نقل جثمان هناء إلى مثواها. (تصوير: أحمد المقدام)
نقل جثمان هناء إلى مثواها. (تصوير: أحمد المقدام)
الابتسامة ترتسم على محيا عائلة إسكندر.
الابتسامة ترتسم على محيا عائلة إسكندر.
 والد هناء
والد هناء
جثمان هناء أثناء نقله من المشفى.
جثمان هناء أثناء نقله من المشفى.
-A +A
زين عنبر ، أروى خشيفاتي (جدة)
zain_anbar@

arwa_okaz@


غيب الموت صباح أمس (الخميس) محاربة السرطان هناء جنيد إسكندر ذات الـ24 ربيعا بعد صراع مرير مع سرطان الثدي (Ang Carkuma) الذي حاربته عاما كاملا، وصمدت مع شقيقها المحارب الأول للسرطان في السعودية حمزة الذي انتقل رحمة الله منذ أربعة أشهر بعد أن شافاه من المرض الخبيث، إلا أن المنية وافته.

وتدهورت صحة هناء التي توفيت في المستشفى الجامعي في جدة، بشكل مفاجئ خلال الأيام الماضية، إذ أجريت لها عملية جراحية لوقف نزيف داخلي ما أدى لمضاعفات ودخولها في غيبوية.

وبحسب مصادر عائلية، فإن هناء طلبت من والدها جنيد إسكندر أن تستمع إلى ترتيل بصوته لسورة يس، ثم قامت بقراءة السورة ذاتها.

وأشارت المصادر إلى أن هناء طلبت من والدها قبيل دخولها في الغيبوبة التوصية للطبيب لإعطائها مسكنا للألم، لأنها كانت تشعر بآلام شديدة جدا. وتابعت المصادر قائلة: إن هناء لم تكن تستطيع الأكل بسبب الاستفراغ الشديد، إذ قدم لها والدها عصير فيتامين إلا أنها رفضت بسبب الاستفراغ وعندما ألحّ عليها والدها شربته.

وأشارت المصادر إلى أن وفاة هناء إسكندر وقعت تمام الساعة العاشرة والربع من صباح أمس (الخميس) بعد أن قضت 10 أيام في المستشفى الجامعي بجدة، إذ أجريت لها عملية جراحية، لكن حدث بعدها نزيف داخلي في الدماغ نتيجة انتشار الورم.

«عكاظ» التي حضرت اللحظات الأخيرة من نقل جثمان هناء من مغسلة فلسطين إلى مكة المكرمة للصلاة عليها في الحرم المكي، شاهدت اللحظات الحزينة المؤلمة لوداع والدة حمزة التي احتسبت الأجر عند الله، ولكنها كانت في حالة نفسية سيئة. الحزن كان مخيما في مغسلة مسجد فلسطين ولا تسمع إلا البكاء في أروقتها.

وستستقبل الأسرة وذووها العزاء اعتبارا من اليوم (الجمعة) في منزلهم الكائن في حي الأصالة بجدة أمام ملعب الجوهرة بجدة.

هناء انتقلت إلى الرفيق الأعلى في هذا الشهر المبارك، إلا أنها تركت رسالة عظيمة لمن وراءها، وهي رسالة الصبر والتحمل والكفاح، إذ كافحت المرض الخبيث بشجاعة وكانت تذهب لعملها رغم الألم، لأنه كان لديها أمل وإيمان بالله.. صارعت السرطان مثل شقيقها، إلا أن فراق حمزة صرعها ولحقت به بعد أربعة أشهر.. إنها قصة الشقيقين المحاربين.. من سيكتبها للتاريخ.. لكي يتعلم الجميع معنى الكفاح والصبر والاحتساب.

والدها: فقدت فلذتَي كبدي ومؤمن بقضاء الله

بصوت يملؤه الشجن وبقلب صابر وبلسان يلهج بذكر الله، أعرب جنيد إسكندر والد محاربة السرطان هناء عن بالغ حزنه على فراق ابنته هناء التي لم يمهلها السرطان طويلاً، إلا أنه احتسب الأجر عند الله قائلا «رضيت ربي بقضائك».

وقال جنيد إسكندر لـ«عكاظ»: «بالرغم من صراع ابنتي مع الألم الشديد إلا أنها كانت تسعى جاهدة متمسكة ببصيص الأمل من أجل تحقيق وعد قطعته على نفسها. وأضاف «لقد وعدت هناء أخاها حمزة مكافح السرطان الشهير الذي فارق الحياة منذ أربعة أشهر، بإنشاء مركز لمكافحة السرطان باسم حمزة، وبالفعل لم يثنها مرضها عن إجراء الاتصالات مع المعنيين لتحقيق الوعد بإنشاء المركز».

وزاد: «وهو يغالب دموعه بعدما انتشر الورم في دماغ هناء، ودخلت في غيبوبة سألني الأطباء هل يضعونها على جهاز التنفس الاصطناعي، وفي ذات الوقت أخبروني أن حالتها الطبية حرجة جدا، فأجبت بعدم رغبتي بوضعها على جهاز التنفس الاصطناعي لأنني لا أرغب أن تتألم وحتى لا أزيد من معاناتها»، داعيا الله أن يتغمدها بواسع رحمته. وتابع قائلا «بعد وفاتها ألقيت النظرة الأخيرة على ابنتي هناء وتمنيت أن أكون مكانها في هذه الأيام المباركة فلقد توفيت في هذا الشهر الفضيل». والد جنيد أصبح وحيدا يبحث عن هناء وحمزة ويدعو الله أن يلهمه وزوجته الصبر والسلوان.

والدتها.. مكلومة.. محتسبة

تمسكت نوشين إسكندر، والدة هناء، بحبال الصبر التي لا تنقطع، فهي مؤمنة بقضاء الله وقدره، فقبل أربعة أشهر توفي ابنها حمزة وأمس (الخميس) ودعت فلذة كبدتها هناء التي صارعت السرطان بالصبر والتحمل. منظر والدة هناء وهي تودع فلذة كبدها لا نستطيع وصفه، مليء بالحزن وصدمة الفراق. والدة هناء كانت توصيها دائما بالصبر واحتساب الأجر. ففي الأيام الأخيرة قالت لهناء «اصبري يا بنتي»، فإذا بها تجبيها «يا ماما أبغاكي أنت تصبري كمان». نوشين صبرت على فراق حمزة وهناء وهي تقول على الدوام «نحن في دار امتحان وبلاء». والدة هناء تعيش اليوم بين فراق حمزة والحزن والصدمة على وفاة هناء. نسأل الله أن يعوضها خيرا وأن يلهمها الصبر والسلوان.