مجلس العزاء لعائلة الحمدي في إسكان ديحمة. (تصوير: محمد القيسي)
مجلس العزاء لعائلة الحمدي في إسكان ديحمة. (تصوير: محمد القيسي)
-A +A
خضرالخيرات (جازان) khdr09@
«لا أعلم الآن ماذا أفعل بهدية المتفوقة مروة، وأين أذهب من الذكريات الجميلة»، جملة عكست حالة الحزن والتيه التي يعيشها عبدالعليم حمدي بعد رحيل ابنتيه مروة 13 عاما ومها 11 عاما في حادثة طريق الصوارمة - المضايا التي ذهب ضحيتها 7 نساء وإصابة 4 آخرين منهم ابنتان لحمدي سجى 8 سنوات، وغادة 5 سنوات، لاتزالان تخضعان للعلاج في المستشفى.

وقال حمدي لـ«عكاظ»، والأسى يحيطه من كل جانب على فقدان ابنتيه: «قبل يومين من الفاجعة أصرت بناتي أن أذهب بهن لمحافظة صبيا لحضور حفل زفاف، وأنا أرفض لانشغالي، ولكنه القدر، إذ تم تأجيل حفل الزواج إلى اليوم المشؤوم، فأصررن على مرافقة خالتهن للذهاب، وعندها رضخت لرغبتهن».


ويكمل كاتماً غيظه: «جاء نبأ الحادثة كالفاجعة بعد أن تلقينا اتصالاً يفيد بأنهم تعرضوا لحادثة على طريق الصوارمة - المضايا فهرعنا كالمجانين لعلمنا بسوء الطريق وحوادثه المميتة، وعندما وصلنا لموقع الحادثة وجدنا الجثث ملقاة على جانبي الطريق، وبعضهم محتجزون داخل السيارة اقتربت أكثر فعرفت أن سجى وغادة مازالتا على قيد الحياة، بينما توفيت مروة ومها إذ كانتا مغطاتين بجانب 4 من خالتهن، تأثرت جدا، ولم أعد أشعر بما أفعله فساعدني أفراد من الشرطة الذين كانوا يتواجدون في الموقع وطلبوا مني الثبات ومرافقتهم للمستشفى، ومازال تأثير الفاجعة وكأني غير مدرك ما حدث، وأني لن أعود وأجد بناتي حولي».

واسترجع الأب المكلوم المواقف الجميلة التي يتذكرها مع بناته قائلاً: «عادت ابنتي مروة من المدرسة، وقالت لي إنه تم إعلان اسمها من المتفوقات في استقبال الطالبات لبداية الفصل الدراسي الثاني مطالبة بهدية جديدة بعد هدية التفوق التي حصلت عليها عقب الحصول على شهادة الفصل الدراسي الأول، وسط ضحكات أخواتها ووعدتها بهدية أخرى، ولا أعلم الآن ماذا أفعل بهدية المتفوقة مروة، وأين أذهب من الذكريات الجميلة».

وعن المسؤول عن الحادثة يقول: «لم يصلنا تقرير المرور إلى الآن، فقد انشغلنا بمصابنا والمصابين والعزاء والمتوفيات»، وتابع: «سألت قائد السيارة وهو أحد أبنائنا، فقال إنه فوجئ بوجود الشاحنة أمامه وحاول التجاوز لكنه اصطدم بها من الخلف ولا يعلم بعد ذلك ماذا حدث ولا يعلم أيضا أن أمه إحدى المتوفيات في الحادثة، إضافة لأخواتها وبناتي».

وأوصى حمدي «عكاظ» بالحذر من طريق «الصوارمة - المضايا» وسلك طريق آخر، كونه خطيراً في الليل لانعدام الإضاءة وبمسار واحد، كما ستتفاجأ أمامك إما بالإبل السائبة أو سيارة متجاوزة تصدمك وجهاً لوجهة، وهو ما وجدناه حقيقة في طريق العودة.

رحلة سياحية تحولت لمأتم

عبدالله سالم أحد المرابطين في الحد الجنوبي في نجران، لم يفق إلى الآن من هول الصدمة، إذ كان يخطط مع شريكة حياته (حسناء 30 عاما) لرحلة سياحية بعد منحه إجازة من عمله، قبل أن يفاجأ بخبر وفاتها أثناء عودته إلى جازان.

يقول بقلب راضٍ بقضاء الله وقدره: «ارتبطت بزوجتي منذ 7 أشهر، واتصلت بها بعد انتهاء ورديتي الأخيرة لأخبرها بمنحي إجازة لمدة 15 يوماً، سأقضيها معها في رحلة سياحية خاصة، إذ طلبت منها أن تفكر من وقت الاتصال إلى موعد وصولي في المكان الذي تود أن تقضي فيه هذه الإجازة، ثم استأذنت مني لترافق أخواتها للذهاب لحفل الزواج لتعود وترتب حاجاتها للسفر وأنهينا المكالمة»، وأضاف: «خرجت من نجران إلى عسير حيث يسكن والدي لأسلم عليه، وقد كان بانتظار وصولي إذ أبدى رغبته في مرافقتي لجازان بحجة الاطمئنان على بعض أقاربه الذين تعرضوا لحادثة، واتجهنا معاً، ولم يعلمني أن زوجتي توفيت في الحادثة، وعندما وصلنا إلى أبوعريش فتحت جوالي المقفل منذ خرجت مع والدي بناء على طلبه خوفاً علينا من الطريق، لأتفاجأ بوجود رسائل تعزية، وأن زوجتي إحدى المتوفيات، إذ كانت في رحلتها الأخيرة للموت قبل وصولي محملًا بأحلام رحلة سياحية تسعدها، والحمد لله رضينا بما كتب الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون».