أزقة جدة التاريخية كما بدت أخيراً.
أزقة جدة التاريخية كما بدت أخيراً.
الأميران فيصل بن عبدالله ومنصور بن ناصر يشاركان في إفطار جماعي ببيت نصيف في المنطقة التاريخية بجدة أمس الأول.  (تصوير: ناصر محسن)
الأميران فيصل بن عبدالله ومنصور بن ناصر يشاركان في إفطار جماعي ببيت نصيف في المنطقة التاريخية بجدة أمس الأول. (تصوير: ناصر محسن)
-A +A
فهيم الحامد (جدة)
في المنطقة التاريخية بجدة تشعر بروح وطعم وذائقة شهر رمضان وتتجسد عادات وتقاليد الشهر الكريم في هذه المنطقة الضاربة في عمق التاريخ. صحيح أن أشياء كثيرة تغيرت مع التطورات المدنية، إلا أن الأكثر صحة هو أن الشخص الذي عاش طفولته فيها، والزائر لها ما زال يتلذذ بها ويشعر بطعهما ورائحتها القديمة. ورغم المتغيرات التي حدثت في المجتمع وانتقال معظم أهالي المنطقة التاريخية للعيش في الأحياء الجديدة يظل للمنطقة التاريخية رائحة وبريق في الشهر الفضيل. وعندما نتحدث عن المنطقة التاريخية سيكون من الإجحاف عدم الحديث عن أبرز موروث شعبي ومعلم تاريخي ثقافي في جدة وهو بيت نصيف العريق، الذي لايمكن لأي زائر تجاهله خلال جولته في المنطقة التاريخية. وفي هذا الشهر الكريم اعتاد وزير التربية والتعليم السابق الأمير فيصل بن عبدالله على إقامة مأدبة الإفطار في بيت نصيف التاريخي بجدة كتقليد سنوي، مر عليه عقود من الزمن، إذ أصبح الإفطار الرمضاني أحد أبرز المعالم الرمضانية لهذه المنطقة.

واتفق الحاضرون في حفلة الإفطار الذي احتضنه بيت نصيف مجددا أمس الأول وهم يتجولون في أدواره الخمسة ويطلون على المنازل المجاورة من الطيرمة (الغرفة التي تعلو سطح المنزل) بضرورة استمرار هذه العادة الرمضانية لنكهتها الخاصة، كونها تعيدهم إلى ذكريات وحنين الأيام الجميلة التي قد عاشها بعضهم في تلك الدروب التي يتشعب منها المكان الأثري، خصوصا أن إفطار بيت نصيف أصبح فرصة للالتقاء و لا يتكرر سوى مرة واحدة في هذا الشهر الفضيل.


وتقدم الحضور مستشار خادم الحرمين الشريفين السابق الأمير منصور بن ناصر، بالإضافة إلى الوجهاء وأعيان مدينة جدة.

و يسرد رئيس بلدية جدة التاريخية المهندس سامي نوار قصة إفطار بيت نصيف الذي بدا بحضور عشرة أشخاص فقط في الطيرمة والتي كانت يوما ما مكان لأسرة آل نصيف للابتعاد عن شدة الحر. وأضاف المهندس نوار لـ «عكاظ» أن إفطار بيت نصيف أصبح معلما وموروثا شعبيا ينتظره الجميع، مشيرا إلى أن الأمير فيصل بن عبدالله يحرص أن يستمتع الجميع بذكريات الجغرافيا والتاريخ والتي تعبق بكل تفاصيلها على التراث المعماري الفريد، خاصة أن الإفطار يتم في سطح المبني التاريخي، إذ يشاهد الجميع من أعلى المبنى مدينة جدة التاريخية، من خلال بوابتها القديمة.

وأوضح المهندس نوار أن معرضا للتوحيد كان أول حراك ثقافي يسلط الضوء على المنطقة التاريخية منذ عدة عقود، مشيرا إلى الأمير فيصل بن عبدالله وراء إقامة المعرض الذي جعل جميع من يتجول به يعيش أيام الماضي العريق بعد أن احتضن جميع أنواع التراث من جميع أنحاء المملكة، «من زار جدة ولم يعرف بيت نصيف فقد ذهبت زيارته لهذه المدينة سدى» هكذا يرى المهندس نوار عراقة بيت نصيف.

و أضاف نوار بيت نصيف عن حقبة تاريخية من حقب تطور الفن المعماري القديم في جدة، وهو أحد أهم المعالم الأثرية فيها، مشيرا إلى البيت اكتسب أهمية منذ أن نزل فيه الملك عبدالعزيز رحمه الله. وأشار نوار أن البيت يتميز بـ«الرواشين»، وهي عبارة عن التغطية الخشبية البارزة للنوافذ والفتحات الخارجية، ويعتبر الخشب هو العنصر الأساسي في تصميم هذه الرواشين. هكذا بدا بيت نصيف أمس الأول مليئا بالحيوية والنشاط، إذ استعاد الحاضرون ذكريات ماضي رمضان، مطالبين الأمير فيصل بن عبدالله باستمرار العادة الرمضانية في الأعوام القادمة.