-A +A
أحمد سكوتي (جدة) askoty@
لا يعرف أحد السر وراء تعجل وزارة التعليم، للإعلان عن ولادة «حزمة مزايا» للمعلمين والمعلمات في اليوم العالمي للمعلم، لتخرج مولودة من الخدج، فلا ينكر أحد بأنها كائن يجب أن تحتويه «الحضانات»، ولا يجزم أحد بأنه يمكن لها أن تعيش خارجها.

ليت الوزارة أبقت «المزايا» في رحم كتمانها، وإن حملته 12 شهرا، ليخرج بأسنانه مكتملة النمو، بدلا من يولد بلا رأس أو عينين، مثلما لم تفرط في ولادة التأمين وأندية المعلمين، إذ لم تخجل وهي تعلن بقاءهما في رحمها، مقيدين بأساور النقاش، أو حتى الجدال.


لكن يبدو أن الأمر لدى البعض بات مغايرا، فباتوا لا يأبهون بشكل المعلم، ولا بصورته أمام المجتمع، واعتبروا ما منت عليهم به شركات «لا تمثل إلا نفسها» وكأنه صفقة العمر، فسارعوا بتبنيه، وتقديمه على أنه «منحة لا ترفض»، و«عطية لا تعوض»، ليتم إعلانها على الملأ، وإن جاء صوت من يتلو الورقة خافتا، وهو يتلو إعلانا متضمن حفاظات أطفال.

ليت من نعرفهم من عقلاء الوزارة «وهم كثر» تأخروا كثيرا، قبل أن يسمحوا للآخرين بتلاوة «روشتة» المساحيق التي تروجها الشركات، لأنهم أدرى بشعابها، ويدركون أن كثيرا منها لا يصلح لمهنة يعتز بها الكبار والصغار، ويبجلها مجتمع بأكمله، فما بالنا بوزارة تتحمل على عاتقها حماية المعلم والحفاظ على شكله الاجتماعي ومحيطه المهني.

ليتهم أدركوا أنه بهكذا إعلان يضعون المعلمين أمام القاطرة، وفي وضع لا يحسدون عليه، فإما أن يقبلوا بمزايا خصومات لا تزيد على 5%، وإما أن يرفضوها «فيصبحوا على ما أسروا نادمين».

نجزم أن البعض لم يستشيروا أحدا في تلك المزايا، مثلما لم يريدوا سماع صوت أحد من منتقديهم، فسارعوا فور التهكم على ما أعلنوه، بتوجيه بوصلة الاتهام كالعادة إلى الإعلام، لجره إلى معركة «لا ناقة له فيها ولا جمل»، متهمين إياه بتشويه صورة المعلم، فصاح مناد «إلى متى ستصمت وزارة التعليم على الانتقاص والاستهزاء بالمعلمين والمعلمات، من قبل الإعلام ممثلاً بالصحف الورقية؟»، لكنهم نسوا أنهم أول من ألقى العصي في حلبة المزايا، وتخيل لهم من سحرهم أنها تسعى.

من حق البعض أن تصدمهم الانتقادات، لكن هل من حقهم أن يمرروا ما يريدون لتحظى «المزايا» بشهادة ميلاد «خدج» موقعة بشعار الوزارة؟

فاصل الأمر في القول سؤال واحد، من الذي أبرز حفائظ الأطفال ضمن المزايا؟، أهم من نقلوا سرها إلى العلن وتناقلوا خبرها، أم من وضعها في صناديق لتوزيعها على من يريدها وسط آلاف من المترقبين ولادة «مزايا» في مستشفى «التعليم»؟