تضمنت وثائق مكتب رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر التي نُزعت السرية عنها في آخر يوم من العام 2016، بموجب قانون سرية الوثائق المعمول به في بريطانيا، وثيقة مهمة تكشف جوانب قيادية وإنسانية في شخصية العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - بعدما تلبدت غيوم المنطقة، منذرة باندلاع حرب الخليج الثانية، التي اشتهرت بالغزو العراقي للكويت. وتمثل الوثيقة المرسلة من وزير الخارجية البريطاني آنذاك دوغلاس هيرد إلى تاتشر، ملخصاً لمجريات مقابلة في الرياض بين الملك فهد وهيرد، استغرقت ساعة و 45 دقيقة، تحدث فيها الملك فهد ساعة وربع الساعة بلا انقطاع.
وتكشف الوثيقة - التي اطلعت عليها «عكاظ» بأرشيف الحكومة البريطانية في لندن - زعامة الملك فهد بن عبدالعزيز، وسلوكه «الأبوي» تجاه بعض زملائه الزعماء العرب، وجنوحه للمصالحة، حتى مع الزعماء «المتقلبين» الذين حاولوا خداعه. وتظهر أيضاً محاولاته المخلصة لتفهم ما يشعر به بعض أولئك الزعماء من مظالم. وكذلك حزمه وعزمه على ألا يحسبن أحد منهم ذلك العطف ضعفاً.
كتب الوزير هيرد (حالياً البارون هيرد أوف ويستويل)، الذي خدم في وزارة الخارجية والكومونويلث (رابطة الشعوب البريطانية - أي المستعمرات السابقة)، في عهدي تاتشر وخلفها جون ميجور (من 1989 إلى 1995)، رسالته للمكتب رقم (10)، دوانينغ ستريت (مقر رئيسة الحكومة)، في 4 سبتمبر 1990. ويورد فيها تفاصيل محادثاته مع الملك فهد، التي اكتفت وسائل الإعلام السعودية بالقول إنها تناولت العلاقات الثنائية، والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. وبدا من سياق الرسالة كأن الملك فهد ألقى للوزير البريطاني محاضرة نادرة في شؤون المنطقة، تكشفت خلالها أسرار زعامته وحكمته.
ذكر العاهل السعودي الراحل لوزير خارجية بريطانيا أنه يدرك عصبية صدام حسين، ويشعر بأن الرئيس العراقي يبحث عن مخرج، بعدما غزا دولة الكويت. وتمسك الملك فهد بأن صدام حسين يجب أن ينسحب من الكويت من دون شروط. لكنه تمسك أيضاً بأن أي تدخل عسكري لإخراج صدام من الكويت يجب أن يكتسب شرعية من خلال إقراره في الأمم المتحدة. وأوضح الملك فهد أنه يعرف «فساد» الرئيس اليمني (المخلوع لاحقاً) علي عبدالله صالح، وقلل من شأن مساندة صالح للرئيس العراقي الراحل. وقد أثبت التاريخ صحة ما ذهب إليه الملك فهد في شأن خبث الرئيس اليمني المخلوع، إذ أعلن في عام 2014 تحالف خيانة مع جماعة الحوثيين الممقوتة لتعقيد الوضع في اليمن.
وطبقاً للوثيقة البريطانية، فإن الملك فهد أوضح أنه على الرغم من أساليب العاهل الأردني الراحل الملك حسين، إلا أنه كان حريصا على احتضانه لابعاده عن زمرة القادة العرب «الأشرار».
بدأ الملك محادثاته مع الوزير هيرد بشرح تاريخ مشكلات صدام حسين مع إيران. وذكر أن صدام زاره قبل اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية، وتحدث مهدداً، بعداء شديد، بمحو إيران من الوجود. ونصحه العاهل السعودي بأن مثل ذلك التصرف أمر لا منفعة فيه. لكن صدام لم يشأ أن يستمع، وذهب للحرب. وحين بدا أن إيران كانت على وشك الانتصار، قال الملك فهد إنه لم يكن أمامه خيار سوى مساندة صدام، لتجنب مخاطر أي نصر إيراني.
