-A +A
أنس اليوسف (جدة)
20_anas@

27 شهرا مضت منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم، ولعل العنوان الأبرز في حقبة الملك سلمان «الحزم» والمرونة «الإدارية»، والقضاء على الترهل الإجرائي في عمل مجلس الوزراء، وحفلت البلاد منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم بالعديد من المتغيرات على مستويات عدة.


ويبدو أن أحد أهم أوجه الحزم والمرونة الإدارية يأتي بالتغيرات الكبيرة التي شهدتها «الأذرع التنفيذية» للحكومة، بدءا من إلغاء العديد من المجالس الاستشارية العليا، وتركيز عملها في مجلسي الشؤون السياسية والأمنية والشؤون الاقتصادية والتنمية، وانتهاء بإعفاء عدد من الوزراء الذين لم يفلحوا في ترجمة أفكار القيادة بشكل مناسب على أرض الواقع، وطال مشرط الإعفاء أمراء من إمارات المناطق، ومناصب أخرى، مثل إدارة هيئات وجهات حكومية. الحكومة الديناميكية التي يقودها الملك سلمان بن عبدالعزيز، تحاول من خلال تنظيم اتخاذ القرار بشكل فعال وسريع، تعزيز الشفافية والحوكمة، في ظل إنشاء مكتب لإدارة المشاريع، في المجلسين التنفيذيين، يؤكد متابعة أهداف الجهات الحكومية.

عجز الضويحي يعفيه

قضى وزير الإسكان السابق شويش الضويحي ما يزيد على أربعة أعوام وزيراً للإسكان، لم يتمكن خلالها من حلحلة ملف الإسكان الثقيل، ولم ينجح في مواجهة التحديات الضخمة التي يشهدها قطاع الإسكان في المملكة، وعقب ساعات من تقديمه عرضا مرئيا أمام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية عن خطته للتعامل مع أزمة السكن، كان مكرراً لما فعلته الوزارة في الأعوام الماضية، بحسب وصف أحد أعضاء المجلس، وصدر قرار إعفائه، كون الوزير لم يتقدم بالملف إلى المحطة المراد الوصول إليها.

أقصر عمر وزاري.. 10 أسابيع

أطاح مقطع فيديو بوزير الصحة، أحمد الخطيب من منصبه، بعد تفقده بعض المنشآت الصحية في منطقة حائل (شمال البلاد)، وتعود تفاصيل المقطع إلى دخوله في مشادة كلامية مع مواطن، خلال لقائه بالمواطنين، رافضاً رغبة المواطن في نقل والده إلى أحد مستشفيات العاصمة الرياض؛ نظراً لحالته الصحية المتدهورة، الأمر الذي استجاب له ولي ولي العهد ونقله للعلاج في الخارج.

وبعد مقطع الفيديو، الذي خلف موجة استياء شعبية، بأربعة أيام، جاءت الاستجابة سريعة من رأس الهرم بقرار إعفاء الخطيب من منصبه في أبريل عام 2015، ما وضع الخطيب في خانة أقصر الوزراء عمراً في منصبه في تاريخ السعودية بحصيلة لا تتجاوز الـ10 أسابيع حمل فيها الحقيبة الوزارية، ليعود الخطيب بعد عام رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه بمرتبة وزير.

عزام لم يكمل العام

لم يستمر وزير التعليم السابق عزام الدخيل في منصبه فترة طويلة، إذ لم يكمل عاماً واحداً منذ تعيينه في أواخر يناير عام 2015، وجاء أمر ملكي بإعفائه من منصبه «بناء على طلبه»، ويعد الدخيل أول وزير يتسلم حقيبة التعليم المدمجة (بعد دمج التعليم العام والعالي في وزارة واحدة)، وحفلت فترة الدخيل بالعديد من التحديات والصعوبات، حتى إن المناهج الدراسية تأخرت في الوصول إلى الطلاب، وخلفه الدكتور أحمد العيسى، مؤلف كتابي «إصلاح التعليم في السعودية بين غياب الرؤية السياسية وتوجس الثقافة الدينية وعجز الإدارة التربوية»، و«التعليم العالي في السعودية.. رحلة البحث عن هوية».

فشل المياه يطيح بالحصين

فشلت وزارة البيئة والمياه والزراعة (المياه والكهرباء سابقاً) في إنجاز تغيير هيكلية الدعم الحكومي لقطاع المياه، وتغيير تعرفة الفواتير، كانت سببا رئيسيا خلف إعفاء وزيرها السابق عبدالله الحصين. ولم تفلح محاولاته المتكررة للظهور في وسائل إعلامية مختلفة، في امتصاص غضب المواطنين بعد ارتفاع أسعار المياه بشكل غير منطقي، في وقت حمل المواطنين السبب وراء ارتفاع فواتيرهم، ورأى سعوديون في تصريحات الوزير استفزازاً لهم، حتى جاء أمر الإعفاء الذي يرى فيه السعوديون انتصاراً لهم على الوزير وآلية عمله.

