-A +A
أحمد سكوتي (جدة) okaz_online@
أمس، لم يتردد أولياء الأمور في توصيل أبنائهم إلى مدارسهم في جدة، اتباعا والتزاما لتعليمات وزارة التعليم، «فلا تعليق للدراسة إلا بقرار، لا يميل مع العاطفة، ولا يتراخى مع العاصفة»، لكن الأمر لم يكن «لا في بال أحد ولا في حسبان أحد»، فالسماء التي أمطرت، ولو بزخات متفرقة تفاوتت قوتها من حي لآخر، أكدت مصداقية تنبؤات الأرصاد ورفعت من شأن احترازات الدفاع المدني، وكشفت استجابة الأمانة، لكنها برهنت أن اللجنة المركزية المكلفة بـ«الحل والعقد» في الطوارئ والأزمات في وزارة التعليم، يبدو أنها لا تتعامل مع الأمر بجدية، أو أن تقاريرها لم تصل إلى برجها العالي، أو أن تعليماتها تصدر اعتياديا، ولا يراها أو يسمعها أحد ممن في أسفل السلم الوظيفي.

فالغيوم التي استباحت سماء جدة أمس، لم تأت على استحياء، ليغفل عنها الراصدون، وإنذارات الدفاع المدني بحجمها وصيتها ليست بوقا صغيرا، ينشغل عنه المتابعون، كما أن ما تبثه هيئة الأرصاد يوميا ليس حبرا على ورق، تبلله زخة مطر، فلا يُثبت يقينا ولا ينفي شائعة.


لكن الغيمة التي رآها القاصي والداني في جدة، يبدو أنها عصية على رصدها من قبل البرج العاجي للجنة المركزية في التعليم، التي تولت أخطر الملفات حساسية، بمنحها صلاحية تعليق الدراسة في المدارس في حالات الطوارئ، بعد شد وجذب لسنوات، أهديت خلاله تارة لمديري المدارس ثم سحبت منهم بدعاوى «غامضة»، وتناسى من أهدوها ثم سحبوها أنهم المعنيون بالأمر والمكلفون بحماية الأبناء في الصف الأول، وأهديت تارة أخرى لمديري التعليم قبل أن تسحب منهم، رغم أنهم أيضا مكلفون ثقاة يحاسبون في كل صغيرة وكبيرة، ومن المفترض أن يكونوا الأقرب لهموم المدارس وغيوم السماء، فيصبح القرار وليد المشهد حاضرا لا غائبا سريعا لا مرتبكا أو غامضا.

لا أحد يعرف أين كانت اللجنة المركزية للتعليم والمدارس تجد نفسها بعد ساعتين ونصف الساعة من بداية الدوام الدراسي، في لحظات ارتباك، إلا أنها انحازت لصوت الشهامة وحماية الأبناء من أي خطر، فبادرت مشكورة في دعوة أولياء الأمور لإعادة الأبناء لأحضان منازلهم، فظهر المشهد مرتبكا في الشوارع ولدى أولياء الأمور.

أما كان حريا باللجنة المركزية أن تنحاز لصوت الرعد وضوء البرق «وهما لا يكذبان»، وتعلق الدراسة منذ البداية وتتحمل المسؤولية كاملة، أو تمضي في «غض الطرف» وتصر على قول «لا» لتعليق الدراسة، وتتصدر مشهد المسؤولية في الحفاظ على أرواح طلاب لم يتعلموا حروف السباحة في ظل غياب أبجديات السلامة حتى في مسابح التعليم، أو أرواح طالبات لا طاقة لهن بفتح بوابات مغلقة بالسلاسل إذا ما جرت المياه على غير العادة.

لا أحد يجرؤ أن يرفض تنظيما أقره الوزير، لأنه صاحب الصلاحية في ذلك، لكن أن يصبح الأمر مرتبكا، فإن خللا ما أصاب الصلاحيات، إما في أرصاد لم تقدر تراكم الغيوم -مع أنها قالت كلمتها وكررتها-، أو في جهات دورها يستوجب التحذير والتنبيه -مع أنها أرسلت آلاف الرسائل التنبيهية للتحوط والاحتراز-، أو في لجنة تمسكت بالصلاحيات، ونست أن تهديها للمدارس على شكل بيان أو توجيه، فهل ينتظرون أن تخر الأسقف وتتكهرب الممرات والفصول، ويسبح الطلاب في الأفنية؟.