-A +A
فهيم الحامد (جدة) FAlhamid@
أرسلت القمة الخليجية، التي اختتمت أعمالها أمس الأول في الرياض، رسالة مهمة ومباشرة مفادها؛ أن كيان مجلس التعاون الخليجي باقٍ ومتماسك، وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في كلمته في الجلسة الافتتاحية عندما أكد ضرورة الحفاظ على كيان مجلس التعاون الخليجي؛ لأنه يعكس تضامن وتماسك القادة لدعم متطلبات الشعوب الخليجية.

لقد وضع إعلان الرياض، الذي صدر في نهاية أعمال القمة، خريطة طريق خليجية متكاملة، تعكس حرص القادة الخليجيين لتحقيق التكامل بين دول المجلس، ووضع الأسس لتأطير وتنظيم علاقات الدول الأعضاء مع المجتمع الدولي، بما يضمن تحقيق المزيد من النمو والرخاء لتحقيق تطلعات المواطنين، وانسجام الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها دول المجلس مع أهداف العمل الخليجي المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ومن الأهمية بمكان التأكيد أن إعلان الرياض جسد مكانة دول مجلس التعاون وضرورة استمرارية الكيان الخليجي في أداء مهماته لدعم تطلعات الشعوب الخليجية لاستكمال خطوات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وتذليل العقبات في طريق استكمال متطلبات السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، وإصدار الأنظمة التشريعية اللازمة لذلك، بهدف تحقيق الوحدة الاقتصادية بين دول المجلس بحلول عام 2025. إعلان الرياض لم يغفل على الإطلاق الأهمية التي يوليها القادة لمجال الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون، باعتباره العنصر الأساسي لحماية دول المجلس من أي تهديدات خارجية. وجاء إعلان تعيين قائد القيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون خطوةً مهمة لاستكمال المنظومة الدفاعية المشتركة، ومن المؤكد أن هناك توجهاً كبيراً لتفعيل القيادة العسكرية الموحدة ومباشرتها مهماتها. المجال الأمني أيضاً حظي باهتمام كبير لتحصين البيت الخليجي من الداخل، لصيانة الأمن والاستقرار في المنطقة، ومكافحة التنظيمات الإرهابية، من خلال التكامل الأمني لدول المجلس، والتصدي للفكر المتطرف وتأكيد قيم الاعتدال والتسامح، والالتزام بسيادة القانون وإرساء قواعد العدل المستمدة من الدين الإسلامي. لقد أرسل إعلان الرياض أن دول مجلس التعاون ستظل متكاتفة للقضاء على ظاهرة الإرهاب وتجفيف منابعه، ومواجهة ما تقوم به بعض المليشيات والجماعات الإرهابية من أعمال لتقويض مقدرات وثروات دول المنطقة، وهذا الأمر يتطلب تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية الخليجية إلى جانب بلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة للحفاظ على مصالح ومكتسبات المجلس وتجنّب الصراعات الإقليمية والدولية، وتعزيز الشراكات الإستراتيجية وعلاقات التعاون والتنسيق السياسي والأمني بين مجلس التعاون والدول الصديقة والمنظومات الإقليمية الأخرى، بما ينسجم مع المتغيرات في النظام الدولي وبهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة والحيلولة دون السماح للنظام الإيراني بالتدخل في الشوون الداخلية ومنع تمدد الإرهاب الطائفي المليشياتي في المنطقة ونبذ الإرهاب والتطرف.


وحقق مجلس التعاون إنجازات مهمة خلال مسيرته، مما أسهم في جعل هذه المنطقة واحة للاستقرار والأمن والرخاء الاقتصادي والسلم الاجتماعي، كما تم تحقيق الكثير من الإنجازات نحو تحقيق المواطنة الخليجية الكاملة، إلا أن هناك تحديين كبيرين يتمثلان في تحقيق المزيد لتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، واستكمال خطوات وبرامج ومشاريع التكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني والعسكري، خصوصاً أن رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وضعت الأسس اللازمة لاستكمال منظومة التكامل بين دول المجلس في جميع المجالات.

وجاءت قرارات القمة مفرحة للشعب الخليجي، ورسالة واضحة للنظام الإيراني عندما جدد المجلس موقفه بشأن العلاقات مع إيران، مؤكداً ضرورة التزام إيران بالأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي، ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، ونبذ الطائفية، فضلا عن رفضه التام استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وإدانته جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران، وتغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، مؤكداً ضرورة الكفّ والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، وإيقاف دعم وتمويل وتسليح المليشيات والتنظيمات الإرهابية.

لقد قالت قمة الرياض كلمتها... كيان مجلس التعاون قوي ومستمر وباقٍ رغم محاولات الأعداء الإخلال به.