وأشار الملك فهد إلى أنه يتابع مساعي صدام حسين المحمومة لحشد الزعماء العرب اليائسين آنذاك، للانضمام إلى تكتل مناهض للسعودية. وكيف كان الملك حسين، وعلي عبدالله صالح، وياسر عرفات، ورئيسا السودان وموريتانيا يقومون بجولات في المنطقة للترافع نيابة عن صدام، ويحفزهم الأخير بنصيب مما سيغنمه في الكويت. وذكر الملك فهد بن عبدالعزيز أنه مستغرب كيف يُشغل الرئيس الموريتاني نفسه بشؤون السعودية والخليج، بينما تخوض بلاده النائية جغرافيا عن منطقة الخليج نزاعاً حدودياً مع جارتها السنغال.
وأثنى العاهل السعودي الراحل على الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذها موقفاً حازماً ضد صدام حسين، وتفاهمها على عدم السماح بأي سابقة لتحمل عدوان من ذلك القبيل. (وهو وضع مناقض تماماً لما عليه الحال راهناً، إذ يبدو بعض تلك الدول الأعضاء سعيدة وهي ترى بشار الأسد يقوم بإبادة الشعب السوري). وقال الملك فهد إنه لا يفهم الأسباب التي دفعت الدول المؤيدة لصدام حسين إلى تأييده، لأن بإمكانه بسهولة أن يفعل بها ما فعله بالكويت. وبدا واضحاً خلال المقابلة أن الملك فهد كان يشعر بخيبة أمل في موقف الملك حسين، أكبر من خيبة أمله في موقف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي تشير وثائق أخرى بأرشيف الحكومة البريطانية إلى أنه على رغم أسلوبه المخادع، فإن الملك فهد ظل يغدق عليه المساعدات المالية. كما أشار الملك فهد إلى خيبة أمله في الرئيس اليمني علي عبدالله صالح. بيد ان الملك فهد كان محباً للملك حسين، وكان يحرص على حمايته من كل المخاطر. وقدمت المملكة العربية السعودية دعماً غير مشروط للأردن. وكانت الدولة العربية الوحيدة في ذلك. وكانت الدولة الوحيدة في قمة بغداد التي تعهدت بجميع الالتزامات المالية للأردن. وكشف الملك فهد للوزير هيرد أن الملك حسين زاره قبل أربعة أشهر للحصول على دعم مالي. وعلى رغم انخفاض عائدات النفط آنذاك، فإن الملك فهد قرر دعم الملك حسين بـ 300 مليون دولار. وأضاف أن الأردن يأخذ نفطاً سعودياً مجاناً من خطوط أنابيب نقل النفط، وحين تفاقمت ديون السعودية على الأردن حتى بلغت 300 مليون دولار، أمر الملك فهد بن عبدالعزيز بشطبها. وكان تمسك الملك فهد بنغمة المصالحة - على رغم تقلب الزعماء والخيانات العربية - دليلاً على زعامة الملك فهد التي تنحو لتغليب المصالح العليا للأمة على الموجدة الشخصية.
وأوضح العاهل السعودي الراحل أنه كان حريصاً على ألا يحسب صدام حسين عطفه ضعفاً. وقال إنه حريص أيضاً على ألا تمر الفظائع التي ارتكبها صدام بلا محاسبة. وأشار إلى سوء معاملته الأجانب الذين اعتقلهم في بغداد، وكيف كان صدام يصف نفسه بأنه «هتلر الشرق الأوسط». وفي الوقت نفسه كان الملك فهد حريصاً على إنقاذ الملك حسين من الدخول في المتاهة. وكان قلقاً بوجه الخصوص من أن تؤثر سياسات العاهل الأردني الراحل في أوضاع بلاده الداخلية، ويصبح الأردن معرضاً للهجوم عليه من إسرائيل، والثوار الفلسطينيين، ومن صدام حسين نفسه. وتمسك الملك فهد بأن على الولايات المتحدة أن تبذل جهداً لإنقاذ الملك حسين من مخاطر سياساته. وتعهد بأن تقدم السعودية ودول الخليج مساندة كاملة للأردن إذا تخلى عن تأييده لصدام حسين.
