درج بعض الحجاج على المغادرة خارج منطقة الحرم للإحرام بالعمرة بعد فراغهم من الحج، بغرض أداء العمرة عنهم أو عن ذويهم من العاجزين عن المناسك أو المتوفين، غير آبهين بازدحام المسجد الحرام بالطائفين من الحجاج؛ فضلا عن المشاريع القائمة في أجزاء من المسجد، الأمر الذي يزيد الحال مشقة.
وأكد فقهاء لـ«عكاظ» عدم جواز تكرار العمرة بعد موسم الحج، وأشاروا إلى أنه مخالف للسنة النبوية فضلا عما تترتب عليه من أضرار على الحجاج والتسبب في زيادة الازدحام في المسجد الحرام، خصوصا أن ذلك يتزامن مع أداء الحجاج الطواف والسعي في اليوم العاشر وآخر أيام الحج.
إن وجدتم سعة
وأوضح الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي الدكتور صالح المرزوقي أن العمرة فضيلة من الفضائل وحكمها سنة من حيث الابتداء، ومن العلماء من يراها واجبة ومنهم من يراها سنة لمرة واحدة، أما تكرارها في أيام الحج أو رمضان لا أقول إنها غير جائزة، لكنها خلاف الأولى، ويرى بعض العلماء أنه لا ينبغي للمسلم أن يكرر العمرة، وإنما يترك الفرصة لغيره، كما يرى بعضهم أنه يمكن تكرارها بعد أن ينبت شعره ويسود بعد حلقه ولم يؤثر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا أحد من الصحابة أنه كرر العمرة. وأضاف «نصيحتي لزوار بيت الله الحرام إفساح المجال لغيرهم، وألا يكونوا سببا للزحام لأنه يؤدي إلى مضار كثيرة، ومن القواعد الأصولية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، أما إذا طال العهد بهم ووجدوا في الحرم سعة وليس هناك زحام فلا مانع من التزود».
وعن دور المجامع الفقهية والمؤسسات الشرعية في توعية الحجاج، أوضح المرزوقي أن المجمع أقام ندوة متخصصة حول الزحام في الحج، وأصدر بشأنها عددا من التوصيات. ومسؤولية أعضاء المجمع هو أن كل منهم يقوم بدوره في بلاده لإبلاغ المواطنين هناك بما صدر في هذا الشأن، وجميع القرارات والتوصيات، أما تبني الفكر المعين لإرشاد الحجاج سواء في أحكامهم أو سلوكهم فهو مسؤولية جهات أخرى.
غير مشروع
وأكد عضو الإفتاء وأستاذ الفقه بجامعة القصيم الدكتور خالد عبدالله المصلح أن تكرار العمرة مما ندب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) على وجه العموم، لكن ذلك لا يعني أن يكرر الإنسان العمرة في سفر واحد، فإن ذلك لم ينقل عن النبي (عليه الصلاة والسلام)، ولا أصحابه ولا السلف، فالإمام مالك يرى أن أكثر من عمرة ولو كانت لسفرات مستقلة في عام واحد مكروه، وفيما يتعلق تكرارها في سفرة واحدة فهذا مما جرى فيه من العلماء قولان، فمنهم من يرى أن ذلك لا يشرع وأنه غير منقول عن أهل العلم، وذهب طائفة من العلماء إلى أن ذلك يندرج في عموم قول النبي (صلى الله عليه وسلم) «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما»، واختلفوا في المدة بين العمرتين منهم من قال عشرة أيام، ومنهم من قال بأقل من هذا، وقال جماعة من أهل العلم أنه لا حد له بل له أن يكرر أكثر من عمرة، إلا أن ما يظهر أن التكرار من غير سبب لا يشرع، فإن النبي (عليه الصلاة والسلام)، إنما أذن لأم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها)، أن تعتمر بعد حجها لكونها أحرمت بالعمرة وحاضت ولم تتمكن من أن تعتمر بعمرة مستقلة، فهذا لا يصلح دليلا على مشروعية التكرار دون سبب.
