د. خالد الفرحان
د. خالد الفرحان
-A +A
جمال الدوبحي (طوكيو)
dobahi@

شدد الملحق الثقافي السعودي بطوكيو الدكتور خالد بن عبدالرحمن الفرحان على أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى اليابان، خصوصاً أنها تأتي بعد فترة قصيرة من زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لطوكيو في سبتمبر 2016، لتؤكد أهمية العلاقات الإستراتيجية القائمة بين البلدين، وتعزز روابط الصداقة والتعاون بين الشعبين اللذين احتفلا عام 2015 بالذكرى الستين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما.


وقال الدكتور الفرحان لـ«عكاظ» إن العلاقات بين البلدين بدأت عام 1938 بزيارة سفير السعودية لدى بريطانيا حافظ وهبة لطوكيو، تلتها زيارة سفير اليابان لدى مصر يوكويام للرياض في العام التالي (1939)، إذ التقى الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، فيما تم عام 1955 تدشين العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين، وفي عام 1960 بدأ تبادل الزيارات على مستوى الشخصيات الكبرى في البلدين.

وأضاف أن السعودية دخلت خلال زيارة الملك فيصل لطوكيو عام 1971 في شراكة اقتصادية إستراتيجية واسعة مع اليابان تطورت بسرعة بحيث أصبحت طوكيو ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي عام 2013 زار رئيس الوزراء الحالي شينزو آبي السعودية فيما كان العالم يخرج من خضم أزمة اقتصادية عنيفة أبلى خلالها الاقتصاد السعودي بلاء حسناً، إذ شهد نمواً مطرداً وبمعدلات مرتفعة، وأكد آبيه أهمية الشراكة الشاملة بين البلدين لتحقيق نمو اقتصادي ومعرفي مستدام في كليهما.

وشهد العام 2014 الزيارة التاريخية للملك سلمان إلى اليابان، وكان حينها ولياً للعهد. وتشرفت جامعة واسيدا بمنحه الدكتوراه الفخرية في الحقوق بإشراف من الملحقية الثقافية السعودية في طوكيو. وقال الملك سلمان في حفلة استلام الدكتوراه الفخرية «السعوديون يشاركونني النظر لليابان باعتبارها تعيش تجربة مثيرة للإعجاب والتقدير، إنها مسيرة ملهمة للكثير من الدول في سعيها للتنمية والتقدم».

ودون كلمة خطية في سجل تشريفات الجامعة قال فيها: «هذا معقل من معاقل العلم، سرني ما شاهدته فيه، أجمل الأمنيات، فالعلم هو عماد الأمم وسبب ازدهارها».

وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الحالية، وهي الأولى لملك سعودي منذ 46 عاما، بعد أن أعلنت السعودية رؤيتها 2030 التي يعتبر أحد أهم أهدافها بناء اقتصاد لا يعتمد على البترول، وإنما على المعرفة وعلى الإنسان، لذا فإن تطوير الموارد البشرية السعودية القادرة على تحقيق تلك الغاية يمكن أن يتم من خلال تطوير التعليم في المملكة ليكون قادرا على تأهيل مخرجات عالية الجودة قادرة على تحقيق أهداف الرؤية الطموحة، وكذلك من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بابتعاث خيرة الطلاب السعوديين ليدرسوا في أفضل الجامعات العالمية، وعلى رأسها الجامعات اليابانية، إذ سيسهم هذا بلا شك في تحقيق نقل المعرفة والتقنية اليابانية المميزة والدخول إلى عصر الاقتصاد المعرفي من خلال الاستفادة من التجربة اليابانية الناجحة. وهذا يبرر الحكمة السعودية باختيار اليابان كشريك إستراتيجي في تحقيق رؤية 2030.

وبدوره أبدى الجانب الياباني رغبته في الشراكة الإستراتيجية مع المملكة ضمن هذه الرؤية التي وجد فيها فرصاً كثيرة وكبيرة هو بحاجة إليها للخروج باقتصاده من فترة عدم النمو أو النمو الضعيف والانطلاق للريادة في عصر الذكاء الاصطناعي وتقنياته. والتقت مصلحة البلدين وتم الاتفاق وتشكلت اللجان المشتركة، لتضع مبادرات وبرامج التعاون بين البلدين في شتى المجالات. وستوقع خلال الزيارة العديد من مذكرات التفاهم بين البلدين، منها مذكرة شاملة في مجال التعليم.

وأوضح الملحق الثقافي أن الملحقية تقوم بزيارات للجامعات اليابانية الرائدة بهدف تقوية العلاقات العلمية والثقافية بين البلدين، إذ تم التواصل مع أفضل الجامعات اليابانية مثل جامعة طوكيو ومعهد طوكيو للتكنولوجيا وجامعة كيئو وجامعة واسيدا وغيرها التي تحتل مراتب متقدمة في التصنيفات المحلية والعالمية لبحث مجالات التعاون الممكنة وزيادة فرص قبول المبتعثين السعوديين فيها.

كما تقوم الملحقية بزيارات لمعاهد الأبحاث اليابانية المميزة، وكانت آخر زيارة لجامعة تسوكوبا، التي تضم أكبر تجمع لمعاهد الأبحاث في اليابان، ويجري التنسيق حاليا مع معهد ريكين الياباني للأبحاث، وهو من المعاهد البحثية الرائدة على مستوى العالم.

وفي إطار التبادل الثقافي يقول الدكتور الفرحان: نظمت الملحقية عددا من الزيارات للطلبة المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين إلى المدارس اليابانية لتقديم محاضرات قصيرة للتعريف بالسعودية ودينها ولغتها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها والنهضة الحضارية التي تعيشها، يذكر أن الملحقية الثقافية انتخبت 100 مبتعث سعودي ودربتهم وأهلتهم لتقديم كافة الخدمات اللوجستية للوفود المصاحبة لخادم الحرمين الشريفين من استقبال في المطارات وتسكين في الفنادق وتسهيل التنقلات في طوكيو، وكذلك الترجمة للوفود، إذ إن اللغة الإنجليزية قليلة الاستخدام في اليابان، وكانت مشاركتهم مصدر فخر واعتزاز لهم، وتعبيرا بسيطا عن حبهم لوالدهم الملك سلمان، ولوطنهم العزيز.