أوليفيه داسو
أوليفيه داسو
الزميلة أسماء مع داسو بعد حديثه إلى «عكاظ».
الزميلة أسماء مع داسو بعد حديثه إلى «عكاظ».
-A +A
حاورته أسماء بوزيان (باريس) Okaz_Online@
هاجم عضو مجلس النواب الفرنسي رئيس مجلس حماية المجمع الصناعي «المختص في صناعة الطائرات العسكرية والمدنية» أوليفيه داسو المناوئين للسعودية الساعين إلى تقويض إمكانية الحوار مع المملكة في فرنسا، واصفاً موقفهم بـ«ديماغوجي محض».

وقال داسو، في حوار مع «عكاظ» في باريس، إنه من وقت لآخر ترتفع أصوات مناوئة للمملكة لتغذي نهمها السياسي المتطرف، مشدداً على أن هذه المواقف لا تمت بصلة لموقف الجهاز التنفيذي في فرنسا، الذي يدرك أهمية المحافظة على العلاقات المميزة والخاصة مع المملكة كشريك دائم على كل المستويات.


وأكد أوليفيه -حفيد مارسيل داسو المؤسس لشركة داسو للطائرات الحربية (رافال)- أن سياسة السعودية «كانت دائما تحظى بالتميز والاستثناء»، معتبراً أن توقيع المملكة خطاب نوايا لاقتناء طائرة يوروفايتر تايفون من مجموعة الدفاع البريطانية BAE Systems، إحدى منافسات رافال داسو، لا يعني «أننا نخسر السوق السعودية».

وشدد على أن ذلك لن يغير حقيقة مفادها أن «رافال هي الطائرة الأكثر تنوعا وأفضل طائرة مقاتلة في العالم».. فإلى نص الحوار:

• صرحت أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، عندما ارتفعت أصوات معادية للمملكة العربية السعودية من اليمين المتطرف، «أن أي موقف عدائي مع شركائنا السعوديين من شأنه أن يقوض أي إمكانية للحوار مع المملكة، وسيشكل خطأ تاريخيا فادحا»، أين نحن اليوم من هذا الموقف العدائي؟

•• هذا الموقف ديماغوجي محض، ومن وقت لآخر ترتفع أصوات مثل هذه لتغذي نهمها السياسي المتطرف، وطبعا تستثمر فيه وسائل الإعلام باعتباره مادة جاهزة.

هذا الموقف لا يمت بصلة لموقف الجهاز التنفيذي في فرنسا الذي يدرك أهمية المحافظة على العلاقات المميزة والخاصة مع المملكة العربية السعودية كشريك دائم على كل المستويات، سواء على المستوى الاقتصادي المهم، أو الثقافي والتكنولوجي، وفي التعليم وكذا على المستوى السياسي، ومكافحة الإرهاب وهذا التحدي الراهن، وهو الرهان والقضية المشتركة بين البلدين.

• تغيرت أشياء كثيرة في المملكة، هل تعتقد أن هناك انعطافا مهما للسياسة الخارجية السعودية لاسيما تجاه فرنسا؟

•• سياسة السعودية كانت دائما تحظى بالتميز والاستثناء، هذه ثاني زيارة رسمية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا منذ عامين. وفي الوقت نفسه بعد تولي ماكرون رئاسة الجمهورية الفرنسية قام بزيارة خاطفة إلى الرياض في نوفمبر الماضي. ويتم حاليا التخطيط لزيارة جديدة قبل نهاية العام.

أعني أن كل هذه الزيارات تعكس نيات البلدين ورغبتهما في تعزيز وتوطيد العلاقات الدبلوماسية بينهما، وهذا يدل على أن فرنسا والمملكة شريكان مهمان لا يمكن تجاوز التعاون بينهما والتنسيق.

• ألا تعتقد أن القيادات الشابة في البلدين تفتح الأفق نحو تقارب في وجهات النظر وحول القضايا التي تحول مستقبل بلديهما؟

•• بالتأكيد، القيادة اليوم للشباب، الذي يعي متطلبات المرحلة القادمة، فقد لاحظنا كيف أنه بفضل الكاريزما والحضور السياسي الدولي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تستعيد فرنسا عافيتها وألوانها وتحظى باحترام شركائها على الساحة الدولية، ولاسيما بفضل كفاحها من أجل الدفاع عن البيئة. الذي هو رهان الكوكب. ولا يمكن أن يستوعب هذا الرهان إلا شاب متفتح البصيرة على المستقبل، ويستوعب تحدياته. وكذلك بالنسبة للأمير محمد بن سلمان الذي يؤسس اليوم لمملكة تواجه تحديات المستقبل ضمن برنامجه رؤية 2030.

