مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة.
مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة.
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@
أشادت قناة BBC البريطانية بجهود مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية وتعامله مع العائدين من غوانتانامو، مشيرة إلى أن 80% ممن يخضعون للمناصحة لا يعودون إلى التطرف والعنف.

ونشر موقع القناة تقريرا عن زيارة قامت بها إلى المركز ذكرت فيه أنها التقت بتسعة من سجناء «القاعدة» اليمنيين، الذين قضوا آخر 15 عاما من حياتهم في معتقل غوانتانامو الأمريكي، ووصل آخرهم إلى هنا في أبريل الماضي، مشيرا إلى أنه خلال مقابلتهم كان يطوق كاحل كل منهم سوار إلكتروني أمني.


وأوضح الموقع أن جميعهم تم القبض عليهم في ساحة المعركة بأفغانستان بين عامي 2001 و2007، وأطلقتهم الولايات المتحدة أخيرا ليكونوا تحت الرعاية السعودية، على أن يتم تأهيلهم في مركز المناصحة قبل أن يعودوا إلى مجتمعهم أحراراً.

وقال الموقع إن فريق «بي بي سي» وجه لهم تساؤلات حول زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى الرياض وخطابه الموجه للأمة الإسلامية والحاجة إلى التسامح، فقال أحدهم «سنحكم عليه من خلال أفعاله». فيما أوضح سجين آخر، أن هناك إدارة أمريكية مختلفة في البيت الأبيض عن إدارة الرئيس جورج بوش التي أرسلتنا إلى سجن «غوانتانامو».

ووصفت قناة «بي بي سي» اللقاء بأنه لم يكن طبيعياً من طرف السجناء، إذ بدا العائدون اليمنيون غير مرتاحين خلال لقائهم وفد القناة وعددا من الأكاديميين والصحفيين الغربيين، مشيرة إلى أن كلا منهم كان يدرك تماما أن كلماتهم يجري رصدها بعناية حول أي تلميحات تدل عن العنف، إذ يعتمد الإفراج عنهم على ابتعادهم عن الآراء المتطرفة.

وأضافت القناة أنه حتى عندما يأتي ذلك اليوم الذي سيفرج فيه عن هؤلاء السجناء اليمنيين، لن يتم إطلاق سراحهم إلا في مدينة الرياض لأن بلادهم اليمن في حالة حرب، وسيكون من السهل هناك انخراطهم في تنظيم «القاعدة» من جديد.

وقالت أيضا إن السلطات السعودية تحرص على إظهار مركز إعادة التأهيل هذا للعالم، والمعروف رسميا باسم مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية. وقد تأسس عام 2004، بعد سلسلة من هجمات للقاعدة ضد المملكة، ويهدف إلى أن يكون منزلا في منتصف الطريق بين السجن والمجتمع المفتوح.

وذكر تقرير BBC أن معظم السجناء في المركز من السعوديين، المدانين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، ويقوم بتأهيلهم للحياة في الخارج، ويحاول تطهيرهم من أفكار العنف والتطرف، مضيفة أنه لا يوجد بالتأكيد أي مركز لإعادة التأهيل في أي مكان آخر في العالم يسعى لإزالة هذا النوع من السموم النفسية على نطاق واسع كما في هذا المركز.

وبين أنه تم ترحيل أكثر من 3300 نزيل من المركز منذ عام 2005، وفقا لما ذكره الموظفون، من بينهم 123 شخصا كانوا في سجن قاعدة غوانتانامو. وقالوا إن نسبة النجاح تبلغ 80% مع عودة 20% المتبقية للعنف. وأشار التقرير إلى أن هناك برنامجا مماثلا تمت زيارته في اليمن عام 2003 ولكنه حظي بنسبة نجاح أقل بكثير من هذا المركز. ويقضي السجناء ما لا يقل عن ثلاثة أشهر في المركز قبل تقييمهم لمعرفة ما إذا كانوا مستعدين للإفراج عنهم.

وينقسم برنامج التأهيل العام إلى ثلاثة أجزاء: مرحلة إسداء المشورة التي تتم أثناء وجودهم في السجن وقبل وصولهم إلى المركز، ثم إعادة التأهيل، وتشمل برامج السلوك المعرفي والثقافة الدينية والأنشطة الرياضية. وبعد الرعاية، إذ تستمر المتابعة بعد إطلاق سراحهم.

ورحب الدكتور حميد الشايجي، أستاذ علم الاجتماع من جامعة الملك سعود بالوفد الإعلامي للقناة قائلا «مرحبا بكم في واحة الحكمة»، مضيفا أن «هذا هو المكان الذي نحاول فيه توجيههم بعيدا عن مسارهم المنحرف حتى لا يشكلوا خطرا على المجتمع». وكشف الشايجي أن الموظفين يجلسون مع السجناء لساعات عدة في اليوم، مؤكدا أنها ليست مهمة سهلة لوقف الناس عن كراهية المجتمع. فيما قال مدرس الفن الدكتور بدر الرزين أن العلاج الفني يلعب دورا كبيرا في إعادة تأهيلهم، موضحا أنهم عندما يصلون لأول مرة، يرغب العديد من المدانين السابقين في رسم صور عنيفة، وغالبا ما تكون باللون الأحمر، ولكن مع مرور الوقت صورهم تلين وتصبح أكثر لطفا.

وأشار التقرير أيضا، إلى أن علماء الدين موجودون في جميع الأوقات، ويحاولون الشرح للنزلاء لماذا أعمال المتطرفين العنيفين حرام شرعا. وأوضحت القناة أنهم عندما وجهوا أسئلتهم للعائدين اليمنيين من غوانتانامو، هل يشعرون بالعودة إلى المجتمع بعد كل هذا الوقت؟، أجابوا: «لقد تغيرنا، نحن نعتبر أنفسنا أفرادا جددا الآن، وذلك بفضل هذا المكان»، ولكن بالتأكيد نحن نكره الناس الذين أساؤوا معاملتنا في سجن غوانتانامو، ولكن من خلال البرامج المقدمة لنا في مركز المناصحة أصبحنا قادرين على التغلب على هذه المشاعر، وما يقلقنا الآن هم الناس في المجتمع قد لن تقبل بنا.