وتساءل الملك فهد عن ردود أفعال الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية على مزاعم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح التوسط في أزمة غزو الكويت. وأحيط العاهل السعودي علماً بأن علي عبدالله صالح أكثر عدوانية في مجالسه الخاصة من تصريحاته العلنية، وهو مناقض تماماً لمحاولته تصوير نفسه باعتباره قادراً على حل أزمة الخليج. وتنتهي الرسالة بتعليق من سفير بريطانيا لدى السعودية آنذاك سير ألان مونرو، الذي ذكر أنه أعجب بنبرة الحذر التي سادت حديث الملك فهد بن عبدالعزيز، وتشديده على ضرورة نهج متدرج لحل قضية الاحتلال العراقي للكويت. وأشار إلى أنه يعتقد بأن العاهل السعودي الراحل مخلص في رغبته في إعادة الملك حسين إلى الصف العربي. لكنه رأى أن الملك فهد متفائل أكثر مما يلزم حيال موقف الصين كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ومن يطالع هذه الوثيقة سيعرف أن التاريخ اثبت صحة مواقف ونظرات الملك فهد بن عبدالعزيز. فقد أكد حديثه عن إيران أنها لا تزال حتى اليوم أكبر تهديد للسعودية وللعالم العربي والإسلامي. وكذلك حديثه عن المخلوع علي عبدالله صالح الذي أكد تعاقب الأيام أنه خائن، وعميل، وخبيث، وناكر لكل جميل. وكذلك حديث الملك فهد - رحمه الله - عن صدام حسين وأمثاله ممن يبررون فظائعهم بمناهضة إسرائيل، وهو عين ما يفعله بشار الأسد بعد عقود من رحيل الملك فهد بن عبدالعزيز. وقد اضطر الملك حسين في نهاية المطاف للانقلاب على صدام حسين، والعودة إلى الصف العربي. ونجح العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في جهوده المبكرة للعناية ببشار الأسد. لكن طبعه الذي غلب تطبعه لم ينقذه من براثن النفوذ الإيراني والخضوع لميليشيا «حزب الله» اللبناني الإرهابي الذي يتبع إيران.
وتكشف الوثيقة - التي اطلعت عليها «عكاظ» بأرشيف الحكومة البريطانية في لندن - زعامة الملك فهد بن عبدالعزيز، وسلوكه «الأبوي» تجاه بعض زملائه الزعماء العرب، وجنوحه للمصالحة، حتى مع الزعماء «المتقلبين» الذين حاولوا خداعه. وتظهر أيضاً محاولاته المخلصة لتفهم ما يشعر به بعض أولئك الزعماء من مظالم. وكذلك حزمه وعزمه على ألا يحسبن أحد منهم ذلك العطف ضعفاً.
كتب الوزير هيرد (حالياً البارون هيرد أوف ويستويل)، الذي خدم في وزارة الخارجية والكومونويلث (رابطة الشعوب البريطانية - أي المستعمرات السابقة)، في عهدي تاتشر وخلفها جون ميجور (من 1989 إلى 1995)، رسالته للمكتب رقم (10)، دوانينغ ستريت (مقر رئيسة الحكومة)، في 4 سبتمبر 1990. ويورد فيها تفاصيل محادثاته مع الملك فهد، التي اكتفت وسائل الإعلام السعودية بالقول إنها تناولت العلاقات الثنائية، والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. وبدا من سياق الرسالة كأن الملك فهد ألقى للوزير البريطاني محاضرة نادرة في شؤون المنطقة، تكشفت خلالها أسرار زعامته وحكمته.
