-A +A
«عكاظ» (مكة المكرمة، المدينة المنورة)OKAZ_online@
أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي، أن تربية الأمة على ثوابت الدين ومحكمات الشريعة يعصم من الفوضى الفكرية والأخلاقية، ويحمي من التدين المغشوش والتلون في دين الله والتنقل بين أقوال الرجال وأهوائهم الذي أضر كثيراً وأفسد كثيراً وشوه صورة الإسلام الصافية النقية السمحة.

وقال في خطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام: «إن دين الإسلام يقف على أصول ثابتة وأركان متقنة، كفلت له أن يبقى عزيزا شامخاً ثابتاً ثبوت الرواسي»، موضحاً أن الانفتاح الفكري والثقافي والإعلامي الهائل الذي يشكل حالة فريدة لم تحصل في تاريخ البشرية قط، أسهم في عبور آلاف الأفكار المضادة والآراء المتطرفة والثقافات الوافدة والقيم الغريبة على المجتمع المسلم التي كان لها تأثير على عقول وقلوب فئات من الناس، مما فتح الباب على مصراعيه لفتن الشبهات والشهوات أن تنخر في الأمة بغية إضعافها.


وأضاف: إن الاعتصام بمحكمات الشريعة وثوابتها المحكمة أصبح اليوم أكثر ضرورة من ذي قبل، فالمسلمون بأمس الحاجة إليها وإلى تعلمها ودراستها وإشاعتها بين أفراد المجتمع، وبناء الخطاب العلمي الدعوي والفكري والاعلامي عليها، ويوم أن كانت محكمات الشريعة وأصولها حاضرة في أذهان المسلمين الأوائل سلمت لهم عقائدهم وأخلاقهم وقيمهم وعاشوا في أمن فكري وعقدي ومجتمعي، متيقظين لكل الواردات والآفات الوافدات.

وأكد أن الاجتماع على كلمة محكمات الشريعة والدعوة إليها وتربية الصغار قبل الكبار عليها وحث الناس على التفقه بها والاعتصام بها هو واجب على كل العلماء والدعاة والمعلمين والمربين ومن تسنم منابر التوجيه في كل الوسائل، وقال: «إن الأمة اليوم تتعرض لهجوم وعدوان غير مسبوق على عقيدتها وفكرها وثقافتها وهويتها، وهذه المحكمات والثوابت إذا رسخت في القلوب والعقول ونشأت عليها الناشئة فإنها من أعظم الأسباب التي تحفظ الأمة من ضياع الهوية». وزاد: «لا ريب أن محكمات الشريعة من أجلّ الوسائل في حصول الأمن العقدي والفكري والنفسي والاجتماعي بين أفراد الأمة بما تحمل في ثناياها من خصائص الوضوح والبرهان والطمأنينة والسكينة والألفة والمحبة والاجتماع التي تكفل تحقيق مقاصد البعث النبوية وحكم التشريع وغاياته، فالنبي عليه الصلاة والسلام إنما بعث بالحنيفية السمحة والشريعة المحكمة لكي يتمم صالح الأخلاق ومكارم الآداب والمروءات، وإن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد الإ غلبه، ومن هنا كان الواجب الابتعاد عن كل الوسائل والأساليب التي تخالف المحكمات». وبيّن أن من ثوابت الشريعة ما ورد في الوصايا العشر في آخر سورة الأنعام، والمناهي العشر في أوائل سورة الإسراء، والجمل العشر في سورة الشورى، والأخلاق والآداب العامة في سورة النور والحجرات، والآيات والأحاديث التي تأمر بالحجاب والستر والعفاف التي ندرأ بها كثيرا من الفتن والشبهات، ومن ثوابت الدين أن من دخل في الإسلام بيقين فلا يخرج منه إلا بيقين فلا يجوز إطلاق التكفير على المسلم إلا بتحقيق الشروط وانتفاء الموانع، والنصوص التي تأمر بطاعة ولاة الأمر في المعروف وتحريم الخروج عليهم والصبر على جورهم وعدم منازعتهم الأمر من الأصول المحكمة التي تحفظ استقرار المجتمعات وتحميها من تهور الجهلاء وسفه الحمقى والأغرار، والنصوص التي تأمر بالاجتماع والوحدة والألفة والمحبة والأخوة الإيمانية ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم وتحذر من التنازع والخلاف المذموم من أجل محكمات الشريعة التي تدرأ عن الأمة فتن الأحزاب والجماعات والخصومات والتصنيفات.

الثبيتي: قضية الأقصى ستبقى حية في نفوس المسلمين

أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي أن المسجد الأقصى بتاريخه وفضائله يوقد في المسلمين مشاعر الوحدة، ويقوي رابطة الأخوة لنصرته وتطهيره من أوضار الشرك والضلال، لافتاً إلى أن «قضية الأقصى ستبقى حية في نفوس أبناء هذا الدين، لا يزعزع اعتقادنا بذلك إنكار المنكرين وافتراءات المعتدين». وقال في خطبة الجمعة أمس في المسجد النبوي: «في معجزة الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى تتجلى قدرة الله تعالى وعظمته، وصدق رسالة نبي الهدى، وتبيّن عظمة بيت المقدس ومكانته وقدسيته عند المسلمين». وأضاف: «إنها أعظم آيات النبوة وأجل معجزاتها، فيها حكم وأحكام، ودروس بليغة عظام، رحلة اختص الله بها خليله وصفيه محمداً صلى الله عليه وسلم من البيت الحرام إلى بيت المقدس موطن النبوات، وأولى القبلتين، تشريفاً لقدره وتعظيماً لمكانه، وتجديداً لعزيمة نبينا محمداً». ولفت إلى أن في رحلة الإسراء والمعراج تأكيد عميق على الارتباط الوثيق بين المسجد الحرام وهذا المسجد النبوي والمسجد الأقصى، وفي ذلك إشارة للأمة أن لا تفرط في المسجد الأقصى لمكانته وقدسيته وبركته، وتابع من الأحاديث الدالة على عظمة المسجد الأقصى، إذ قال أبو ذر رضي الله عنه: (قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت كم بينهما؟ قال: أربعون سنة)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى). وأضاف أن الإسراء والمعراج يُعلمنا أن الحق ظاهر ومنصور، مهما علت دعاوى الباطل، وكثرت ادعاءاته، فالباطل مهتزة أركانه، ضعيف كيانه، سريع هلاكه، زاهق بنيانه.