الذاكرة مليئة بالنيران في مدينة جدة التاريخية، إذ لا تمحو ذكرى اشتعال أحد المباني القديمة، حتى تشتعل حريقة أخرى، وكأن قدرها أن تستذكر النار، وتئنّ تحت أدخنة الماضي. ولم يكن الحريق الأخير لأربعة مبانٍ إلا الذكرى الأخيرة التي استيقظ عليها الدفاع المدني، ولم يصب أحد بأذى حسب ما أعلنته إمارة مكة المكرمة عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي.
إن النار التي تضطرم في جسد جدة التاريخية منذ سنوات، كأنه قدرها المحتوم، رغم كل اجتهادات أمانة جدة التاريخية في ترميم وإنقاذ ما مكن إنقاذه، إذ لا تزال هذه المنطقة التاريخية رئة جدة، وإرثها الذي لا يقبل أحد فقدانه.
الصراخ يتعالى بين المرقبين للنار وهي تصعد في أحد المباني المحترقة، كأنَّه يصرخ إلى ذكريات من عبروا المكان، وتمنّوا أن يروا هذه المنطقة المهمة، خالدة في النفوس، وعلى مرأى ومسمع من زوارها.