-A +A
فهيم الحامد (جدة)
ALFhamid @

تحولت العاصمة السعودية الرياض إلى مركز استقطاب عربي وإقليمي وعالمي بامتياز. وأضحت السعودية صانعة قرار في السياسة الإقليمية والعالمية، ولم تعد تنتظر ردة الفعل، بل تبادر وتقود سياسة الفعل لمصلحة إرساء الأمن والسلام، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالمين العربي والإسلامي.


ومع قرب اكتمال إرسال الدعوات لرؤساء الدول العربية والإسلامية التي ستشارك في القمة العربية الإسلامية في العاصمة السعودية نهاية الأسبوع الحالي، يبدأ توافد الملوك والأمراء والرؤساء من الدول الخليجية والعربية والإسلامية خلال الأيام القادمة للمشاركة في أكبر محفل عالمي أمريكي عربي إسلامي في التاريخ الحديث، سيتم خلاله بحث إعادة ترتيب أوضاع المنطقة العربية والإسلامية، ولجم الإرهاب الظلامي والطائفي ودعم الاعتدال والوسطية، والسعي الحثيث لانحسار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي طالما استمرت في المجتمع الغربي، فضلا عن إنهاء ثقافة الفوبيا التي تغلغلت في أوساط المجتمعين العربي والإسلامي بعد وصول الرئيس ترمب إلى الحكم بالإضافة إلى التصدي للأعمال العدوانية للنظام الإيراني في المنطقة وإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط.

وقد جرت عادة الرؤساء الأمريكيين أن تكون الجولة الخارجية الأولى لهم بعد تعيينهم لدول ترتبط معهم جغرافيا وسياسيا وإستراتيجيا، إلا أن الرئيس ترمب خرج عن هذه القاعدة، واختار «السعودية أولاً» لتكون إطلالته وبوصلته الأولى للعالم العربي والإسلامي في وقت تعاني فيه منطقة الشرق الأوسط والعالم من حالة انعدام الاستقرار الذي يؤثر بدوره على السلم العالمي.

ولمعرفة الرئيس ترمب بأن الأوضاع لن تستقر في المنطقة العربية والإسلامية ما لم يكن للسعودية دور فعّال ومؤثر في المنطقة، ليس فقط لإحلال الأمن والسلام فحسب، بل ولجم الإرهاب وتفعيل سياسية الاعتدال والوسطية والتصدي لتدخلات النظام الإيراني في شؤون المنطقة، فضلا عن أن زيارته للرياض تؤكد عودة الشراكة السعودية الأمريكية لسابق عهدها وتجاوز حقبة أوباما، التي شهدت فتورا بسبب سياساته الخارجية المتذبذبة والمرتبكة.

إن توجيه البوصلة الأمريكية نحو السعودية، لم يأت من فراغ، والسعودية باعتبارها مركز العالم الإسلامي وحجر الأساس للسلام والأمن الدوليين، إضافة إلى ما يربط المملكة وأمريكا من علاقات اقتصادية وسياسية متجذرة، وهو ما أكده الرئيس ترمب عندما قال «إنه يزور السعودية التي تحتضن الأراضي المقدسة».

الأنظار ستتجه إلى الرياض، التي ستحتضن ثلاث قمم رئيسية أثناء زيارة الرئيس ترمب التي تبعث بعدة رسائل، منها رسالة تطمينية من خلال خطابه التاريخي الذي سيلقيه أمام قادة وزعماء الدول العربية والإسلامية، والذي يعكف كبار مستشاريه على إعداده من منطلق حرص إدارته على تكريس مبدأ التسامح وتقوية حوار الأديان ولجم الإرهاب وإحياء السلام العادل في المنطقة، وأن ترمب ليس إقصائيا وليس معاديا للإسلام بعد أن طبعت قراراته التنفيذية الأولى صورته في هذا الإطار.

كما ترسل القمم الثلاث رسالة أخرى تتمحور حول تعزيز إجراءات بناء الثقة بين أمريكا وحلفائها الإستراتيجيين وعلى رأسهم السعودية، فضلا عن الإعلان عن «عهد جديد» في السياسة الخارجية الأمريكية مبني على التسامح والحوار وإيجاد حلول عادلة لقضايا المنطقة والعالم الإسلامي وهو ما سيطلبه رؤساء الدول الإسلامية من ترمب، إضافة إلى ضرورة إنهاء «الإسلاموفوبيا»من دوائر المجتمع الغربي.