• هل ترى في التقارب السعودي الفرنسي في ظل القيادات الشابة استثمارا إستراتيجيا لصالح البلدين؟

•• فرنسا لا تزال واحدة من القوى العسكرية الكبرى في العالم ونفوذها دبلوماسي شفاف ومستنير، وهي أيضا اليوم تحرز تقدما في هذا الجانب وتكتسح نفوذا من نوع آخر، خصوصا بعد أن تراجع النفوذ الألماني وضعف بسبب تحالفها. أما بالنسبة للولايات المتحدة فهي تفقد مصداقيتها بعد التغييرات المنتظمة في مسار البيت الأبيض، لذا أعتقد أن التقارب اليوم بين البلدين (فرنسا والمملكة) هو الخيار الأسلم للاستثمار الإستراتيجي في المرحلة القادمة.

• لا خلاف حول المكاسب التي تحرزها فرنسا جراء علاقاتها مع السعودية، لكن هل المملكة ستكسب من علاقتها مع فرنسا بالمستوى نفسه؟

•• تجسد فرنسا منذ الثورة الفرنسية منطلق الحريات وحقوق الإنسان. الرياض اليوم تسير في هذا الاتجاه بفضل ما فعله ولي العهد. الرموز لها معنى كبير في السياسات الدولية وعلى منطلقات التوازنات الإقليمية، ومن ثم لدينا الحرفية ومهارة تكنولوجية لا مثيل لها في العالم. ومن هنا يمكن للرياض أن تعتمد على حليف مستقر وقوي.

• لا تزال فرنسا تتمتع بنفوذ كبير في الشرق الأوسط، كونها عضوا في مجلس الأمن وكونها مصنعا للأسلحة وبيعها. هل هناك وعي بالمخاطر الجيوسياسية التي تهدد مصالحها في المنطقة؟

•• الدبلوماسية الفرنسية لا تتوقف عند رؤية اقتصادية بحتة. إنها تتطور في إرساء حوار طويل المدى، يتميز بالتماسك والاتزان، وتبرز للواجهة قيم الجمهورية، ولا تتراجع عن مبادئها. لقد أثبتت فرنسا جرأتها في أكثر من قضية وموقف وعدة مرات ولا تزال تلعب دور الوسيط حين يقتضي الأمر لتخفيف الأزمات. وطالما أنها لا تحيد عن الخط الذي وضعته لنفسها فلن يشكل أي تهديد خطرا عليها.

• هل ترى أن التطورات التي تشهدها المملكة تعزز الصورة الجديدة لها وتفتح الأفق نحو تنويع الاقتصاد؟

•• نعم بشكل لا يمكن إنكاره، فإن الإصلاحات التي بدأتها المملكة تغير نظرة شركائها. المزيد من الحريات، والتجديد، والكثير من الطموحات لحمل البلد نحو المستقبل، وهذا هو المزيج المفاجئ الذي لم يتوقعه أحد، ولكن المجتمع الدولي استحسنه، ورحب به.

• أطلقت السعودية أول قرض رئيسي لها في الأسواق المالية الدولية، قرار يعلن عن قرار آخر وهو: فتح مهم لرأس المال الأجنبي، والرغبة في تنويع الاستثمارات وقطاعات الأعمال. هل لشركاتكم مشاركة فيه؟

•• خلال العشاء الذي نظم في متحف اللوفر، ناقش إيمانويل ماكرون والأمير محمد بن سلمان هذه النقطة، والتعاون الجديد الذي يهدف إلى دعم التحول الاجتماعي والاقتصادي في السعودية.

• المملكة وقعت على خطاب نوايا لاقتناء طائرة يوروفايتر تايفون من مجموعة الدفاع البريطانية BAE Systems، إحدى منافسات رافال داسو، هل نفهم من ذلك أن dasault فقدت سوقها السعودية؟

•• إذا لم نكسب أي شيء لحد اليوم فهذا يعني أيضا أننا لم نخسر بعد السوق. لقد كان اختيار يوروفايتر الإنجليزية لسنوات عدة من قبل السعودية. ما تم الإعلان عنه أخيرا ما هو إلا تتمة للعقود السابقة. وهذا لن يغير حقيقة مفادها أن رافال هي الطائرة الأكثر تنوعا وأفضل طائرة مقاتلة في العالم، ولا تضاهيها أي طائرة أخرى.

• لكن كأن هناك تساهلا في التعامل مع مناقصات السوق السعودية، علما أن السوق أصبحت مفتوحة على منافسة كبيرة، وفوتت الشركات الفرنسية على نفسها عقودا مهمة؟

•• لا.. ليس صحيحا، بدليل وجود تاليس وعقدها لصيانة أنظمة الإشارات والاتصالات السلكية واللاسلكية لأكبر خط سكة حديد في السعودية، إضافة لصفقات تمت سابقا كبيع زوارق الدورية من قبل CMN، وهذه العقود بعيدة كل البعد عن كونها عقودا صغيرة.