عناق أخوي بين ولي العهد والرئيس محمد ولد عبدالعزيز.
عناق أخوي بين ولي العهد والرئيس محمد ولد عبدالعزيز.
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@
كان من الطبيعي أن تشكل زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لنواكشوط الحدث الأبرز في موريتانيا، إذ وصفتها الصحافة الموريتانية بـ «التاريخية»، خصوصا أن الأمير الشاب هو أول ولي عهد سعودي يزور موريتانيا، التي لم يزرها أي مسؤول سعودي كبير منذ زيارة الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز في السبعينات الماضية.

ولاشك أن الزيارة ستعزز الترابط الأخوي بين البلدين الشقيقين، وهي علاقات أصيلة ضاربة في جذور التاريخ، وتشهد تطورا مستمرا بفضل جهود خادم الحرمين الشريفين المتواصلة والإرادة المشتركة لدى حكومتي البلدين في توطيد وترسيخ هذه العلاقات، والتشاور والتنسيق بينهما حيال قضايا المنطقة، والتكامل تحقيقًا للآمال العربية والإسلامية.


وتعود علاقات الرياض ونواكشوط لما قبل نشأة الدولة الموريتانية الحديثة، حيث فتحت الدولة السعودية أبوابها أمام سفراء بلاد شنقيط، الذين شدوا الرحال من حواضر الإشعاع الثقافي والعلمي، آمين البيت الحرام والمسجد النبوي الشريف.

وقد اكتشف علماء الحرمين الشريفين غزارة وتدفق المادة العلمية لدى الحجاج القادمين من صحراء شنقيط بالمغرب الأقصى، عبر رحلات طويلة وشاقة، فأنزلوهم المنازل اللائقة بهم، وتحلق حولهم طلاب العلم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومع الوقت بدأت هجرة (المجاورين) المعروفة لدى الموريتانيين حيث كان الواحد يودع أهله وعشيرته عندما ينوي الحج بنية أنه سيقطن في المدينة المنورة أو مكة المكرمة مجاورًا للبيت الحرام أو للحرم النبوي الشريف حتى يكتب الله له الموت في تلك البقاع الطاهرة.

ومع نشأة الدولة الموريتانية الحديثة خصوصًا بعد الاستقلال عن المستعمر الفرنسي سنة 1960، كانت المملكة من أوائل البلدان العربية والإسلامية التي ارتبطت بعلاقات أخوية وتنموية مع موريتانيا، وقدمت لها الدعم المادي والمعنوي السخي على مدى العقود الماضية.

وكانت زيارة الملك فيصل لموريتانيا عام 1972 نقطة تحول مهمة وانطلاقة فعلية قوية للعلاقات والتعاون الثنائي على شتى الأصعدة سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا، وعلميا، ويجسد شارع الملك فيصل في العاصمة نواكشوط اليوم الحضور القوي للمملكة في وجدان الدولة والشعب الموريتاني.

وقدمت المملكة الدعم المادي لمشاريع التنمية في موريتانيا من خلال هيئاتها الإنمائية المختلفة، خصوصًا الصندوق السعودي للتنمية، كما أسهم - ولا يزال - البنك الإسلامي للتنمية في دعم الاقتصاد والتنمية في موريتانيا. وشهدت العلاقات الموريتانية السعودية لحظة تحول مهمة في عهد الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبدالعزيز الذي أوفد وزيرة خارجيته السابقة وزيرة التجارة حاليًا الناها بنت مكناس إلى المملكة مطلع 2012، حيث عقدت في الرياض جلسات عمل مكثفة مع وزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل، وتطرقت لجميع مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين.

وتأكيدا على تطور العلاقات الموريتانية السعودية، تم وضع حجر الأساس لجامعة جديدة شمال العاصمة نواكشوط، يشمل مبنى كلية العلوم القانونية والاقتصادية، ويتسع لأكثر من 50 في المائة من طلبة جامعة نواكشوط وملحقاتها، إضافة إلى مسجد ومطعم جامعي وحي سكني خاص بالبنات، وذلك بتكلفة إجمالية قدرها 30 مليون دولار. ومع نهاية العام 2007 رفعت السعودية بأمر من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز مستوى تمثيلها الدبلوماسي في موريتانيا لدرجة سفير، وذلك لأول مرة منذ حرب الخليج في العام 1990، لتصبح المملكة أكبر ممول عربي للمشاريع التنموية في موريتانيا.

ودفعت السعودية بثقلها لإنجاح منتدى للاستثمار في نواكشوط، وتم الإعلان عن استثمارات سعودية ضخمة في موريتانيا، كونها تشكل أرضًا بكرًا للفرص الاستثمارية، وقبل سنوات أعلن البنك الإسلامي للتنمية خلال اجتماعات شركاء موريتانيا في بروكسل عن تقديم تمويل يصل إلى 700 مليون دولار لدعم جهود التنمية في موريتانيا، وقدم صندوق التنمية السعودي 447 مليون دولار دعما لـ 16 مشروعًا إنمائيا في مختلف مجالات التنمية، خصوصًا البنى التحتية والكهرباء والمياه والمناجم والأمن، وشبكة الطرق المعبدة.