الأرقام تعفي الحقباني

سجلت فترة مفرج الحقباني في وزارة العمل تراجعا ملحوظاً في معدلات توظيف السعوديين في القطاع الخاص، وارتفاعا في نسب البطالة، نتيجة ذهاب معظم الوظائف إلى غير السعوديين، إضافة إلى ذلك شهدت الفترة تساهلا في تحويل المنشآت والكيانات إلى النطاق الأخضر تجنبا للاصطدام برجال الأعمال، إضافة إلى فشل الوزير ترجمة نظام حساب المواطن في آليات عملية.

ووفقاً لتقارير صحفية، فإن الإحصائيات في الربع الأول لعام 2015 سجلت 71 ألف وظيفة في القطاع الخاص بسبب برنامج نطاقات، فيما انخفض في الربع الثاني من العام نفسه إلى 35 ألف وظيفة، مسجلا 14 ألف وظيفة في الربع الثالث، ليعود ويرتفع نسبيا في الربع الرابع من العام 2015 مسجلا 26 ألف وظيفة.

أما التراجع الكبير في نسب التوظيف فبرزت بشكل لافت خلال عام 2016، ففي الربع الأول انخفضت إلى (5 آلاف)، وفي الربع الثاني (10 آلاف)، بينما سجل الربع الثالث ناقص (27 ألفًا)، ويعزو مراقبون إعفاء الحقباني جاء بعد الأرقام المخيبة للأعمال في وزارته، وفشله في حساب المواطن.

«أ/‏‏ 179»

يبدو أن السعوديين لن يغيب عن ذاكرتهم «أ/‏‏ 179»، ذلك الأمر الملكي الذي بدا استثنائياً في تاريخ مملكتهم الثالثة، صياغة، مضموناً، ووقعاً على مسامعهم، فملك الحزم يعفي وزير الخدمة المدنية خالد العرج بعد «الاطلاع على ما رفعه رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وما رفعه رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، والتي تبين من خلالها ارتكابه تجاوزات بما في ذلك استغلاله للنفوذ والسلطة»، ويأمر بتشكيل لجنة وزارية في الديوان الملكي لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة للتحقيق مع العرج فيما ارتكبه من تجاوزات.

الأمر الملكي «الحازم» جاء بعد فضيحة «توظيف ابن الوزير الذي لا يحمل سوى الشهادة الثانوية في وظيفة بمرتب كبير»، ما أثار موجة غضب عارمة منتقدة للوزير العرج، وأسدل الستار عن «فضيحة ابن العرج» عقب تصريحات الوزير المستفزة حول إنتاجية الموظف السعودي والتي يرى أنها لا تتجاوز الساعة.

«الأداء الهش»

وصف مراقبون أن الخطاب الإعلامي للمملكة لم يكن متوازياً مع الخطاب السياسي النشط للدولة خارجياً، في بث خطاب إعلامي متوازن يتماشى مع المرحلة السياسية التي وصلت فيها المملكة للعمل العسكري ضد المتمردين الحوثيين لإعادة الشرعية والاستقرار إلى اليمن، في حين ظلت هيئة الثقافة حبرا على ورق فترة طويلة منذ إعلان إنشائها بأمر ملكي، بالتزامن مع إنشاء هيئة الترفيه، التي ولدت ونمت، في وقت لم يعرف لهيئة الثقافة أي شكل أو لون، إضافة إلى تأجيل انتخابات الأندية الأدبية.

ويبدو أن الأمر الملكي الذي أعفي بموجبه وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي جاء لضعف أداء وزارة الثقافة والإعلام على الأقل في الجوانب المهنية الذي يدركه جيداً أبناء المهنة المنهمكين في العمل اليومي بالمطابخ الصحفية وغرف الأخبار.

توغل الشركات

في ظل سوء إدارة وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المقاطعة الشعبية التي أعلنها مواطنون في مواقع التواصل الاجتماعي ضد شركات الاتصالات ومشغلي خدمة الإنترنت والجوال في المملكة، لم تتحرك الوزارة للعب دور المنظم في هذا الجانب، بيد تفسير كثير من المراقبين أن مستوى الجودة الضعيف لا يتناسب مع الرسوم التي تفرضها تلك الشركات، إضافة إلى صمت الوزارة في كثير من الاستحقاقات، جعل مراقبين يربطون بين الأداء الهش وإعفاء وزير الاتصالات السابق محمد السويل.

.. وآخرون

وجاءت أوامر الإعفاء متنوعة ومتباينة الأسباب منها من ذيل بـ«بناء على طلبه»، وشملت أيضاً «الإعفاءات» كلا من (وزير الخارجية السابق) الأمير الراحل سعود الفيصل، والذي جاء الأمر بناء على طلبه لظروفه الصحية، إضافة إلى وزير النقل عبدالله المقبل، وزير الحج بندر حجار، وزير المالية إبراهيم العساف، وزير دولة وعضو مجلس الوزراء سعد الجبري، وزير الاقتصاد والتخطيط محمد الجاسر، وزير البترول والثروة المعدنية علي النعيمي.