سودانية تحمل صندوق إغاثة من مركز الملك سلمان. (عكاظ)
سودانية تحمل صندوق إغاثة من مركز الملك سلمان. (عكاظ)
سودانية تحمل على رأسها صندوق إغاثة من مركز الملك سلمان. (عكاظ)
سودانية تحمل على رأسها صندوق إغاثة من مركز الملك سلمان. (عكاظ)
-A +A
أحمد سكوتي (جدة) askoty@
على الرأس «صندوق»، وفوق الرأس عطية، وأعلى الهامة تقدير وعرفان.

هم أهلنا في أقصى الأرض، يلتحفون السماء، ويتجرعون مرارة الألم، يعطشون فلا يجدون سوى الصوم قاربا يلجأون إليه فرارا من أرض قاحلة، وعناء أقدام دامية باحثة عن الكلأ والعشب، يكتوون بالجوع، فلا يجدون سوى غطاء الصوم «فالصوم لهم وجاء».


لكن رمضان هذا العام لأهلنا في قلب القارة السمراء، السودان، كان مغايرا، فالصوم بعدما كان يعمر في أرضهم على مدار اليوم، ويمتد شهرا، ليلا ونهارا، بات البارحة يرحل عن ليلهم، ويبقى مثل غيره في البلدان الأخرى، نهارا، لا يزيد، فطابت لياليهم، بعدما تطيبت أمعاؤهم بما وجدوه من تمر وسمن وزيت وزبيب ودقيق، تجمعوا حول السفر الرمضانية، وأعينهم تفيض دمعا أن وجدوا ما يفطرون عليه.

أيقنوا وهم يحملون صناديق «الحياة» على رؤوسهم، أن الأخوة شريان ممتد من أياد ناصعة البياض مخضبة بـ «علم أخضر» أينعت وتورقت تحت ظلال «الشهادة»، أياد لا تعترف بحواجز الطرق، ولا بتقاسيم الجغرافيا، تؤمن أن الخير يجب أن يصل لكل محتاج شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، وتعرف أن «عطاء الجار أبلغ»، تنهض لمساعدة من يلجأ لها، وتبادر لوضع العون لكل «متعفف»، بُح صوته من ضراوة الجوع.

في أودية السودان، وربوعه، ضجت زغرودة أمهاتنا، وهن يفطرن على غيث «سلمان»، ويرددن «اللهم لك صمنا»، ليسمعها القاصي والداني، «وعلى رزقك الذي وهبته لنا من أرض الحرمين أفطرنا»، ونحن نقول «اللهم لك الحمد أن قيضت لنا من يسمع نداء الضعفاء من على آلاف الأميال، فيهب لإغاثتهم».