عضوا «شورى» يوزعان الاتهامات في كل الاتجاهات: تخوين وترهيب!
في جلسة ساخنة بمجلس الشورى أمس (الاثنين)، ترأسها الدكتور عبدالله آل الشيخ، وبدت وكأنها محاولة «تخويف وتهديد» لبعض الأعضاء ومحاولة «ترويض عام» للجميع، تداخل عضوا المجلس الدكتور عبدالعزيز الحرقان، والدكتورة إقبال درندري مشيرين بأصابع الاتهام لزملاء لهما إلى درجة طلب تفعيل ما أسماه الحرقان «نظام محاكمة الأعضاء»، مع توجيه اتهامات مرسلة من درندري لبعض زملائها، ولوسائل الإعلام المحلية التي تغطي شؤون المجلس، وصفها بعض الأعضاء الحاضرين (تحتفظ «عكاظ» بأسمائهم) بـ«الاتهامات الخطيرة التي تزيد الهوة بين المجلس والإعلام». في حين قال عضو آخر لـ«عكاظ» «لا فائدة من محاولة تسكيت الأعضاء أو الهجوم عليهم أو على وسائل الإعلام، والمفروض بدلا من ذلك معالجة مكامن الخطأ العميقة في أداء المجلس».
وكانت الدكتورة إقبال درندري، وهي من الأعضاء الجدد المعينين في الدورة الحالية، افتتحت الهجوم أمس بتوبيخ الأعضاء الذين ينتقدون أداء المجلس، وقالت «إن كل أعضاء المجلس مهتمون بمن فيهم الرئيس بأداء المجلس وتطويره، وفي نفس الوقت مهتمون بما هو في صالح الوطن والمواطن ولا أحد يحق له أن يزايد على ذلك أو أن يتهمهم بغير ذلك».
«نظرية المؤامرة» حاضرة
ووصفت درندري ما تقوم به وسائل الإعلام المحلية التي «تتلقف تصريحات بعض الأعضاء» حسب قولها بـ«التحريض» و«مهاجمة الرموز» و«خلق الفوضى» و«الجريمة التي يطالها القانون».
وأكدت درندري أن هؤلاء مجموعة لها «عمل ممنهج كما اتضح لكثيرين وتستخدم التحريض لمهاجمة الرموز وخلق الفوضى وهي جريمة يطالها القانون». وختمت درندري مداخلتها متسائلة عن فائدة التطوير الذي تطالب به وسائل الإعلام وبعض الأعضاء عند «تضييع مجهودات المجلس المخلصة وضياع هيبته».
أما مداخلة نائب رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات عبدالعزيز الحرقان فبلغت ـ كما وصفتها مصادر موثوقة من داخل الجلس ـ «الذروة في المغالطة وخلط الأوراق والحث على تكميم الأفواه وتوجيه رسائل تخوين خطيرة وتخويف لأعضاء محددين دون ذكرهم بالاسم».
محاكمة الأعضاء!
وطالب الحرقان رئيس المجلس بمحاكمة الأعضاء الذين يسيئون لصورة المجلس، قائلا: «أرجو من معاليكم الموافقة على تفعيل قواعد محاكمة أعضاء المجلس في حق من ينشر أو يسرب وثائق المجلس بشكل عام ولدى جهات الإعلام على وجه خاص».
وكان الحرقان افتتح مداخلته بالتذكير بالقسم الذي أقسمه الأعضاء أمام ولي الأمر، وبما تنص عليه قواعد عمل المجلس من عدم إفشاء «أسرار الدولة وسرية الوثائق وبقائها داخل المجلس وعدم نقلها بأي صورة كانت، ومع ذلك فإن هذه الوثائق نجدها على صفحات الإعلام وشاشات القنوات الفضائية وبرامج التواصل الاجتماعي وأنها تنشر قبل عرضها ومناقشتها في المجلس من جانب بعض أعضاء المجلس».
وضرب الحرقان مثالا بنظام رسوم الأراضي قائلا: «بالرغم من درجة السرية العالية المحاطة بالوثائق انتشرت صورة شاشات الأعضاء على منصات التواصل ونشر نص النظام في الصحف». وعلق أحد الأعضاء من المجدد لهم في الدورة الحالية لـ«عكاظ» ساخرا بقوله: «يبدو أن زميلنا العزيز يراهن على ضعف ذاكرتنا بسبب التقدم في العمر»، مضيفا: «إن نظام رسوم الأراضي في الدورة الماضية منع عن جميع الأعضاء سوى من خلال شاشات القاعة الرئيسية قبل ساعة ونصف فقط من بدء جلسة النقاش، وقد فوجئنا بنشره كاملا في إحدى الصحف المحلية قبل يوم كامل من إتاحته لنا عبر الشاشات أو الاطلاع على حرف منه، ما جعل كثيرين وأنا منهم نطالب آنذاك بالتحقيق في أروقة الأمانة العامة عن هذا التسريب».
