منتجات مقلدة تملأ الأسواق. (تصوير: أمل السريحي)
منتجات مقلدة تملأ الأسواق. (تصوير: أمل السريحي)
منتجات مقلدة تملأ الأسواق. (تصوير: أمل السريحي)
منتجات مقلدة تملأ الأسواق. (تصوير: أمل السريحي)
منتجات مقلدة تملأ الاسواق. (تصوير: أمل السريحي)
منتجات مقلدة تملأ الاسواق. (تصوير: أمل السريحي)
شراء مستحضرات المكياج من المحلات الموثوقة ضمان لسلامة البشرة.  (تصوير: أمل السريحي)  amalalseraihy@
شراء مستحضرات المكياج من المحلات الموثوقة ضمان لسلامة البشرة. (تصوير: أمل السريحي) amalalseraihy@
-A +A
ذكرى السلمي(جدة)
zekraalsolami@

تمكنت منتجات المكياج والتجميل المقلدة بإغراق السوق، حتى باتت الجهات المعنية من الجمارك ووزارة التجارة والاستثمار، إضافة إلى هيئة الغذاء والدواء أمام مأزق حقيقي في مطاردة تلك البضائع وإحكام القبضة على السوق، حتى لا يبقى منفذ يستقبلها. وتدعم عدة عوامل انتشار بضائع المكياج والتجميل النسائية في الأسواق وبين صفوف المتسوقات، بيد أن سعر المنتج المنخفض يشكل العامل الرئيسي بحسب بائعات في إحدى الأسواق في مدينة جدة تحدثن إلى «عكاظ»، مشيرات إلى أن أسعار المنتجات المقلدة لماركات عالمية تتراوح بين الـ 100 ريال إلى 500 ريال، ما يجعل الفارق كبيرا بين سعرها وسعر المنتج الأصلي ذي التكلفة العالية.


«شوهت وجهي»

وتسرد عبير اليامي قصتها مع المنتجات المقلدة التي «خدعت بها»، وانعكست على بشرتها، لتشوه وجهها، وتوضح لـ«عكاظ» أن البائع أكد لها جودة المنتجات التي اشترتها من سوق شعبية وسط جدة، «ولكن بعد استخدامي للمنتج بدأت تظهر علامات التحسس والتهيج على بشرتي، لتتحول لعلامات غامقة اللون شوهت وجهي، وبعد البحث عن الأسباب وجدت أنه بسبب تلك المنتجات، التي اتضح أنها مقلدة وتباع في الأسواق بسعر الأصلي».

وتشير فاطمة عبدالله إلى أنها تعرضت لذات الموقف، إذ تسببت المنتجات الرديئة والمنتشرة في الأسواق في حرق بشرتها، مضيفة «ما يصدمني حقاً هو انتشار النصب واستغفال المستهلكين حيث يتم بيع تلك المنتجات المقلدة بسعر الأصلية منها، إذن، أين الرقابة على الأسواق؟ وهل من المعقول أن يبلغ سعر منتج معين لـ 300 ريال، لنكتشف بعد ذلك أنه صناعة صينية رديئة ولا يساوي في الحقيقة 50 ريالا».

غير مكترثة بالرقابة

وأبدت غالية أمين استياءها من كثرة المنتجات المقلدة وانتشارها في السوق، وتلفت إلى أنه من غير المعقول وجود هذه الكمية من المنتجات المقلدة والضارة، والأدهى والأمر من ذلك هو بيعها في وضح النهار دون مبالاة بالرقابة.

وتجد هبة قادر صعوبة في التمييز بين المكياج المقلد والأصلي، حتى أنها باتت تخشى الذهاب إلى خبيرات التجميل، لا يمكنني ضمان ما تستخدمه على بشرتي، إذ إن بعض المتاجر على مواقع التواصل الاجتماعي تمول خبيرات التجميل الشهيرات بكميات كبيرة من منتجاتهم المقلدة مقابل الإعلان.

وتشدد إحدى خبيرات التجميل في جدة وفاء أحمد على ضرورة شراء المنتجات من الوكلاء الموثوقين وليس من الأسواق الشعبية، معتبرة المسألة بـ «الخطيرة»، كونها تلامس البشرة مباشرة وتؤثر فيها، ما يمكن أن يسبب تأثيرات سيئة في حال كانت مقلدة أو ذات تخزين سيئ.