وأضاف المصلح من ناحية النظر إلى الواقع فمراعاة المفاسد والمصالح تقتضي أن يكف الإنسان عن التكرار لأنه يوجب الازدحام والتضييق على الناس في أعمال النسك في أمر متطوع به سواء عن نفسه أو عن الأموات أو العاجزين، وبعض الحجاج يلحظ شدة حاجته في تكرار العمل، وهؤلاء يخشى أن يندرج أمرهم تحت قول ابن عباس رضي الله عنه: «هل يؤجرون أم يأثمون»، هذا بالنظر إلى نفس التكرار بغض النظر عما يحدثه من زحام وغيره، فبعض الناس يكرر ويكون سببا لزيادة الزحام، ومعلوم أن السنة تترك إذا ترتبت عليها أذية، فكيف إذا كان فيها أيضا مضايقة وتلف بتأذي الحجاج بسبب التدافع والازدحام الذي يترتب عليه الضرر الكبير.
وخلص إلى القول: «أوصي حجاج بيت الله أن يستكثروا من العمل الصالح بذكر الله ومتابعة النبي (صلى الله عليه وسلم) والإخلاص لله في العمل، فهذا أعظم أجرا من أن يكرر المسلم العمرة مرات، ويغيب عنه أن النبي حج ومعه 100 ألف من الصحابة ولم يكرر منهم أحد العمرة فيما نقل عنهم، إلا ما ورد في تكرار عائشة (رضي الله عنها) للظرف الصحيح المنوه عنه سابقا، وخلاصة ذلك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم إتقان العمل لا مجرد الإكثار منه وتكراره، فينبغي التأسي بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، ووصيتي احتساب الأجر في التوسيع للحجاج».
قولان في المسألة
وقال إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح عواد المغامسي إن بعض العلماء يرى تكرار العمرة مكروها، وأنه لابد من إنشاء سفر جديد، وآخرون
يرون أنه لا حرج في ذلك مستشهدين بإذن النبي (صلى الله عليه وسلم) لعائشة (رضي الله عنها)، لافتا إلى أن الإمام الشافعي قال إنه لم يكن بين عمرتيها إلا تسعة أشهر فقط، أي أن العمرة كانت في نفس السفرة التي جاءت للحج من أجلها.
وقال: إن الشيخ ابن باز (رحمه الله) كان يرى بجواز التكرار إن لم يكن في ذلك مظنة زحام شديد ولا أذى، وخلص إلى القول إن ذلك يختلف في الأساس إن كان القادم لتكرار العمرة ممن يسهل مجيئه ومن هؤلاء المعتمرين من الداخل وكذلك من دول الخليج، أما الذين في الخارج ممن لايستطيعون القدوم مرة أخرى ويصعب عليهم ذلك إما لعائق نظامي أو مادي فيجوز لهم تكرارها.
الأزيبي: التكرار يشغل الطريق والمطاف
لاحظ عضو هيئة التدريس في المعهد العلمي بجدة الدكتور حسن الأزيبي إتيان عدد من المستفتين لمقرات التوعية الإسلامية في الحج للسؤال عن حكم تكرار العمرة بعد الحج، مشيرا إلى أن الخروج للإحرام بالعمرة بعد الحج يحصل من كثير من الحجاج خصوصا عندما كان أحد أعضاء لجنة التوعية. وقال: بعضهم يأتي بأكثر من عمرة فيذهب للتنعيم ويشغل الطريق والمطاف والمسجد الحرام بشكل عام، مضيفا أن كثيرا من المسلمين يعانون عامية وأمية في الفهم الشرعي، فأكثر الحجاج بسطاء ولعل بعضهم يحج لأول مرة وتنقصه الأبجديات، وربما خرج أحدهم من المخيم فلا يستطيع العودة إليه مرة أخرى.
