-A +A
أحمد سكوتي (جدة) okaz_online@
لم تمر ساعات على فاجعة طريق الكدمي بصبيا في جازان، التي راح ضحيتها 7 أفراد من أسرة واحدة، إلا وانهارت «بلاطة» أخرى في سقف وزارة النقل، بإعلانها تعرض قطار شحن على طريق الرياض - الدمام أمس (السبت) لحادثة سقوط بلاطة أسمنتية في جسر تحت الإنشاء، على القطار.

لا يجادل أحد في أن الوزارة في المرة الأولى، واكبت عاملي السرعة والحزم، باعتمادها إعفاء مدير فرعها بجازان، وتحميله والمقاول المسؤولية عن التقصير في متابعة الطريق، وهو ذات التقصير الذي يطل برأسه على حادثة السماح بمرور قطار شحن على خط حديدي يعلوه أو يجاوره عمل إنشائي بصبات أسمنتية دون أي عوامل سلامة، أو ربما لم تكن بالشكل المطلوب، فالنتيجة واحدة.


وربما يلفت النظر أن الحادثتين جاءتا في توقيت لا يفصله سوى ساعات عدة، وإن كانت المسافة الفاصلة تمتد لمئات الكيلومترات ما بين جازان جنوبا، والرياض في الوسط، كما أن التقصير هو العامل المشترك بين الحادثتين، رغم أن الجهة المشرفة واحدة هي وزارة النقل، وإن كانت صلاحيات المتابعة والإشراف تختلف من موقع لآخر.

لكن المستغرب أن الوزارة التي تحمل على عاتقها سلامة مسافرين وتتحمل عبئا ضخما، ليس لديها سجل واضح وشفاف في عقاب هؤلاء المقصرين، أو ربما لديها، لكن شتان ما بين ما هو معلن، وما «داخل الأدراج»، فلم يسمع أحد عقوبات النقل تجاه أي مقصر، وكأن الحوادث لم تحدث سوى خلال الأيام الثلاثة الماضية، وكأن الأمر لا يتعلق بسلامة مواطنين وعابرين وسمعة طرق كان من الأحرى أن تواكب ما يصرف عليها من ملايين الريالات، في ظل رؤية واضحة، تعتمد على توفير كل الأموال اللازمة لانتقال سهل وميسر للمواطنين من مدينة لأخرى.

ولأن اللائحة السوداء لا أثر لها في وزارة النقل أو بعض فروعها، أو ربما كانت موجودة وحوّل غبار الأدراج لونها إلى «اللون الرمادي»، بدأت الوزارة في تحمل عبء المقصرين، ولا عزاء طالما هي التي وضعت نفسها في هذا الموقف، فلا كانت حازمة في إرساء معايير السلامة في المشاريع، ولا كانت حاسمة في إتقاء شر المقصرين من مقاولين أو غيرهم في تصعيد الأمر ضدهم، سواء بالغرامة أو حتى رفع الأمر إلى الجهات العدلية، أو شطبهم من سجلات مشاريع الوزارة.

اليوم وقعت حادثتان على عباءة النقل، ومن حق المتضررين أن يشيروا بأصابع الاتهام سريعا لوزارة تعرف مسبقا أن واجبها إرضاء المواطنين، ودورها مراقبة ما يصنعه الآخرون، والمطلوب منها أن تعلن بشفافية ماذا يحدث هنا وهناك، أم يستمر الحال فيمر القطار بلا سلامة، وتسير المركبات بلا أدنى معايير اهتمام.