-A +A
حسن النجراني (المدينة المنورة)
hnjrani@

تظل الدكتوراه الفخرية في مكافحة الإرهاب التي منحتها جامعة الملك عبدالعزيز لولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز خلال تدشين معرض «نايف.. القيم» أمس الأول (الأحد) شهادة استحقها بجدارة نظير جهوده على مدى 18 عاماً من المواجهات مع الإرهاب، قادها ونخبة من رجال وزارة الداخلية والدولة من المفكرين والعسكريين للقضاء على هذه الآفة.


في 1995 ضربت رياح الإرهاب المملكة وطالت المواطنين والمقيمين والعسكريين والمسؤولين والمباني والوزارات في رسالة صريحة تحملها قوى الشر أنها عازمة على الفتك بمقدرات الوطن وممتلكاته ورجاله، فلم يسلم منها لا الصغير ولا الكبير، وأتت هذه الرياح الغاشمة بعد 15 عاما من دخول (جهيمان) للحرم المكي الشريف واستباحته، وبعد 5 سنوات من انتهاء عاصفة الصحراء، وكان لا بد لمواجهة الإرهاب من جامعة تكافحه وتستأصله، تتسلح بالعلم والمهارة والمعرفة والقوة والدراية، جامعة تقرأ الحدث الإجرامي، وتستبق تاريخ الدمار، وتقضي على المجرم في وكره، مجنبة الوطن الدمار والخراب، وكان دكتورها محمد بن نايف.

جامعة مكافحة الإرهاب:

بعد أربع سنوات من هبوب رياح الإجرام والإرهاب صدر أمر ملكي آنذاك بتعيين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية، وكأن المرحلة المقبلة تستلزم أن تكون هناك جامعة تكافح الإرهاب وتفكك خلاياه وتطارد الإرهابيين.

ومنذ اليوم الأول تفرغ الأمير محمد بن نايف للملف العصيب، وتم خلال الفترة من 1999 إلى 2002 تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية التي طالت غربيين، وتركتهم ما بين جريح وقتيل، وكان من أبرز تلك العمليات (تفجيرات الخبر)، ولم تمهل تلك الأحداث ولي العهد فرصة لدراسة ما يحدث، بل كان يجب عليه العمل مباشرة في الصفوف الأولى في حرب لا هوادة فيها ولا رحمة.

واجه دكتور مكافحة الإرهاب أوقاتاً عصيبة، فلم يترك الإرهابيون له فسحة من الوقت ليرتب أوراقه ويجمع العينات، كما يفعل طلبة الدكتوراه، أو حتى يقرأ في الدراسات السابقة، بل لا بد من كتابة رسالة الدكتوراه مباشرة ليس بالقلم وحده، بل بالرصاص والدماء والدموع والأرواح، تارة بالقوة، وأخرى بالهدوء، وتعد الفترة من 2003 إلى 2006 الأعنف والأكثر ضراوة، إذ ضرب الإرهاب المملكة في كل مدينة، فقد استهدفت الرياض تفجيرات شملت مجمع المحيا السكني، ومبنى الإدارة العامة للمرور، كما اقتحم مسلحون أحد المواقع الصناعية في ينبع، وكذلك مجمع الواحة السكني في الخبر، ومحاولة اقتحام فاشلة لمبنى القنصلية الأمريكية في جدة، كما استهدفت انفجار مقر وزارة الداخلية في الرياض، ومقر مركز تدريب قوات الطوارئ الخاصة في الرياض، وأحبطت السلطات الأمنية محاولة فاشلة استهدفت معامل بقيق لتكرير النفط شرقي السعودية، وتعرضت مدن سعودية أخرى لمواجهات بين رجال الأمن والإرهابيين وسقط خلال هذه الفترة مئات القتلى والجرحى.

أما الفترة بين 2007 و2012 فقد شهدت مواجهات متقطعة بين الأمير محمد بن نايف ورجاله من جهة، والإرهابيين من جهة أخرى، وتم آنذاك تفكيك عدد من الخلايا. وفي عام 2013 بدأت محاكمة بعض الإرهابيين أمام المحكمة المتخصصة في قضايا الإرهاب.

استحقاق الدكتوراه:

استحقاق الدكتوراه لم يكن هيناً لأي عامل في هذا الحقل، لكن في عام 2009 استحق أعلى مراتب الشرف، وهو يقف على خط الخطر المحدق به، إذ تعرض مساعد وزير الداخلية آنذاك الأمير محمد بن نايف لمحاولة اغتيال من قبل مطلوب زعم أنه يرغب في التسليم، ولكنه فجر نفسه بواسطة هاتف جوال، وأصيب الأمير بجروح طفيفة، وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الحادث الإرهابي.

لم تتوقف هندسة الأمير محمد بن نايف عند مواجهة الإرهاب بالقوة فقط، لإيمانه بأنها ليست كل شيء، وليست دائماً الحل الناجع، لذلك قدم ولي العهد فكرة برنامج مناصحة يقوم على أسس علمية لمواجهة جذور الإرهاب، وحظي بدعم وتأييد من وزير الداخلية آنذاك الأمير نايف بن عبدالعزيز، وأُطلق على المركز (مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية)؛ ليكون أول مركز عالمي متخصص في معالجة الفكر المتطرف، وشكلت لجان شرعية، وبدأ عمل المركز فعليا في 2006 لاستيعاب المتورطين في الفكر الضال وتصحيح مفاهيمهم ودمجهم في المجتمع، وحقق المركز نتائج مذهلة بعد أن استطاع تصحيح أفكار أكثر من 80% من الموقوفين وحظي بإشادة عالمية.

أيضا عالجت الوزارة قضايا الفكر والتطرف والإرهاب من خلال تأسيس إدارة الأمن الفكري وتمويل كراسي علمية، وتشجيع ودعم عشرات الدراسات والأبحاث الخاصة بظاهرة التطرف وارتباطاتها، ووضع إستراتيجية وطنية شاملة للأمن الفكري في 2010.