-A +A
عكاظ (النشر الإلكتروني)

«حريصون على علاقتنا مع تركيا بقدر حرص أنقرة على ذلك ولن ينال أحد من صلابة هذه العلاقة».. تلك كانت عبارات الثقة والشفافية التي أبلغها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاتصال الهاتفي الذي جرى عقب ظهور خبر اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي.. مقترحا عليه تشكيل فريق عمل مشترك لبحث الموضوع وإحقاق الحق وإظهار الحقيقة كاملة.. وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين والانسياق خلف الشائعات المغرضة والتي تحاول النيل من صلابة العلاقات بين البلدين الشقيقين.. وحرصا من الملك سلمان على استمرار تلك العلاقات في مسارها الطبيعي.

وما كان من الرئيس أردوغان إلا أن رحب بما طرحه خادم الحرمين الشريفين.. مبدئا تثمينه للعلاقات الأخوية التاريخية المتميزة والوثيقة القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين وحرصه على تعزيزها وتطويرها.

وفي حواره المفعم بالشفافية والصراحة مع «بلومبيرغ».. أجاب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن سؤال بشأن اختفاء خاشقجي داخل القنصلية بكل وضوح قائلا: أن جمال خاشقجي مواطن سعودي وأنا لست متأكدًا.. من ما حدث ونحن حريصون جدًّا على معرفة ما حدث له. وسوف نستمر في محادثتنا مع الحكومة التركية لمعرفة ما حدث لجمال هناك.. وأن المملكة تحقق في هذا الأمر من خلال وزارة الخارجية لمعرفة ما حدث بالضبط في ذلك الوقت.. ورحب بفتح أبواب القنصلية للبحث رغم أن المبنى يعد منطقة سيادية.. وهذا ما يؤكد قطعا بأن ما جرى كان خلف الأبواق المغلقة وتصرفات شخصية غير مسؤولة.. وقال ولي العهد سنسمح لهم بالدخول والبحث والقيام بكل ما يريدونه. في حال طلبوا ذلك، فسنسمح لهم قطعًا بالقيام به. فليس لدينا ما نخفيه.

ولم تهدأ الرياض منذ معرفتها بقضية اختفاء خاشقجي حتى انجلت الغمة وظهرت المؤشرات بعد التحقيق الموسع الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين.. للوصول إلى معرفة الحقيقة كاملة دون تسرع في الأحكام..

حتى اتخذت المملكة الإجراءات اللازمة لاستجلاء الحقيقة مؤكدة محاسبة جميع المتورطين وتقديمهم للعدالة.

وأفصحت أن موضوع اختفاء المواطن جمال بن أحمد خاشقجي أثار اهتمامها على أعلى المستويات، وللملابسات التي أحاطت باختفائه، فقد اتخذت الإجراءات اللازمة لاستجلاء الحقيقة وباشرت بإرسال فريق أمني إلى تركيا بتاريخ 6 أكتوبر 2018 م للتحقيق والتعاون مع الأجهزة النظيرة في تركيا، وأعقب ذلك تشكيل فريق أمني مشترك بين المملكة وجمهورية تركيا الشقيقة مع السماح للسلطات الأمنية التركية بدخول قنصلية المملكة في إسطنبول ودار السكن للقنصل، حرصاً من المملكة على معرفة كافة الحقائق، كما صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للنائب العام في المملكة العربية السعودية برقم 5709 وتاريخ 3 / 2 / 1440 هـ بإجراء التحقيقات في ذلك، وقامت النيابة العامة بالتحقيق مع عدد من المشتبه فيهم بناء على المعلومات التي قدمتها السلطات التركية للفريق الأمني المشترك لمعرفة ما إذا كان لدى أي منهم معلومات أو له علاقة فيما حدث حيث كانت المعلومات التي تنقل للجهات الأمنية تشير إلى مغادرة المواطن جمال خاشقجي القنصلية .

وفي الوقت الذي لا تزال فيه التحقيقات في هذه القضية مستمرة مع الموقوفين على ذمتها والبالغ عددهم 18 شخصاً من الجنسية السعودية فإن المملكة تعرب عن بالغ أسفها لما آلت إليه الأمور من تطورات مؤلمة، وتؤكد على التزام السلطات في المملكة بإبراز الحقائق للرأي العام، ومحاسبة جميع المتورطين وتقديمهم للعدالة بإحالتهم إلى المحاكم المختصة بالمملكة العربية السعودية.

عقب ذلك صدرت الأوامر الملكية والتي جاءت منصفه ورسخت العدالة.. والتأكيد على محاسبة المتورطين ..وبرهنت على أن المملكة ترفض هذه الممارسات وحريصة على سلامة مواطنيها في الداخل والخارج.. وتصدت لكل محاولات زعزعة امنها واستقرارها من قبل وسائل الإعلام المحرضة وأبواقها المأجورة..

ومن أبرز هذه الأوامر جاء تشكيل لجنة وزارية برئاسة ولي العهد وعضوية عدد من أعضاء المجلس وعضوية وزير الداخلية، والدكتور مساعد العيبان، والدكتور إبراهيم العساف، ورئيس الديوان الملكي، ووزير الخارجية، ورئيس الاستخبارات العامة، ورئيس أمن الدولة لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة وتحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق وتقييم الإجراءات والأساليب والصلاحيات المنظمة لعملها، والتسلسل الإداري والهرمي بما يكفل حسن سير العمل وتحديد المسؤوليات.