-A +A
أحمد سكوتي (جدة)
قبل إشعار «غير معلن» لانطلاقة دوي صافرات قطار الحرمين معلنا رحلات بين أقدس البقاع ومنهيا معاناة ملايين المسافرين في المنطقة الغربية للسعودية، دوت صافرات أخرى أمس (الإثنين) لكنها باتت مغايرة لما كان ينتظره ويترقبه الملايين.

لم تكن سوى أصوات استغاثة لانتشال عمال سقطوا كرها بين قضبان تحت التركيب، بعدما انحرفت «السلامة» وتصدعت قضبانها وانهارت الجودة في أول اختباراتها.


ولأنها مؤسسة «حديدية» كان يفترض عليها وهي تضخ عمالها وكوادرها لوضع لبنات المشروع المهم أن تدرك أن الخسارة في أي منظومة سلامة داخلها تعني الموت، وأقل الأضرار فيها تعني الإعاقة الأبدية ببتر الأيادي والأقدام، تحت عجلات لا يجرؤ أحد على تطويعها لتعترف بالإنسانية، ولا يفترض أن تمتثل لهامش الأخطاء ولو في حاجز أقل من العلامة العشرية.

ولأنها مؤسسة ترعى أبجديات أول مشروع عملاق يربط أقدس البقاع ويفترض أن يحمل أغلى الأنفس، كان عليها أن تلتفت جيدا لما ينفذ وما يضمن سلامة من ينفذون المشروع، وأن تضع النقاط على الحروف، لتعلن سريعا من المخطئ.

لكن المؤسسة التي انشغلت قبل أيام بنفي "أسرع من البرق" لمقطع مفبرك على وسائل التواصل الاجتماعي يزعم أنه لقطار الحرمين وهو يسير عبر مسارات غير محمية، مؤكدة أنه ليس قطارها، صارت "تحبو" أمس وهي لا تعرف كيف تروي واقع الحادثة التي باتت رهن القيل والقال.

والغريب أن المؤسسة رفعت كتاب السلامة في أولى صفحات إدارة الجودة في باب المرافق والخدمات داخل مجلدها الإلكتروني، ونسيت أن العبرة بالتطبيق وليس بمجرد القص واللصق «cut & past» لكتب ومجلدات.

السبت الماضي انفضحت فرية القطار الذي يسير دون حواجز واتضح أنه ليس قطار الحرمين، وأمس حدث واقع لا يعرف التزييف بموت تحت عجلات قيد التركيب من المفترض أن تعد لتنقل أرواحا بريئة تسلم نفسها لمن يرقى لخدمتها، ولا عزاء لمعايير السلامة الورقية!.