-A +A
أنس اليوسف (جدة) 20_anas@
لم يقتصر دعم الدوحة على الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة فحسب، بل سلكت ذات الطريق نحو تمويل مراكز أبحاث ومعاهد ومؤسسات فكرية وثقافية وإعلامية عالمية، في محاولة لتضليل الرأي العام، وتحسين صورة «إمارة الثعالب» في أوساط الحكومات الغربية.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا تؤكد أن «ثمة دولا صغيرة يصعب عليها كسب الثقة والقوة سريعا في واشنطن -في إشارة إلى قطر-، ما يدفعها إلى تمويل مراكز الأبحاث هناك لكسب الثقة، وبعض مراكز الأبحاث كانت واضحة في كونها لن تخدم سوى تلك الدول التي تمولها»، وأوضحت أن «معهد بروكينغز» تلقى دعما قطريا سخيا، بلغ قرابة 15 مليون دولار في 2013، و3 ملايين دولار في 2011.


وتعود العلاقة بين الدوحة وبروكينغز إلى عام 2002، حين بدأت قطر في دعم برنامج بروكينغز لتقديم دراسات عن دول العالم الإسلامي، وبين عامي 2002 و 2010، لم يكشف بروكينغز عن المبالغ السنوية المقدمة من حكومة قطر.

وفي ذات التقرير أكد باحثون يعملون في معهد «بروكينغز» وجود اتفاقات ضمنية بعدم التعرض للحكومة القطرية بأي مواقف ناقدة، في التقارير والأبحاث التي يصدرها المعهد، إذ قال سليم علي باحث زائر عمل في «بروكينغز الدوحة»: «إن كان عضو في الكونجرس يستعين بتقارير بروكينغز، يجب عليه أن يعي أنه لا يسمع القصة كاملة»، وأفاد أنه في مقابلته الوظيفية تم إعلامه بعدم التعرض لقطر بأي مواقف سلبية.

المعهد المدعوم بالريال القطري، افتتح رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم فرعاً له في الدوحة، صبيحة الأحد 17 فبراير 2008، لينشر دراسات خاصة حسب توجهات وتعليمات الدوحة، إذ دأب المعهد في السنوات الأخيرة على تقديم تقارير عدة تشوه صورة المؤسسة العسكرية في مصر وثورة الثلاثين من يونيو، والصفقات العسكرية بين الرياض وواشنطن أخيرا، وتقديمها أبحاثا تؤكد عدم تورط إيران في دعم الحوثي.

وسبق وأن طالبت الرياض من الدوحة، إغلاق المركز، إبان أزمة سحب السفراء من الدوحة في 2014، الأمر الذي لم توف به قطر حتى الآن، ونشر أمس الأول (الجمعة) فيصل القاسم تغريدة يوضح فيها بأن معظم الحسابات الداعشية في «تويتر»، مصدرها من السعودية، وفق بحث أجراه «بروكينغز»، في عام 2015.

بالمقابل فنّد أمين عام مركز اعتدال لمحاربة التطرف ناصر البقمي، الادعاءات الكاذبة التي خرج بها التقرير، إذ حدد البحث فترة جمع البيانات من شهر سبتمبر إلى ديسمبر 2014، وحجم العينة المدروسة 20 ألف حساب مؤيد لداعش، ومن بين الـ20 ألفا، 292 حسابا فقط فعلوا خاصية «التموضع» (GPS) في تغريدة واحدة على الأقل من تغريداتهم، وتعد خاصية «التموضع» الطريقة الوحيدة الموثوق بها تماما لتحديد مكان المستخدمين، والحصول على إحداثيات الموقع الجغرافي التي قد يتيحها المستخدم عند تفعيل الخاصية.

وأفاد التقرير أن ثاني أكبر تجمع للحسابات الداعشية كان في السعودية 27%، وتلك النسبة تعني 79 حسابا فقط، وبرر البحث بأن التحليل كان بناءً على آخر موقع تم تسجيله في التغريدات، وأوضح التقرير أنه بسبب تفعيل عدد قليل جدا من العينة لخاصية «تحديد الموقع»، تمت الاستعانة بإجراءات أخرى للحصول على الموقع بناء على المعلومات التي اختار المستخدمون مشاركتها، رغم أنه قد تكون معلومات مغلوطة عمدا.

ويفترض الباحثون هنا أن مؤيدي داعش سيعلنون عن مواقعهم الحقيقية، كأنهم لا يعرفون استخدام شبكات الـVPN مثلا، معترفين ضمنا أن بعض الحسابات تغيرت مواقعها بين تغريدة وأخرى، ما يعني استخدامهم برامج لإخفاء أماكنهم الفعلية، ويذكر التقرير أنه بناء على الموقع الجغرافي الذي ادعاه المغرد لنفسه، لم تأت السعودية في المركز الأول كما يتداول البعض عن جهل وسوء نية، رغم توضيح التقرير أن العاصمة اليونانية أثينا يوجد بها ضعف مؤيدي داعش في السعودية.