-A +A
«عكاظ» (إسطنبول)
الممارسات السياسية القطرية طوال العقد الماضي، تراكمت إلى حد لا يمكن الاحتمال أو الصبر على هذه السياسات الرعناء بحق شعوب ودول المنطقة. ولعل الجدل الآن يدور حول ماذا فعلت قطر لتفتح دول الخليج النار على هذه الدولة المارقة!؟

مثل هذا السؤال يبدو ساذجا وسطحيا، بينما هو في جوانب كثيرة فخ لإثارة التناقضات، فالدخول أصلا في كشف حساب السياسة القطرية سيطول لأيام، بدءا من مصر إلى سورية والعراق وليبيا ومابينهما من سموم إلى الدول الخليجية، فضلا عن الشق الأكبر في العلاقة الخليجية القطرية وهي تبني المشروع العالمي لحركة الإخوان المسلمين الإرهابية.. لكن السؤال الأكبر في هذه الأزمة ماذا لو لم تلتزم قطر بسياسة خليجية متوافقة مع البيئة السياسية الخليجية التي تحقق المصالح الأمنية العليا.


وماذا لو فعلا عمقت قطر علاقاتها مع العدو الأول في المنطقة «إيران»، وذهبت أكثر فأكثر إلى التحالف الخاسر مع الإخوان المسلمين، فهل نحن أمام مواجهة أو صدام مع السياسة القطرية وما هو مستقبل العلاقة مع هذه الدولة المارقة؟.

على ما يبدو القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة إلى مصر يشكل حجر الزاوية والركيزة الأساسية في التعامل مع قطر، وهو يمثل الحد الفاصل بين قطر المارقة وقطر المقبولة في محيطها الخليجي. ومن خلال متابعة الأحداث بدا واضحا أنه لا تراجع عن مشروع «عقلنة» قطر وإعادتها إلى الحضن الخليجي ذي المصالح المترابطة والمتشابكة.

إن دول الخليج التي أقدمت على المقاطعة التأديبية لقطر، ليست على الإطلاق في إطار الاستهداف للشعب القطري، كما يروج الإعلام الإخونجي على منابره، وإنما بهدف إجراء مراجعات سياسية وتاريخية لهذا التراكم البائس من السياسة القطرية، ذلك أن الصدمات تدفع الدول العاقلة إلى مراجعات حادة وعملية نقدية موضوعية للمسار السياسي. أما إذا كانت المسألة بالنسبة لقطر مكايدة سياسية ومناطحة مع الدول الأشقاء، فيد الله مع الجماعة، وهذا لعله يكفي قطر أن تكشف أنها في المسار الخاطئ، فدول تاريخية معروفة بمواقفها المهمة للدول العربية، مثل السعودية والإمارات والبحرين، لن تكون وحدها على خطأ في الحسابات السياسية.. لقد بدت الحقيقة واضحة لا مجال للشك فيها؛ نحن أمام حالة سياسية تخريبية في المنطقة الخليجية والعربية وقطر جزء وركيزة في هذه الحالة التخريبية التي يجب أن تتوقف، فما من دول تقبل أن تكون شقيقتها على علاقة مع العدو الأول «إيران» وتستمر العلاقات وكأن شيئا لم يكن، وما من دولة تقبل بجماعات إسلامية متطرفة على حدودها في قطر تعبث فكريا بأمن دول الخليج، تلك قضايا لن تترك دون حسم وحان وقت الحساب. دول مجلس التعاون الخليجي المعروفة بصبرها الطويل، هي الآن تقرر وتضع لقطر مسارين، إما المسار الخليجي الأصيل أو المسار المنحرف الذي يجب على قطر أن تدفع ضريبته بأي شكل من الأشكال.