-A +A
«عكاظ» (الرياض)Okaz_Online@
علمت «عكاظ» أن جهات مسؤولة درست الوضع الراهن حتى تكون استراتيجية برنامج التخصيص فعالة وقابلة للتحقيق، وتناولت الدارسة الوضع الراهن من زاويتين؛ أولهما التحديات الرئيسية الحالية، وثانيهما تكمن في جهود التغيير الحالية التي تندرج ضمن نطاق البرنامج وتتوافق مع طموحاته.

وأظهرت وثيقة التخصيص -اطلعت «عكاظ» عليها- أن الدراسات وقفت على حقائق عدة للتعرف إلى التحديات الرئيسية في طريق التخصيص، لافتة إلى أن الحقيقة الأولى تكمن في أن الحكومة أدت دوراً كبيراً في تقديم الخدمات للمواطنين والمقيمين.


واستشهدت الوثيقة بنتائج تؤكد «الحقيقة الأولى» كتقديم الحكومة العديد من الخدمات التي تقدم من القطاع الخاص في البلدان الأخرى، إضافة إلى انخفاض نسبة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي (43% في المملكة عام 2016، مقارنة بـ58% في المتوسط في اقتصاديات الاتحاد الأوروبي الخمسة الأولى)؛ علاوة على انخفاض جودة الخدمات أو ارتفاع تكلفتها، وفي أحيان صعوبة معرفة مواطن التكلفة وطريقة احتسابها على الحكومة، إضافة إلى بعدها عن دورها التشريعي والرقابي في بعض الأحيان، كونها تقدم الخدمات «فلا حاجة لأن تنظم وتراقب نفسها»، كما أن الحكومة تؤدي، في بعض الأحيان، دوراً رقابياً بالإضافة إلى دورها كمقدم الخدمة.

ولفتت وثيقة برنامج التخصيص إلى أن الحقيقة الثانية تكمن في وجود جهود سابقة للتخصيص في قطاعات محدودة، لكنها تركزت في تخصيص الجهات التي تتوافر فيها خبرات ومعارف كافية للقيام بعملية التخصيص، بيد أن «طموحنا الحالي يجعلنا بحاجة إلى بذل جهد أكبر لإتمام تخصيص القطاعات أكثر مما سبق».

تدني الخبرات

وخرجت وثيقة البرنامج، بناء على «الحقيقتين الأولى والثانية»، من دراسة الوضع الراهن بالتأكيد على وجود تحديات رئيسية؛ أولاها الخبرات والمعارف والمهارات اللازمة المتعلقة بالتخصيص في قطاعات متدنية جداً بشكل عام، حيث إن معظم الخبرات والمعارف هي ذات طابع فني وتشغيلي بحت، وعزت الوثيقة الأمر إلى أن عدد محاولات التخصيص السابقة كانت مرتكزة على قطاعات محدودة، إضافة إلى كون الحكومة هي مقدمة الخدمة الأساسي في ذلك القطاع، ما يشكل تحدياً، حيث يصعب تنفيذ التخصيص دون وجود خبرات ومهارات ومعارف في القطاع، كما أدى ذلك إلى وجود مقاومة كبيرة للتخصيص في هذه القطاعات.

قلة الشركات المحلية

وأوردت الوثيقة تحديا آخر يكمن في قلة عدد الشركات المحلية التي تمتلك القدرة الفنية والمالية الكافية لتولي تقديم الخدمات، عازية الأمر إلى أن الحكومة كانت المقدم الأساسي للخدمات في العديد من القطاعات، ولم يعط هذا مساحة كافية لنمو القطاع الخاص في تلك القطاعات، ما يشكل تحدياً بسبب أنه كلما «قلت الشركات المتاحة للتخصيص، قلت المنافسة»، وهذا يؤدي إلى قلة تحقيق منافع التخصيص.

ضعف الأطر التشريعية

ويأتي ضعف الأطر التشريعية العامة التي تمكن عمليات التخصيص وترفع من مستوى حوكمتها كتحدٍ ثالث، حيث لا توجد إجراءات واضحة ومحددة لإصدار الموافقات اللازمة لعملية التخصيص (في معظم القطاعات)، إضافة إلى عدم وجود إجراءات واضحة لعملية التحضير للتخصيص ولا إجراءات محددة لعملية طرح المشاريع، ما يشكل تحدياً أساسياً بسبب ضعف مضامين التحضير والتنفيذ لعمليات التخصيص، وهو ما يقلل بدوره من ثقة المستثمرين ويرفع من نسبة فشل عملية التخصيص أو تنفيذها بطريقة خاطئة، إضافة إلى أن عملية التخصيص تتقاطع مع العديد من الأنظمة واللوائح التي قد تنطوي على عوائق أو فجوات تشريعية تعيق عملية التخصيص أو تعيق تحقيق الاستفادة القصوى من العملية.

واستشهدت الوثيقة بأنظمة عديدة منها «الشركات والإفلاس والتمويل والمنافسات والمشتريات الحكومية، والرهن التجاري»، ويظهر التحدي في هذا الجانب كون هذه التشريعات صممت في ضوء دور الحكومة الحالي وضعف القطاع الخاص.

غياب سياسات واضحة لكل قطاع

وسيواجه برنامج التخصيص تحدياً رابعاً، لا يقل أهمية عن التحديات الـ3 الماضية؛ فالأطر التشريعية والسياسات المتقدمة خاصة بكل قطاع مستهدف غائب، كون الحكومة هي المشغل للقطاع، وهذا لا يستلزم وجود أطر وسياسات واضحة تحكم العلاقات بين العاملين وتنظيم مسائل المنافسة والتسعير وحماية المستهلك، وكذلك مسائل الدعم وهيكلة القطاع، إذ لا توجد حاجة لذلك، لأن الحكومة تنظم نفسها بشكل خاص، والتحدي يكمن في أن القطاع الخاص يمتنع عن الدخول في القطاعات التي لا توجد فيها أنظمة ولوائح واضحة تحكم العلاقات وجميع المسائل الواردة أعلاه، وإن دخل فيها فسيؤثر ذلك على تحقيق فوائد التخصيص بالشكل الأمثل.

ونوهت الوثيقة إلى أن عملية التعرف على التحديات الرئيسية ستكون مستمرة وسيتم تحديث القائمة بشكل مستمر.