إعلانات مدفوعة

وترى وفاء أن الاهتمام بالعميلات والسمعة يميز خبيرات التجميل، مضيفة «يجب على خبيرة التجميل البعد تماماً عن استخدام المقلد حتى تضمن سلامة عميلاتها، مع العلم أن هناك مجموعة لا تبالي بذلك، أو ربما لا تملك فكرة عن الأضرار المهولة التي يمكن أن تسببها تلك المنتجات، التي غالباً ما تباع كمنتجات أصلية وبنفس السعر».

فيما تكشف خبيرة التجميل أميمة غفران عن كثرة طلبات الإعلان التي تصل لخبيرات التجميل من محلات المكياج المقلد، مشيرة إلى أن الإعلان عن منتجات غير مضمونة ومجهولة المصدر أمر خطير، فلا يمكنني تحمل مسؤولية أي شخص يتعرض للضرر بسبب تلك المنتجات، ولكن أنا متأكدة أن غيري مِن مستخدمات مواقع التواصل الاجتماعي لا يبالون بهذه المسألة، ويقومون بالإعلان وخداع متابعيهم في مقابل حفنة من المال.

خداع يمارس في «مواقع التواصل».. والتكلفة متدنية

يرى عضو لجنة مكافحة الغش والتقليد في غرفة التجارة الدولية المحامي ماجد قاروب أن ظاهرة بيع المنتجات المقلدة لها أكثر من مصدر، منها التهريب المعتاد من المنافذ الجمركية، إضافة إلى الخداع الذي يمارسه بائعو «انستغرام» وغيرها، مرجحاً أن تكون تلك البضائع جاءت عبر الإنترنت عن طريق الشحن المباشر، بخلاف البضائع المقلدة الموجودة بالأسواق، التي قد يصنع منها في الداخل جزئياً أو كلياً، «وهذا واقع الغش والتقليد في منتجات التجميل والعطور وغيرها».

وأكد قاروب تدني تكلفة إنتاج منتجات التجميل المقلدة، معتبراً أنها تحقق أرباحاً عالية جداً كون المستهلك يقبل على شرائها نظراً إلى شهرة ماركات معينة، ولوجود هذه التكلفة المتدنية والأرباح العالية تصبح هذه المنتجات الرديئة محل اهتمام الاقتصاد الخفي الذي يسعى إلى ترويج كل ما هو مخالف بالتعدي على حقوق التجار، وأصحاب العلامات، والمنتجين والمستهلكين.

وأوضح عضو لجنة مكافحة الغش والتقليد أن الشركات العالمية تقاضي المقلدين في حال تضررت حصتها السوقية بصورة موجعة، وبخلاف ذلك تفضل التعايش مع الحصة المقلدة لها في السوق، لتحقيقها في السوق السعودية أرباحا ضخمة جدا بسبب الإسراف في الاستهلاك من المجتمع السعودي، إضافة لكون منتجات التجميل المقلدة ذات أرباح عالية في السوق السعودية، وذلك بمجرد إجراء مقارنة بسيطة بأسواق دول الخليج، ما يبين وجود أرباح مضاعفة بنسبة 30% إلى 50%، بحسب قاروب.

.. وأخصائي يحذر: تحتوي على مواد ضارة

حذر أخصائي الجلدية سليمان العيد من أضرار استخدام منتجات الماكياج المقلدة والرديئة، ويوضح لـ«عكاظ» أن منتجات التجميل المقلدة تتكون من مواد غير معتمدة وغير مرخصة، وأغلبها تُمنع وتُحارب في كثير من الدول ويُعاقب من يحاول تمريرها، «وذلك لوجود نسبة من مواد ضارة مثل الرصاص والزئبق والفورمالايد والبنزين وغيرها». وقال العيد إن المواد المستخدمة في منتجات الماكياج المقلدة تسبب الضرر للإنسان، إذ إن دخول ما أسماه بـ«السموم» لمجرى الدم وتراكمها في الجسم مع الوقت يسرع من ظهور التجاعيد، ويتسبب بإحداث خلل في التوازن الهرموني، والعديد من الاضطرابات في الجهاز المناعي والتناسلي والعصبي، والاكتئاب أيضاً. وأضاف العيد: «كثيراً ما تشتكي النساء من جفاف وسواد الشفتين، وغالباً ما يكون السبب هو استخدام أحمر الشفاه المقلد أو الرديء، إذ إنه يسبب الجفاف والتشقق والتقشر ويكسب الجلد حول الفم لوناً داكناً، كما أن ابتلاع صبغة أحمر الشفاه قد تؤدي إلى أضرار صحية على المدى الطويل»، لافتاً إلى معاناة الكثير منهن من تساقط شعر الرموش والحاجبين، وعزا ذلك إلى وجود مادة أكسيد الحديد والرصاص في منتجات الماكياج الرديئة التي تسبب التهاب الجفون وتساقط الرموش، إضافة إلى انسداد مسام الجلد، ما يعزز احتمالية حدوث التهابات كثيرة، خصوصا أن معظم هذه المساحيق تحتوي على صبغة «الأنيلين».

