-A +A
عبدالرحمن الختارش (جازان) okaz9@
كانت ومازالت المملكة العربية السعودية تضرب مثالاً رائعاً في الحكمة والصبر والتروي، وتجسد سياساتها الخارجية منذ نشأة وقيام الدولة، رمز الحكمة والحنكة السياسية الدولية، فجميع مسؤوليها يمثلون منذ عهد وزيرها الأول الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز والذي تقلد هذا المنصب كأول وزير لها وقبل أن يمسك مقاليد الحكم، المدرسة ذات النهج الدبلوماسي الرفيع التي سار عليها كل من إبراهيم بن عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله السويل والأمير سعود بن فيصل بن عبدالعزيز والذي عرف باسم مهندس العلاقات الدبلوماسية الدولية، وحتى عهد السفير عادل بن أحمد الجبير، الفارس الذي أنهك كثيراً الأعداء دولياً ودبلوماسياً.

هذه السياسة الدولية المتزنة رافقها التأني واختيار الوقت المناسب لإبداء وجهة نظر المملكة في أي موقف أو قبل الدخول في أي جدل مع الأطراف الخارجية، ما أكسبها احترام العالم وفرضت شخصيتها بكل جدارة، بعد أن عجز الكثيرون من جرها إلى مستنقع ووحل المهاترات الدبلوماسية، فوجدوا أنها تترفع دائما عن الرد على مهاجميها خارجياً ممن يكنون لها العداء، لتلقن في نهاية المطاف أولئك المتهورين دروساً لا ينسوها، وتعلمهم أن الصمت حكمة وعقل وليس ضعفاً.. وأن الصمت والتأني فرصة منحتها للآخر لمراجعة حساباته والتراجع عن الأخطاء التي يرتكبها، ولعل كثيرا من أعداء الخارج أصبحوا يعلمون جيداً أن الصمت لا يعني الضعف والتهاون وغض النظر عن التجاوزات. بل أصبحوا يدركون أن الحليم إذا غضب يستطيع أن يلجم أعداء الوطن ويحجمهم جيدا ويضع حدا لكل التجاوزات.


«جزيرة» قطر

المتابعون لقناة الجزيرة القطرية، يستطيعون معرفة توجه القناة والعداء العلني للمملكة، خلال سنوات ماضية مارست الجزيرة هذا الدور من خلال تقاريرها واستضافتها لشخصيات معادية للسعودية، وهنا أيضا ظهرت الحكمة والحكنة السعودية والصبر على أعداء الدين والوطن حتى يحين الوقت المناسب للرد وإيقاف التجاوزات أيا كان نوعها.

فرغم ممارسات الإعلام القطري ممثلاً في قناة الجزيرة، إلا أن المملكة سمحت للجزيرة بمواصلة عملها على الأراضي السعودية ولم تمارس ضدها أي مضايقات وكانت تمارس عملها في ظل ترفع حكومة المملكة عن النزول لمستوى ممارساتها وتوجهاتها المكشوفة.

حقيقة الإعلام السعودي

تمثلت الحكمة السعودية في ما يتعلق بممارسة قناة الجزيرة أيضاً بالحكمة والإعلام السعودي ممثلاً في جميع وسائله.. ولم يسمح لنفسه في وقت سابق بالانزلاق والدخول في مهاترات مع «الجزيرة» ومموليها، وترفع عن الرد على أمثال هؤلاء ليشكل مع سياسة المملكة الخارجية خطا متوافقا ومتزنا يؤكد الحكمة والحكنة والدبلوماسية المتزنة والرصينة. وبعد الموقف الأخير من الحكومة القطرية الذي فضح نواياهم وتوجهاتهم ومواقفهم السياسية برز الإعلام السعودي وعلا صوته في الوقت المناسب، واستطاع بكل جدارة أن يلجم الإعلام القطري «قناة الجزيرة» بل إن الفارق كان شاسعاً واتضح الفرق بين قوة الإعلام المتزن الذي لا يصدح إلا بصوت الحق وبين الإعلام الموجه. كان الفرق واضحا وبدت قناة الجزيرة عاجزة تماماً عن مجاراة الإعلام السعودي الذي استطاع أن يلجم الخونة ويفضح الدسائس والمؤامرات، وأن يثبت أن الصمت لم يكن ضعفاً بل سياسة حكيمة ارتبطت بشخصية الإعلام السعودي المتزن الذي استمد قوته وحكمته وصبره من نهج ولاة الأمر.