-A +A
علي الرباعي (الباحة) okaz_online@
إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم لاتقتصر أهميته على إقامة مبنى عملاق يلفت نظر الزائرين ويسلب لب عشاق الفن، بل تمتد إلى الإعتماد على تراث أسلافنا الذين سكنوا المكان وشيدوا البنيان وأعلوا شأن الإنسان.

وما تدشين خادم الحرمين الشريفين لمشاريع عملاقة في العاصمة الرياض منها متحف الحرمين إلا تأكيد على اعتزاز المملكة بالحضارات الإنسانية والعصور المتعاقبة التي تأسس عليها كيان المملكة منذ قبل الميلاد وحتى العهد الزاهر الميمون.


وتضمنت رؤية 2030 التي تبناها ويتابع تنفيذ وتعزيز مفرداتها ولي العهد تأسيس متحف إسلامي يُبنى وفق أرقى المعايير العالمية، ويعتمد أحدث الوسائل في الجمع والحفظ والعرض والتوثيق، ليكون مقصداً للسعوديين ولزوار المملكة للوقوف على التاريخ العريق لإنسان الوطن والتواصل مع حضارة الأسلاف.

وبما أن الترتيبات اللازمة للمتحف لا تقوم على البناء الهندسي بل على المحتوى فإن أهم عناصر المتحف أن مقتنياته ستكون من ذات البيئة ولن يحتاج الشراء أو الاستنساخ من تجارب الآخرين كون 40 بعثة آثارية تجوب الآن ربوع المملكة لرصد وجمع آثار حضارات وممالك يعود بعضها لأكثر من 30 ألف عام قبل الميلاد، ليأخذ المتحف زواره في رحلة متكاملة عبر عهود الحضارات المتعاقبة على هذه القارة السعودية عبر آليات عصرية وتفاعلية وفق أحدث التقنيات الناقلة بالإيحاء للوعي وتحفيزه لقضاء وقت مع رموز الفكر من الفلاسفة والمخترعين والعلماء العرب والمسلمين.

ويؤكد عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد الزيلعي أن إنشاء متحف يتسق مع المكانة العميقة التي تحتلها المملكة بوصفها حاضنة للحرمين الشريفين والأماكن المقدسة، وتستقبل سنويا ملايين البشر لتأدية فريضتي الحج والعمرة.

وكشف الزيلعي مباشرة 40 بعثة آثارية للتنقيب وجمع مقتنيات المتحف ما يغني عن الشراء من المتاحف العالمية أو استنساخ تجارب شكلية لا تعني لنا شيئاً، مؤكداً أن جغرافية المملكة تضم ما يقارب 500 موقع وشاهد تاريخي.

وعدّ قرار تأسيس المتحف حضارياً كون القيادة السعودية تحترم التاريخ وتطمح لتعزيز إنسانية الإنسان بتراكم خبرات وحضارات أسلاف إنسان اليوم، مثمناً المبادرة وأثرها على العاصمة الرياض التي ستزدان شأن بقية عواصم العالم بهذه الدرة المشعة الجامعة بين العروبة والإسلام وبين العالم الإنساني لتعميق وتأصيل قيم التواصل والتعاون والبناء.

فيما أثنى عضو مجلس الشورى الدكتور فايز الشهري على فكرة وقرار إنشاء المتحف، ولفت إلى أن الملك سلمان بن عبدالعزيز أحد عشاق التاريخ وقرائه وكاتبيه، إضافة إلى أن ولي العهد أحد صناع التاريخ، مشيراً إلى أن مهمة المتاحف لا تقتصر على توثيق حياة الإنسان على المكان بل تتجاوزه للتعريف بإنسان المكان وبمنجزات الأسلاف ما يعزز الهوية الإنسانية والوطنية ويشحذ الهمم للمحاكاة والإبداع تحت راية (نبني كما كانت أوائلنا تبني، ونفعل فوق ما فعلوا).