وبين أن هذه الأخطاء تحتاج إلى تكثيف توعية وإرشاد للحجاج، مبديا استغرابه من إرسال بعض الدول للحجاج دون توعيتهم، مثمنا في الوقت ذاته دور وزارة الشؤون الإسلامية في إرسال داعية يلازم كل مخيم للحج.
وأكد فقهاء لـ«عكاظ» عدم جواز تكرار العمرة بعد موسم الحج، وأشاروا إلى أنه مخالف للسنة النبوية فضلا عما تترتب عليه من أضرار على الحجاج والتسبب في زيادة الازدحام في المسجد الحرام، خصوصا أن ذلك يتزامن مع أداء الحجاج الطواف والسعي في اليوم العاشر وآخر أيام الحج.
إن وجدتم سعة
وأوضح الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي الدكتور صالح المرزوقي أن العمرة فضيلة من الفضائل وحكمها سنة من حيث الابتداء، ومن العلماء من يراها واجبة ومنهم من يراها سنة لمرة واحدة، أما تكرارها في أيام الحج أو رمضان لا أقول إنها غير جائزة، لكنها خلاف الأولى، ويرى بعض العلماء أنه لا ينبغي للمسلم أن يكرر العمرة، وإنما يترك الفرصة لغيره، كما يرى بعضهم أنه يمكن تكرارها بعد أن ينبت شعره ويسود بعد حلقه ولم يؤثر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا أحد من الصحابة أنه كرر العمرة. وأضاف «نصيحتي لزوار بيت الله الحرام إفساح المجال لغيرهم، وألا يكونوا سببا للزحام لأنه يؤدي إلى مضار كثيرة، ومن القواعد الأصولية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، أما إذا طال العهد بهم ووجدوا في الحرم سعة وليس هناك زحام فلا مانع من التزود».
وعن دور المجامع الفقهية والمؤسسات الشرعية في توعية الحجاج، أوضح المرزوقي أن المجمع أقام ندوة متخصصة حول الزحام في الحج، وأصدر بشأنها عددا من التوصيات. ومسؤولية أعضاء المجمع هو أن كل منهم يقوم بدوره في بلاده لإبلاغ المواطنين هناك بما صدر في هذا الشأن، وجميع القرارات والتوصيات، أما تبني الفكر المعين لإرشاد الحجاج سواء في أحكامهم أو سلوكهم فهو مسؤولية جهات أخرى.
غير مشروع
وأكد عضو الإفتاء وأستاذ الفقه بجامعة القصيم الدكتور خالد عبدالله المصلح أن تكرار العمرة مما ندب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) على وجه العموم، لكن ذلك لا يعني أن يكرر الإنسان العمرة في سفر واحد، فإن ذلك لم ينقل عن النبي (عليه الصلاة والسلام)، ولا أصحابه ولا السلف، فالإمام مالك يرى أن أكثر من عمرة ولو كانت لسفرات مستقلة في عام واحد مكروه، وفيما يتعلق تكرارها في سفرة واحدة فهذا مما جرى فيه من العلماء قولان، فمنهم من يرى أن ذلك لا يشرع وأنه غير منقول عن أهل العلم، وذهب طائفة من العلماء إلى أن ذلك يندرج في عموم قول النبي (صلى الله عليه وسلم) «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما»، واختلفوا في المدة بين العمرتين منهم من قال عشرة أيام، ومنهم من قال بأقل من هذا، وقال جماعة من أهل العلم أنه لا حد له بل له أن يكرر أكثر من عمرة، إلا أن ما يظهر أن التكرار من غير سبب لا يشرع، فإن النبي (عليه الصلاة والسلام)، إنما أذن لأم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها)، أن تعتمر بعد حجها لكونها أحرمت بالعمرة وحاضت ولم تتمكن من أن تعتمر بعمرة مستقلة، فهذا لا يصلح دليلا على مشروعية التكرار دون سبب.