«شماعة الإعلام»
وكان الحرقان ذكر في مداخلته أن تقاطع الأعضاء مع الإعلام يسبب -حسب تعبيره- «مستويات مختلفة من الضرر للمجلس، وإخلالا بالأمانة والقسم الذي أقسمناه، ويؤثر على سير العمل، ويخلق صورة ذهنية سلبية عن المجلس، ويؤثر على الرأي العام وعلى رأي الأعضاء»، مستشهدا بمحاولات بعض الأعضاء في ما أسماه بـ«استخدام وسائل الإعلام المختلفة بغرض تمرير بعض المقترحات التي لا تحظى بموافقة اللجنة».
وقال أحد أعضاء المجلس لـ«عكاظ»، الذي فضل عدم ذكر اسمه، «تسريب رسوم الأراضي مسؤولية جهة ما في المجلس تعرف نفسها جيدا، ونحن كأعضاء أول من طالبنا وما زلنا نطالب بالتحقيق والمساءلة فيها ولا مبرر لرمي التهم علينا»، مضيفا: «الخلط بين تسريب رسوم الأراضي ونقاش الأعضاء لتوصياتهم في وسائل الإعلام خلط مقصود، الهدف منه تمرير رسالة تهديد مبطن للأعضاء».
تخوين علني
وأبدى عضو المجلس في تصريحه إلى «عكاظ» أسفه من مستوى التخوين العلني بقوله: «إنه شيء مؤسف ولم أشهده سابقا أن نصل لهذا المستوى من التخوين العلني، فما علاقة الأمانة وأسرار الدولة والقسم أمام ولي الأمر -حفظه الله- بنقاش مشاريعنا وتوصياتنا في الإعلام، وإنه كان مؤلما لكثير من الزملاء الحاضرين سماع هذه المداخلة غير المسبوقة بدون مقاطعة أو استدراك من رئيس الجلسة».
وبسؤال «عكاظ» لعضو شورى سابق ذي خلفية قانونية عن جدل العلاقة بين الشورى والإعلام، قال: «من أبسط الممارسات البرلمانية في كل أنحاء العالم مشاركة الإعلام للبرلمان سواء في تغطية ما يدور داخل الجلسات أو في عرض آراء ومقترحات الأعضاء»، مضيفا: «إن منع العضو من التواصل مع الإعلام بشأن توصياته ومشاريعه ينافي دوره كممثل للناس، وينسف حقه في الاستخدام المشروع لأداة برلمانية قوية هي إشراك وتحريك الرأي العام لتمرير أنظمة واقتراحات جديدة».
واختتم تصريحه لـ«عكاظ» بالقول: «أنصح بعض أعضاء الشورى وأقطاب إدارته غير الملمين بدور ومشروعية الإعلام للعضو البرلماني أن يطلعوا على دراسة للبنك الدولي صادرة في 2003 عنوانها البرلمان والإعلام نحو بناء مجتمع مستنير لعلهم يهدئون روعهم».
مداخلة متشنجة
وكان الحرقان في مداخلته الحادة أمس قال: «الأجدر بالأعضاء أن يبدوا رأيهم واعتراضاتهم وفق نظام المجلس الذي كفل لهم ذلك بدون إخلال بأمانة العمل والقسم الذي أقسمناه، وكان الأولى بهم أن يكونوا قدوة للآخرين في التقيد بالتعليمات»، مضيفا أن كلام الأعضاء في وسائل الإعلام عن مداخلاتهم ومشاريعهم يشكل حسب قوله «ضغطا على الأعضاء وعلى مسار مناقشاتهم وتصويتهم على هذه الموضوعات».
وختم الحرقان مداخلته التي وصفتها المصادر بـ«المتشنجة» بطلب تفعيل محاكمة الأعضاء، وبشكر خاص لرئيس المجلس الذي يحافظ على «هيبة المجلس واستقلالية قراراته ومنع محاولات التأثير عليه من جانب بعض الأعضاء».
من جهته، علق رئيس المجلس الدكتور عبدالله آل الشيخ -بعدما انتهى الحرقان من مداخلته- بالقول، إن له كرئيس للمجلس حق محاسبة الأعضاء، لكنه لم يستخدمه في الدورات السابقة، ويرجو أيضا ألا يستخدمه في الدورة الحالية، متابعا «إذا أحد زملائنا أخل كما أشار سعادة الدكتور الحرقان، لعلنا نحن بما بيننا من ود نعالج الموضوع، ولا يضيرنا عدم ردع ومضايقة من تكلم بسرعة».