-A +A
.
جاءت ميزانية العام 2017 التي أعلنت أمس ثمرة لمثابرة المملكة على تحمل مسؤولياتها -قيادة وشعباً- لمواجهة تحديات الاضطراب المالي في العالم، وعدم الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة، والحرب التي تخوضها السعودية على رأس التحالف العربي لحماية الحدود الجنوبية، وإعادة الشرعية والاستقرار لليمن. وفوق ذلك كله وضعت المملكة تضحيات يستحقها الوطن العزيز، من إلغاء لمشاريع، ورفع جزئي للدعم المخصص للوقود والطاقة. ولهذا كله جاءت ميزانية 2017 بأرقام تبعث الاطمئنان في النفوس، وتزيد الأمل في بلوغ التوازن المنشود في الميزانية السعودية بحلول 2020. وهو أمل ينبع من واقع أرقام العجز الذي نجحت المملكة في خفضه بأكثر من الثلث، وهي أرقام فاقت التوقعات السعودية، وحسبتها جهات خارجية ضرباً من الأحلام والتمني. ولعلّ تلك الأرقام الجيدة دفعت المخططين لزيادة الإنفاق الحكومي 2017 لتشجيع نمو الاقتصاد الوطني، وتحقيق الأهداف الكبرى لرؤية المملكة 2030.

وأكثر ملمح يلفت الانتباه إلى ميزانية 2017 أنها ليست كأي من سابقاتها، لجهة إعدادها بشفافية غير مسبوقة، ومقارنتها بميزانيات سنوات سابقة عدة. وبدا لافتاً أيضاً أثر تفعيل المكاتب والوحدات المتخصصة التي أنشأها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لتحقيق الانضباط المالي، وترشيد النفقات الحكومية، ومعالجة مسائل الديْن العام. كما أن بيانات ميزانية 2017 تؤكد جدية الجهات المعنية بضمان الاتساق العام مع أهداف رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020 الذي يعد البرنامج التنفيذي للرؤية. وجاء تعاطي وزارة المالية مع ميزانية 2017 ليمثل قمة الانسجام مع الجهات الأخرى المعنية بتلك الأهداف والبرامج.


وكما أشار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عند افتتاحه الدورة السابعة من مجلس الشورى الأسبوع الماضي، فإن التضحيات التي يتطلبها إنفاذ أهداف الرؤية وبرنامجها التنفيذي قد تكون مؤلمة مرحلياً، ولكنها لا بد منها حتى تنجو المملكة من المخاطر والتحديات التي تحدق بها.