-A +A
التاريخ لا يعيد نفسه، لكن الأشرار لا يتعلمون من أخطاء غيرهم، فيجربون المجرّب، ويناطحون الصخور ليعيدوا عجلة الزمان للوراء. هذا هو عين ما نراه في اليمن اليوم. فقد وفرت إيران البنادق والذخائر لعصابات عبدالملك الحوثي، وأقنعتهم بأنهم ميليشيات، وليسوا عصابات، وحرضتهم على الاستيلاء على صنعاء ومحافظات أخرى، وهم لا يملكون أدوات، ولا موارد لإدارة المدن والبشر. فمع انعدام الأمن في صنعاء، وتفاقم الخلافات مع حليفهم المخلوع علي عبدالله صالح، وعجزالميليشيا الإيرانية عن صرف رواتب عمال البلديات وموظفي الدولة، كان طبيعياً أن تنهار منظومة الخدمات التي تضطلع بأعبائها عادة الحكومات. وفي صدارة الخدمات المنهارة خدمة جمع النفايات المنزلية، التي لم يجد سكان العاصمة مفراً من رميها على الأرصفة والطرقات. بيئة بهذه القذارة الجاذبة للحشرات والجراثيم لا بد أن يكون المواطن المغلوب على أمره أول وأبرز ضحاياها. لذلك اندلع وباء الكوليرا في العاصمة اليمنية التي لا توجد فيها خدمات طبية تذكر بسبب المضاعفات التي جرَّها انقلاب الخيانة والأنانية والغدر. وها هم الانقلابيون يناشدون العالم التدخل. ولكن كيف يتدخل العالم بمنظماته الأممية وغير الحكومية في عاصمة يحتلها انقلاب عنوانه الفوضى، والقتل، والطمع في المكاسب، وشيوع ثقافة النهب، والسلب، والتخويف، وتعطيل المدارس.

إن محنة الكوليرا في صنعاء تضع العالم أمام محنة أكبر، لكنه بات يعرف من خلالها أي صنف من البشر هم الانقلابيون الحوثيون. ولابد أن يتدخل مجلس الأمن، وتمارس المنظمات الإنسانية أقصى ضغوطها للتعجيل بحمل «انقلاب الكوليرا» على القبول بحل سلمي للأزمة قبل أن تؤدي غطرسة الحوثيين إلى إبادة اليمنيين قاطبة.