ذكر العاهل السعودي الراحل لوزير خارجية بريطانيا أنه يدرك عصبية صدام حسين، ويشعر بأن الرئيس العراقي يبحث عن مخرج، بعدما غزا دولة الكويت. وتمسك الملك فهد بأن صدام حسين يجب أن ينسحب من الكويت من دون شروط. لكنه تمسك أيضاً بأن أي تدخل عسكري لإخراج صدام من الكويت يجب أن يكتسب شرعية من خلال إقراره في الأمم المتحدة. وأوضح الملك فهد أنه يعرف «فساد» الرئيس اليمني (المخلوع لاحقاً) علي عبدالله صالح، وقلل من شأن مساندة صالح للرئيس العراقي الراحل. وقد أثبت التاريخ صحة ما ذهب إليه الملك فهد في شأن خبث الرئيس اليمني المخلوع، إذ أعلن في عام 2014 تحالف خيانة مع جماعة الحوثيين الممقوتة لتعقيد الوضع في اليمن.
وطبقاً للوثيقة البريطانية، فإن الملك فهد أوضح أنه على الرغم من أساليب العاهل الأردني الراحل الملك حسين، إلا أنه كان حريصا على احتضانه لابعاده عن زمرة القادة العرب «الأشرار».
بدأ الملك محادثاته مع الوزير هيرد بشرح تاريخ مشكلات صدام حسين مع إيران. وذكر أن صدام زاره قبل اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية، وتحدث مهدداً، بعداء شديد، بمحو إيران من الوجود. ونصحه العاهل السعودي بأن مثل ذلك التصرف أمر لا منفعة فيه. لكن صدام لم يشأ أن يستمع، وذهب للحرب. وحين بدا أن إيران كانت على وشك الانتصار، قال الملك فهد إنه لم يكن أمامه خيار سوى مساندة صدام، لتجنب مخاطر أي نصر إيراني.
وأشار الملك فهد إلى أنه يتابع مساعي صدام حسين المحمومة لحشد الزعماء العرب اليائسين آنذاك، للانضمام إلى تكتل مناهض للسعودية. وكيف كان الملك حسين، وعلي عبدالله صالح، وياسر عرفات، ورئيسا السودان وموريتانيا يقومون بجولات في المنطقة للترافع نيابة عن صدام، ويحفزهم الأخير بنصيب مما سيغنمه في الكويت. وذكر الملك فهد بن عبدالعزيز أنه مستغرب كيف يُشغل الرئيس الموريتاني نفسه بشؤون السعودية والخليج، بينما تخوض بلاده النائية جغرافيا عن منطقة الخليج نزاعاً حدودياً مع جارتها السنغال.
وأثنى العاهل السعودي الراحل على الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذها موقفاً حازماً ضد صدام حسين، وتفاهمها على عدم السماح بأي سابقة لتحمل عدوان من ذلك القبيل. (وهو وضع مناقض تماماً لما عليه الحال راهناً، إذ يبدو بعض تلك الدول الأعضاء سعيدة وهي ترى بشار الأسد يقوم بإبادة الشعب السوري). وقال الملك فهد إنه لا يفهم الأسباب التي دفعت الدول المؤيدة لصدام حسين إلى تأييده، لأن بإمكانه بسهولة أن يفعل بها ما فعله بالكويت. وبدا واضحاً خلال المقابلة أن الملك فهد كان يشعر بخيبة أمل في موقف الملك حسين، أكبر من خيبة أمله في موقف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي تشير وثائق أخرى بأرشيف الحكومة البريطانية إلى أنه على رغم أسلوبه المخادع، فإن الملك فهد ظل يغدق عليه المساعدات المالية. كما أشار الملك فهد إلى خيبة أمله في الرئيس اليمني علي عبدالله صالح. بيد ان الملك فهد كان محباً للملك حسين، وكان يحرص على حمايته من كل المخاطر. وقدمت المملكة العربية السعودية دعماً غير مشروط للأردن. وكانت الدولة العربية الوحيدة في ذلك. وكانت الدولة الوحيدة في قمة بغداد التي تعهدت بجميع الالتزامات المالية للأردن. وكشف الملك فهد للوزير هيرد أن الملك حسين زاره قبل أربعة أشهر للحصول على دعم مالي. وعلى رغم انخفاض عائدات النفط آنذاك، فإن الملك فهد قرر دعم الملك حسين بـ 300 مليون دولار. وأضاف أن الأردن يأخذ نفطاً سعودياً مجاناً من خطوط أنابيب نقل النفط، وحين تفاقمت ديون السعودية على الأردن حتى بلغت 300 مليون دولار، أمر الملك فهد بن عبدالعزيز بشطبها. وكان تمسك الملك فهد بنغمة المصالحة - على رغم تقلب الزعماء والخيانات العربية - دليلاً على زعامة الملك فهد التي تنحو لتغليب المصالح العليا للأمة على الموجدة الشخصية.