وأضاف المصلح من ناحية النظر إلى الواقع فمراعاة المفاسد والمصالح تقتضي أن يكف الإنسان عن التكرار لأنه يوجب الازدحام والتضييق على الناس في أعمال النسك في أمر متطوع به سواء عن نفسه أو عن الأموات أو العاجزين، وبعض الحجاج يلحظ شدة حاجته في تكرار العمل، وهؤلاء يخشى أن يندرج أمرهم تحت قول ابن عباس رضي الله عنه: «هل يؤجرون أم يأثمون»، هذا بالنظر إلى نفس التكرار بغض النظر عما يحدثه من زحام وغيره، فبعض الناس يكرر ويكون سببا لزيادة الزحام، ومعلوم أن السنة تترك إذا ترتبت عليها أذية، فكيف إذا كان فيها أيضا مضايقة وتلف بتأذي الحجاج بسبب التدافع والازدحام الذي يترتب عليه الضرر الكبير.
وخلص إلى القول: «أوصي حجاج بيت الله أن يستكثروا من العمل الصالح بذكر الله ومتابعة النبي (صلى الله عليه وسلم) والإخلاص لله في العمل، فهذا أعظم أجرا من أن يكرر المسلم العمرة مرات، ويغيب عنه أن النبي حج ومعه 100 ألف من الصحابة ولم يكرر منهم أحد العمرة فيما نقل عنهم، إلا ما ورد في تكرار عائشة (رضي الله عنها) للظرف الصحيح المنوه عنه سابقا، وخلاصة ذلك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم إتقان العمل لا مجرد الإكثار منه وتكراره، فينبغي التأسي بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، ووصيتي احتساب الأجر في التوسيع للحجاج».
قولان في المسألة
وقال إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح عواد المغامسي إن بعض العلماء يرى تكرار العمرة مكروها، وأنه لابد من إنشاء سفر جديد، وآخرون
يرون أنه لا حرج في ذلك مستشهدين بإذن النبي (صلى الله عليه وسلم) لعائشة (رضي الله عنها)، لافتا إلى أن الإمام الشافعي قال إنه لم يكن بين عمرتيها إلا تسعة أشهر فقط، أي أن العمرة كانت في نفس السفرة التي جاءت للحج من أجلها.
وقال: إن الشيخ ابن باز (رحمه الله) كان يرى بجواز التكرار إن لم يكن في ذلك مظنة زحام شديد ولا أذى، وخلص إلى القول إن ذلك يختلف في الأساس إن كان القادم لتكرار العمرة ممن يسهل مجيئه ومن هؤلاء المعتمرين من الداخل وكذلك من دول الخليج، أما الذين في الخارج ممن لايستطيعون القدوم مرة أخرى ويصعب عليهم ذلك إما لعائق نظامي أو مادي فيجوز لهم تكرارها.
الأزيبي: التكرار يشغل الطريق والمطاف
لاحظ عضو هيئة التدريس في المعهد العلمي بجدة الدكتور حسن الأزيبي إتيان عدد من المستفتين لمقرات التوعية الإسلامية في الحج للسؤال عن حكم تكرار العمرة بعد الحج، مشيرا إلى أن الخروج للإحرام بالعمرة بعد الحج يحصل من كثير من الحجاج خصوصا عندما كان أحد أعضاء لجنة التوعية. وقال: بعضهم يأتي بأكثر من عمرة فيذهب للتنعيم ويشغل الطريق والمطاف والمسجد الحرام بشكل عام، مضيفا أن كثيرا من المسلمين يعانون عامية وأمية في الفهم الشرعي، فأكثر الحجاج بسطاء ولعل بعضهم يحج لأول مرة وتنقصه الأبجديات، وربما خرج أحدهم من المخيم فلا يستطيع العودة إليه مرة أخرى.
وبين أن هذه الأخطاء تحتاج إلى تكثيف توعية وإرشاد للحجاج، مبديا استغرابه من إرسال بعض الدول للحجاج دون توعيتهم، مثمنا في الوقت ذاته دور وزارة الشؤون الإسلامية في إرسال داعية يلازم كل مخيم للحج.