-A +A
«عكاظ» (أبها) okaz_online@
في الوقت الذي يؤكد فيه الأهالي أن «صوتهم لا يمكن أن يصل إلى أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد إلا وتتحقق مطالبهم، وتحل مشكلاتهم، ويحاسب كل من يثبت تقصيره بحقهم»، إلا أن قصورا واضحا يشوب هذا التواصل بين الأهالي وبعض المسؤولين في المنطقة، الأمر الذي يتطلب التوقف أمام هذا الأمر كثيرا، وبحث أسبابه، ومحاسبة من يقفون خلفه. فلم يأتِ الأمير فيصل بن خالد إلى عسير مسؤولاً عن استكمال مراحل البناء بمشاريع تنموية فقط، وإنما جاء واضعاً في اعتباره أن المواطن أولاً، وأن المشاريع إذا لم تستهدف طموحاته، وتحقق آماله وتطلعاته بمخرجات ينتظرها، فلا يمكن لها أن تكون ناجحة، فتحققت حزمة من المشاريع التنموية، رغم أن هناك أخرى متأخرة ومتعثرة، ما يتطلب مضاعفة الرقابة على الجهات المقصرة، وكشف ملابساتها.

ولأن عسير جزء من الوطن الغالي، الذي شهد منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم نقلة نوعية في مختلف المجالات، ولأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خطط ونفذ لرؤية المملكة 2030، وما صاحب كل ذلك من قرارات أبهجت الشعب السعودي، وتفاعلت معها وسائل الإعلام المحلية والعالمية، إلا أن عسير ببعض جهاتها الرسمية وفي مقدمتها الإمارة وكأنها في معزل عن كل هذا الانفتاح، حيث تعاني عسير من فجوة عميقة بين الجهات الرسمية والإعلام، الأمر الذي أثر سلبا على مصالح المواطنين، وفي المقابل أيضا عدم تسليط الضوء على المنجزات التي تحققت بدعم من القيادة لرفاهية المواطن.


ويعتقد البعض من العاملين في أقسام الإعلام في بعض مؤسسات الدولة، الذين ما زالوا بعيدين كل البعد عن ما هو متبع في جميع مناطق المملكة، أن إثبات الوجود وعكس الصورة الحقيقية لما تشهده المنطقة من بناء ونماء يأتي عن طريق تجاهل الإعلام والإعلاميين، وحرمانهم من أداء أبسط واجباتهم تجاه وطنهم ومواطنيهم. وعدم توجيه الدعوات لهم لتغطية الأحداث والمناسبات والفعاليات، والإصرار على كتابة خبر رسمي (من باب الاحتكار)، حتى يقال إن هذا المسؤول هو من صاغه، وهو من ينسب له (أمام رئيسه) جهد كل ما نشر في الصحف. ويعتقدون أيضا أن إثبات الوجود هو بإلغاء الدور الحقيقي للصحفيين في تغطية الأحداث والمناسبات كلا بطريقته ووفق سياسة وسيلته الإعلامية، وبما لا يتعارض مع ميثاق الشرف لكل صحيفة، تحرص على أن يكون لها حضورها الفاعل في تسليط الضوء على المشاريع والفعاليات والمناسبات.

لماذا يخشى بعض القائمين على الإعلام في بعض الجهات الرسمية من حضور وسائل الإعلام، هل هو عدم إدراك لدوره وواجباته، أم خوفا على مواقعهم عندما تظهر التغطيات برؤى مختلفة وأفضل بكثير مما يأتي في ثنايا الأخبار الرسمية التي يصوغونها فتنكشف مهنيتهم، رغم أنها -أي الأخبار المرسلة بالبريد الإلكتروني- تخضع لبعض الاجتهادات التي تعيدها إلى المفهوم الحقيقي لصياغة الخبر، وبما يتناسب مع المحتوى.

منطقة عسير التي حظيت وما زالت أسوة بغيرها من مناطق المملكة بدعم واهتمام القيادة لا تستحق هذا الإعلام «الأعرج»، الذي إن استمر فلن يعكس الصورة الحقيقية لما هو عليه الحال لمنطقة تسير نحو دروب التقدم بخطوات حثيثة، بل ويحجب أصوات المواطنين، الذين لهم من المطالب والآمال الكثير، كان بإمكان وسائل الإعلام لو أتيحت لها الفرصة، أن تضعها أمام المسؤول أيا كان موقعه.

الوضع يتطلب الاحتفاء بكل من يغلّب المصلحة العامة، والتصدي وبقوة لهذه الاختلالات ومعالجتها، ومحاسبة من يقفون خلفها، وإعادة الحقوق المسلوبة للإعلاميين الذين لا يبحثون إلا عن إيجاد بيئة صحية تساعدهم على أداء واجباتهم، بعيدا عن السلطوية التي يلبسها البعض يوهم نفسه أنها وسيلة لإثبات الوجود.