الجمارك: إحباط دخول 670 ألف وحدة وإرجاع 3 ملايين!

يبدو أن استهداف السوق السعودية للمنتجات التجميلية المقلدة كبير، حتى أن المتحدث باسم مصلحة الجمارك السعودية عيسى العيسى كشف لـ«عكاظ» ضبط «الجمارك» خلال الـ10 أشهر من العام الماضي أكثر من 670 ألف وحدة، مشيراً إلى أن مستحضرات التجميل غير المطابقة للمواصفات تعاد لمصدرها، «ليبلغ إجمالي ما تم رفضه من هذه المواد وإعادته لمصدره للفترة نفسها نحو ثلاثة ملايين وحدة». وأكد العيسى عدم فسح الجمارك لمستحضرات التجميل إلا بموجب شهادة مطابقة معتمدة صادرة من جهة رسمية ببلد التصدير، وأنه في حال عدم وجود الشهادة تحال إلى مختبرات مختصة للتأكد من صلاحيتها، معتبراً أن وجود بعض الأصناف المغشوشة بالأسواق «لا تعني بالضرورة أنه تم استيرادها». واستدل العيسى بمضبوطات المختصين بوزارة التجارة والاستثمار الكبيرة لمصانع ومستودعات داخل المملكة تدار من قبل العمالة الوافدة تنتج مواد مغشوشة ومقلدة ومنها مستحضرات التجميل.

من جهته، أشار وكيل وزارة التجارة والاستثمار المكلف لحماية المستهلك فهد الهذيلي لـ«عكاظ» إلى آخر عمليات وزارة التجارة في ضبط منتجات التجميل المقلدة، إذ ضبطت مستودعا يزور المستحضرات النسائية بالرياض، ومصادرة 66 ألف عبوة منتهية الصلاحية تم التلاعب بتواريخها، مؤكداً أن عرض أي منتجات مخالفة للنظام يعرض المخالف إلى إيقاع غرامة مالية قد تصل إلى 500 ألف ريال أو السجن مدة لا تزيد على سنتين أو بهما معاً، وذلك وفقاً لنظام مكافحة الغش التجاري.

وأضاف: «الوزارة خصصت مركزا للبلاغات (1900) يعمل على مدار الساعة لاستقبال شكاوى وملاحظات المستهلكين سواء عن السلع المغشوشة أو المقلدة أو المخزنة بطريقة سيئة تؤثر على صلاحيتها للاستخدام، وتقوم الوزارة بمهماتها في ضبط وحجز السلع المخالفة بما فيها منتجات التجميل من منطلق الحرص على حماية المستهلكين، كما تنفذ الوزارة جولات تفتيشية مفاجئة على المستودعات والأسواق في مختلف مناطق المملكة للتحقق من سلامة تخزين السلع، والتأكد من عدم وجود أي عمليات غش أو تقليد». وعن دور المرأة في عمليات التفتيش أكد توظيف مفتشات في الوزارة يقمن بأعمال الرقابة التجارية التي تخص الجانب النسائي.

من جهة أخرى، أشار المدير الإعلامي لهيئة الغذاء والدواء أحمد الفهيد إلى أن نظام منتجات التجميل ولائحته التنفيذية قد وضع عقوبات رادعة للمخالفات التي قد ترتكبها المصانع أو المستودعات أو المستوردون أو الموزعون ومنافذ البيع، تتضمن غرامات حدها الأدنى في بعض المخالفات 50 ألف ريال، مع إجراءات تنظيمية أخرى.

وأوضح الفهيد لـ«عكاظ» أن النظام يتضمن عقوبات على ثلاثة أنواع من المخالفات التي ترتكب خلال مراحل التداول، والإدراج، وترخيص المنشآت (المصانع والمستودعات)، وأنه تم تضمين عقوبة لكل منشأة حسب دورها في سلسلة تموين المنتج التجميلي.