وأوضح العاهل السعودي الراحل أنه كان حريصاً على ألا يحسب صدام حسين عطفه ضعفاً. وقال إنه حريص أيضاً على ألا تمر الفظائع التي ارتكبها صدام بلا محاسبة. وأشار إلى سوء معاملته الأجانب الذين اعتقلهم في بغداد، وكيف كان صدام يصف نفسه بأنه «هتلر الشرق الأوسط». وفي الوقت نفسه كان الملك فهد حريصاً على إنقاذ الملك حسين من الدخول في المتاهة. وكان قلقاً بوجه الخصوص من أن تؤثر سياسات العاهل الأردني الراحل في أوضاع بلاده الداخلية، ويصبح الأردن معرضاً للهجوم عليه من إسرائيل، والثوار الفلسطينيين، ومن صدام حسين نفسه. وتمسك الملك فهد بأن على الولايات المتحدة أن تبذل جهداً لإنقاذ الملك حسين من مخاطر سياساته. وتعهد بأن تقدم السعودية ودول الخليج مساندة كاملة للأردن إذا تخلى عن تأييده لصدام حسين.
وتساءل الملك فهد عن ردود أفعال الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية على مزاعم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح التوسط في أزمة غزو الكويت. وأحيط العاهل السعودي علماً بأن علي عبدالله صالح أكثر عدوانية في مجالسه الخاصة من تصريحاته العلنية، وهو مناقض تماماً لمحاولته تصوير نفسه باعتباره قادراً على حل أزمة الخليج. وتنتهي الرسالة بتعليق من سفير بريطانيا لدى السعودية آنذاك سير ألان مونرو، الذي ذكر أنه أعجب بنبرة الحذر التي سادت حديث الملك فهد بن عبدالعزيز، وتشديده على ضرورة نهج متدرج لحل قضية الاحتلال العراقي للكويت. وأشار إلى أنه يعتقد بأن العاهل السعودي الراحل مخلص في رغبته في إعادة الملك حسين إلى الصف العربي. لكنه رأى أن الملك فهد متفائل أكثر مما يلزم حيال موقف الصين كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ومن يطالع هذه الوثيقة سيعرف أن التاريخ اثبت صحة مواقف ونظرات الملك فهد بن عبدالعزيز. فقد أكد حديثه عن إيران أنها لا تزال حتى اليوم أكبر تهديد للسعودية وللعالم العربي والإسلامي. وكذلك حديثه عن المخلوع علي عبدالله صالح الذي أكد تعاقب الأيام أنه خائن، وعميل، وخبيث، وناكر لكل جميل. وكذلك حديث الملك فهد - رحمه الله - عن صدام حسين وأمثاله ممن يبررون فظائعهم بمناهضة إسرائيل، وهو عين ما يفعله بشار الأسد بعد عقود من رحيل الملك فهد بن عبدالعزيز. وقد اضطر الملك حسين في نهاية المطاف للانقلاب على صدام حسين، والعودة إلى الصف العربي. ونجح العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في جهوده المبكرة للعناية ببشار الأسد. لكن طبعه الذي غلب تطبعه لم ينقذه من براثن النفوذ الإيراني والخضوع لميليشيا «حزب الله» اللبناني الإرهابي الذي يتبع إيران.