وقال: «مع الأسف نفذت شركات الطرق إلى المركز عبارات صغيرة لا تفي بالغرض أثناء هطول الأمطار الغزيرة، كما أدعو إلى تكثيف الدوريات الأمنية في ظل كثرة المهربين والمجهولين أو مروجي المخدرات وباعة الأسلحة».

وأشار إلى كثرة الحوادث على طريق الرياض الرابط بين العقيق وجرب لعدم وجود دوريات أمن الطرق والمرور بحجة عدم تسلم الطريق من وزارة النقل، علما بأن المفتوح منه قرابة 30 كيلومترا وحوادثه مميتة، نظرا لتعمد البعض عكس السير لتباعد التقاطعات والتحويلات.