كأنما مطرود بن كعب الخزاعي يقف على مقربة من اليمامة ليلقي أبياته الخالدة «يا أيها الرجل المُحَوِل رَحله، هلا نَزِلت بآل عبد منافِ، الآخذون العهد من آفاقهم، والراحلون برحلة الإيلافِ»، ليلغي حاجز الزمن ويضرب أروع مثال على عراقة مشاريع وأسواق واقتصاد بلاد الحرمين منذ أكثر من 14 قرناً.
كان إيلاف قريش معلماً من معالم تاريخ العرب في مكة المكرمة، ومنذ ما قبل الإسلام حين كانت الجزيرة العربية ثلاثة أقسام، مملكة حِميَر اليمنية في الجنوب، ومملكة الحيرة والغساسنة في الشمال، وبين الجنوب والشمال وديان وسهول وجبال تسكنها قبائل منها قريش في مكة والأوس والخزرج بالمدينة وغيرها، وأسهم الصراع بين الممالك على أمان القوافل التجارية ما تسبب في انقطاع بعض البضائع والسلع عن مناطق نتيجة سيطرة الطرف الغالب على معابرها، خصوصاً السلع القادمة من الهند ووسط آسيا.
ولم يكن بداً من شخصية يستطيع أن «يؤلّف» كل الأطراف لضمان استمرار حركة التجارة وعدم تأثرها سلباً بالوضع العام. ومن هنا جاءت فكرة الإيلاف في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي على يد هاشم بن عبد مناف بن قصيّ، مؤسس سيادة قريش على مكة، ووارث الزعامة عن أبيه وجده، والذي لم يكن راضياً عن محدودية التجارة المكية التي كانت تعتمد على أسواق محلية تقام في الأشهر الحرم، لضمان عدم تعرضها لسطو أو هجمات، والتداوُل فيها مقصور على مصنوعات داخلية للقبائل المشاركة في السوق.
وبما أن مكة ليست مدينة منتجة إلا أنها نجحت في أن تكون وسيطاً للتجارة الخارجية لأسباب عدة، منها توسطها طرق التجارة بين الشمال والجنوب، ولاجتماع العرب فيها في مواسم الحج وإكبارهم قريشاً باعتبارهم «أهل الله» وخدام الكعبة، قدس أقداس العرب، وحجاجها.
اعتاد هاشم السفر للتجارة في الشام، والتسوق بأسواق «غزة» و«بُصرى» وكان يذبح كل يوم ذبيحة ويصنع طعاماً لكل القافلة، فذاع صيته وبلغ قيصر الروم الذي طلب إحضاره إليه ولقاءه.
أثمرت لقاءاته مع القيصر إعجاباً بشخصيته، فاقترح هاشم على الحاكم البيزنطي أن يمنحه كتاباً يفتح أسواق الشام أمام التجارة الآتية من مكة، وأن يمنح التجار المكيين تسهيلات في المرور والتحرك بين المدن الشامية التي يحكمها البيزنطيون، على أن يضمن هاشم تأمين الطريق لتلك التجارة بين مكة والشام ذهاباً وإياباً، فكانت الإيلاف مما امتن الله به على أهل مكة إذ به أمّنهم من خوف وأطعمهم من جوع.
وكأنما الزمن يعيد نفسه، ليتبنى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ما تبناه أسلافه من مشاريع لا تقل عن رحلة الشتاء والصيف من خلال مبادرة مستقبل الاستثمار، ليتواصل مع القوى الاقتصادية والرساميل الكبرى.
كان إيلاف قريش معلماً من معالم تاريخ العرب في مكة المكرمة، ومنذ ما قبل الإسلام حين كانت الجزيرة العربية ثلاثة أقسام، مملكة حِميَر اليمنية في الجنوب، ومملكة الحيرة والغساسنة في الشمال، وبين الجنوب والشمال وديان وسهول وجبال تسكنها قبائل منها قريش في مكة والأوس والخزرج بالمدينة وغيرها، وأسهم الصراع بين الممالك على أمان القوافل التجارية ما تسبب في انقطاع بعض البضائع والسلع عن مناطق نتيجة سيطرة الطرف الغالب على معابرها، خصوصاً السلع القادمة من الهند ووسط آسيا.
ولم يكن بداً من شخصية يستطيع أن «يؤلّف» كل الأطراف لضمان استمرار حركة التجارة وعدم تأثرها سلباً بالوضع العام. ومن هنا جاءت فكرة الإيلاف في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي على يد هاشم بن عبد مناف بن قصيّ، مؤسس سيادة قريش على مكة، ووارث الزعامة عن أبيه وجده، والذي لم يكن راضياً عن محدودية التجارة المكية التي كانت تعتمد على أسواق محلية تقام في الأشهر الحرم، لضمان عدم تعرضها لسطو أو هجمات، والتداوُل فيها مقصور على مصنوعات داخلية للقبائل المشاركة في السوق.
وبما أن مكة ليست مدينة منتجة إلا أنها نجحت في أن تكون وسيطاً للتجارة الخارجية لأسباب عدة، منها توسطها طرق التجارة بين الشمال والجنوب، ولاجتماع العرب فيها في مواسم الحج وإكبارهم قريشاً باعتبارهم «أهل الله» وخدام الكعبة، قدس أقداس العرب، وحجاجها.
اعتاد هاشم السفر للتجارة في الشام، والتسوق بأسواق «غزة» و«بُصرى» وكان يذبح كل يوم ذبيحة ويصنع طعاماً لكل القافلة، فذاع صيته وبلغ قيصر الروم الذي طلب إحضاره إليه ولقاءه.
أثمرت لقاءاته مع القيصر إعجاباً بشخصيته، فاقترح هاشم على الحاكم البيزنطي أن يمنحه كتاباً يفتح أسواق الشام أمام التجارة الآتية من مكة، وأن يمنح التجار المكيين تسهيلات في المرور والتحرك بين المدن الشامية التي يحكمها البيزنطيون، على أن يضمن هاشم تأمين الطريق لتلك التجارة بين مكة والشام ذهاباً وإياباً، فكانت الإيلاف مما امتن الله به على أهل مكة إذ به أمّنهم من خوف وأطعمهم من جوع.
وكأنما الزمن يعيد نفسه، ليتبنى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ما تبناه أسلافه من مشاريع لا تقل عن رحلة الشتاء والصيف من خلال مبادرة مستقبل الاستثمار، ليتواصل مع القوى الاقتصادية والرساميل الكبرى.