-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول) GhadawiAbdullah@
حكاية سطوع الشمس موغلة في تاريخ المستشرقين، فقد كانت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة أول من تحدث عن شمس الشرق تسطع في الغرب، وربما لو كانت هونكة في العام 2018 لكررت عبارة من نوع آخر وهي «شمس ابن سلمان تسطع في الولايات المتحدة الأمريكية». ويستحق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كل هذا السطوع الإعلامي والصورة اللامعة لشاب جريء استطاع في فترة وجيزة نقل بلاده إلى مقدمة المشهد الدولي، بل استطاع أيضا تغيير قواعد التفكير السعودي ليكون أكثر براغماتية وعملانية في ظل عالم يؤمن بالعمل والتفكير والتخطيط. اليوم محمد بن سلمان يتقدم شاشات التلفزة والصحف وحتى مراكز البحث ومراكز الدراسات الإستراتيجية، إنها سعودية بطعم جديد، سعودية جديدة ولدت من عقل شاب طموح يقول دائما إن ما من شيء يوقفه عن العمل إلا الموت. بهذه الإرادة والعزيمة المرافقة للتخطيط والرؤية يمكن بناء الأوطان. ظهور محمد بن سلمان في كل الطبقات المجتمعية الأمريكية، سياسة واقتصاد وتكنولوجيا يؤكد الرؤية الحصيفة لولي العهد في أن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ليست سياسة وعسكرة واقتصاد فقط، وإنما منظومة كاملة تشمل كل زوايا الدولة، ولعل الصورة النمطية عن السياسيين العرب والمسلمين، تتغير شيئا فشيئا في الذهنية الغربية حين نرى أميرا شابا من الأسرة المالكة في السعودية وهو يزور، مركز آي بي إم واتسون للصحة، كما زار مختبر البايو ميكاترونكس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في مدينة بوسطن، التي تعتبر معقلاً لأعرق الجامعات، ومراكز التكنولوجيا. مثل هذه الصورة الحداثية على المستوى التكنولوجي أهم بكثير مما يقوم به قادة في علاقاتهم العامة في الولايات المتحدة الأمريكية. لا شك أن هذه الشخصية ستكون محط دراسة واهتمام المستشرقين المنشغلين بأوضاع العالم العربي والإسلامي، إن إشادة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالأمير محمد بن سلمان ليست هي الأولى من نوعها على دينامية هذا الرجل وتطلعه لبناء مستقبل متماسك لبلده، فقد قالها الرئيس السابق باراك أوباما أيضا «إنني تعاملت مع هذه الشخصية ووجدت أنه شخصية واسعة الاطلاع ورجل حكيم تجاوز عمره بسنين». في الولايات المتحدة الأمريكية، عادة ما يكون الإعلام أهم وسائل صناعة السياسة الأمريكية وقولبة الرأي العام، وحين تجد أن هذه الماكينة الإعلامية المهيمنة تخصص مساحات واسعة للحديث عن ولي العهد السعودي، فاعلم أن هناك حالة هائلة من التأثير السعودي في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية. لم تكن حالة الاهتمام الغربي بأمير شاب مجرد زوبعة في فنجان، بقدر ما هي حالة تحول في الذهنية الغربية لقادة دول العالم العربي والإسلامي؛ إذ أظهر الأمير الشاب، إن النظام العربي الجديد يقوم على جملة من المقومات التاريخية والإمكانات الحالية وقوى الشباب التي يوليها الأمير محمد بن سلمان جل اهتمامه، وبالتالي يمكن من هذه المعطيات صياغة المستقبل على أن يكون للسعودية «الجُمل» الأقوى في «نص» المستقبل.