ما الذي يحدث في المملكة العربية السعودية، ذلك السؤال الذي ظل لفترة طويلة يلهج على ألسنة المراقبين والصحفيين والمحللين، الذين لم يتأخروا على الإطلاق بالتوجه إلى الرياض.. إنها فرصتهم لرؤية السعودية الجديدة. كل من يتوجه إلى السعودية يفكر بهذا الرجل ماذا يريد وما هو مصدر جرأة وقوة كل هذه القرارات، أصبح شيفرة التحول في المنطقة.. في الغرب، كل الطرق تؤدي إلى محمد بن سلمان الرجل القوي في المنطقة، الذي يصنع المعجزات والتحولات السياسية والاجتماعية. على شاشات التلفزة، ترى محمد بن سلمان في إجابته أسرع مما يتوقع المحاور، في كل اللقاءات يكون ولي العهد الحاضر الدائم ذهنيا وكلاميا، كيف لا وهو ابن العصر والواقع. قائد من نوع آخر، ليست على طريقة الستينات والسبعينات، بل بلغة العصر الرقمي المنطقي والعلمي. وهذا ما تدلل عليه زياراته المتكررة إلى المراكز العلمية والتكنولوجية في الولايات المتحدة الأمريكية. لم يشهد الشرق الأوسط في تاريخه الحديث شخصية شجاعة مقدامة على إجراء التحولات كما نشهده الآن على يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ولم يشهد الغرب والشرق شخصية عربية إسلامية قادرة على لفت انتباه العالم بهذه الإصلاحيات والحيوية السياسية والاقتصادية، وإذا كانت مقولة إن التاريخ يتكرر بأطر مختلفة، فعند شخصية ولي العهد يعتذر التاريخ، ذلك أن مثل هذه الشخصية لن تتكرر في تاريخ المنطقة. على الأقل نحن كجيل شاب في الشرق الأوسط، لن نرى شخصية بهذا المستوى من الانفتاح وحسن التعامل مع الواقع، وفق براجماتية جديدة تقوم على أساس الندية، ما يعمل عليه محمد بن سلمان هو مشروع لبناء وطني متين، لذا فإن المسار إلى العام 2030 لن يكون مسارا سهلا، هو مسار السعودية بكل فئاتها. والسعودية دائما الوعاء الأكبر لهموم العالم العربي والإسلامي، بل إن حصة العالم العربي والإسلامي من المباحثات السياسية تكاد مساوية لحصة السعودية ذاتها، فتصريح الأمير محمد بن سلمان لواشنطن بوست أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس كان مؤلما، وشكل نقطة تباين في العلاقة الأمريكية السعودية. وبطبيعة الحجم والدور السعودي في العالم، لن تكون قضايا سورية والعراق واليمن وفلسطين، بعيدة عن المباحثات السعودية، بل إن المحور الذي يجمع كل هذه الدول هي الوجود الإيراني التخريبي في هذه العواصم العربية، ولربما تركيز الأمير على مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، يكون من الناحية العملية إنقاذا لهذه الدول العربية.. ولعل التقارب السعودي العراقي الأخير يأتي في إطار حرص السعودية على تعزيز مفهوم الأمن العربي، ولعل قمة الرياض القادمة، ستكون أيضا فرصة للعالم العربي أن يعيد النظر في حاله من الرياض.