-A +A
أحمد سكوتي (جدة) askoty@
كثير من الأطفال اكتووا بنيران صديقة، وظنوا بعفويتهم أن ظل الأب أو أحيانا الأم هو برد وسلام على الدوام، لكن هناك بعض الآباء الذين أضاعوا أنفسهم بأيديهم لا بيدي عمرو، فمالوا كل الميل لطرف الشهوات والمخدرات، ليبيعوا أنفسهم بلا مقابل، ويرتهنوا لأوامر وتعليمات كأس من قطمير، أو دخان هوى فاسد.

ومن الطبيعي أن يكون الضحية صغارا جهلة يفرون من الجميع ويلجأون إلى حضن الأب أو الأم، ليجدوا أنفسهم في فخ التعذيب والقهر والمعاناة، وتبقى الولاية سيفا مسلطا على رقاب الصغار، لا ينفكون منها، وهم يقاسون أبشع صنوف العذاب.


وبالأمس خرجت وزارة العمل لتعلن أن الجهات العليا وجهتها بأن تكون الولاية لها، لتشكل «ظهر حماية» لمن باع نفسه قبل أن يبيع أبناءه، لمن ارتمى في حضن الشيطان، ونسى أن الشيطان سيتبرأ منهم بقوله «لا سلطان لي عليهم».

ولعل الأيتام هم الأكثر ضحايا لهذه القساوة التي ربما تنتقل بإيقاع «الورثة» من أب إلى عم أو من أم إلى زوجة أب، ويصبح ذوو القربي «ألد خصام»، لذا فإن جدار الحماية الوزاري لابد منه، والتدخل لا فض فيه.

من الطبيعي أن تكون الوزارة بحكم تخصصها واختصاصها حامية وراعية لمجهولي الأبوين، لكن الجديد والأهم هو دورها في حماية ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن يتبرأ منهم الوالدان أحيانا بوهم العار ويلقونهم في أقرب قارعة طريق، وينسون أنهم رحمة لهم، لا عليهم، كذلك الحال في المسنين، ممن يتنصل منهم الأبناء بذات الذريعة، فلا يقربونهم خوفا على مكانتهم الاجتماعية أحيانا، وشكلهم العام أحيانا أخرى، ويتناسون تعاليم الآية الكريمة «إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا».

أما الأيتام فهو الجدار القصير الذي يقفز عليه الكثير من ضعاف النفوس، فيضعون أياديهم على أموالهم، قبل أن يضعوا أقدامهم على رقابهم، وتصبح الولاية «كلمة حق أريد بها باطل»، فتسرق الحقوق، مع ضياع الضمائر، وانعدام الأمانة والخوف من الله تعالى.

الآن أصبحت «العمل» من يتولى مهمة الدفاع عن هذه الفئات، ومن حقها رفع الدعاوى لحماية حقوقهم، والوقوف أمام أي كان لاستعادة الحق الضائع، وهي مسؤولية تزين جبين العمل بصفتها وزارة معنية بالتنمية الاجتماعية، لكن الأهم أن تفحص العمل منشآتها التي تحمي حقوق هؤلاء الضعفاء، لتختار بدقة القوي الأمين، حتى لا يرتدي العاملون في دور العجزة ومراكز التأهيل، ثوبا مرقعا شعاره «من رموه أهله لا يستحق الرحمة».