أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن الأمير خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، أن قطر بسياستها الحالية تُشبه «القُرحة» في المعدة العربية، معلناً رفض المملكة التام للتدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة، لافتاً إلى أن تدخل المملكة العربية السعودية في اليمن جاء بناء على طلب من الحكومة الشرعية اليمنية للدفاع عن عروبة اليمن، مشدداً على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى وأن موقف المملكة ثابت تجاهها، بأن القدس الشرقية هي العاصمة الأبدية لفلسطين.
وشدد الأمير خالد بن فيصل بن تركي على حرص المملكة على دعم ومساندة الأردن انطلاقاً من العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين، موضحاً على أن السعودية تقف مع الأردن وقفة الأخ مع أخيه، وأن المملكة ترى أن ذلك واجباً عليها، وأن هذا الدعم سيكون بأساليب جديدة ومبتكرة تساعد على خلق الوظائف، موضحاً أن الكفاءات الأردنية مع عوائلهم المقيمين في المملكة يصلون لنحو 450 ألف أردني، وأن المملكة ما زالت هي الخيار الأول للعمل في الخارج لدى الكثير من الأردنيين.
وأشار إلى أن المملكة ستسعى مع الدول الشقيقة والحليفة إلى دعم الأردن لتجاوز أزمته الاقتصادية الحالية، وأن المملكة تعتقد أنه لن يكون هناك استقرار في المنطقة دون استقرار وازدهار في الأردن.
جاء ذلك خلال برنامج «حوارات استراتيجية» الذي نظمته كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات العليا في الجامعة الأردنية، في جلسةٍ بعنوان «العلاقات الأردنية السعودية»، بحضور عدد من المسؤولين والقيادات الأكاديمية الأردنية، حيث استعرض تطور العلاقات الاردنية السعودية منذ عام 1932، وتطورات الوضع في المنطقة وخصوصاً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وصفقة القرن، والتدخلات الإيرانية في الدول العربية.
وقد أكد الأمير خالد بن فيصل على احترام المملكة لعلاقاتها المتميزة مع الأردن، محذراً من وسائل إعلام معروفة ومغرضة تبث التقارير والأخبار المُضللة لتعكير صفو هذه العلاقات.
وبيَّن أن الكثير من تلك الأخبار والتحليلات تحاول الترويج وإيهام متابعيها بتدهور أو تراجع تلك العلاقات، داعياً النخبة الأردنية للتواصل مع السفارة لاستجلاء أية أمور قد تحتاج إلى توضيح.
ولفت سفير خادم الحرمين إلى أن العلاقات بين البلدين تكاد تكون على توافق تام في كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأنه على الرغم من اختلاف وتغيُّر الأيديولوجيات في المنطقة، ظلت المملكتان ثابتتان على مواقفهما المبنيّة على قيم العدل والحق والمصالحة رغم كل المتغيرات التي شهدتها المنطقة.
وشدَّد على عدم وجود أي خلاف أردني سعودي، مبيناً أنه في كل مقابلاته مع ملك المملكة الأردنية كان يلمس حرصه الشديد على رفع مستوى العلاقات بين البلدين وخاصةً الاقتصادية منها، وهو الأمر الذي يلمسه أيضاً عند لقائه جميع المسؤولين السعوديين.
كما أعاد الأمير خالد بن فيصل التأكيد على موقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية، مؤكداً بأن حلها مقدَّماً على القضايا العربية والإقليمية الأخرى، وهو ما تم التاكيد عليه في القمة العربية التي استضافتها المملكة وأُطلق عليها «قمة القدس»، وما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في القمة العربية الأوروبية التي عُقدت أخيراً في شرم الشيخ، وشدّد على أن موقف المملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية ثابت وواضح منذ العام 1948، والذي يؤكد بأن القدس الشرقية هي العاصمة الأبدية لفلسطين.
وبخصوص الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، قال إن المملكة تدعم هذه الوصاية، مضيفاً أن المملكة دعمت الوقف الذي تُشرف عليه الأردن.
وحول صفقة القرن، قال إنه ومنذ بدء الحديث عن الصفقة قبل نحو 3 سنوات، طلب من عدد من السفراء السعوديين ومن عدد من الشخصيات الأردنية معلومات عن تلك الصفقة، وأن الرد جاء بأنهم لم يسمعوا بها، ولا توجد لديهم أي معلومات عنها سوى ما ينشر في بعض وسائل الإعلام التي تمولها دول معادية للمملكة ولدول المنطقة، وأكد بشدة على أن المملكة لا يمكن أن تضغط على الأردن لقبول ما يسمى بـ«صفقة القرن» ـ كما تدعيه وسائل الإعلام المُغرضة -.
وأشار الأمير خالد بن فيصل، إلى رفض المملكة للتدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية ومحاولاتها زعزعة الاستقرار فيها، مشيراً إلى أن تدخل المملكة في اليمن جاء للدفاع عن اليمن وعروبتها ولمنع حدوث اختراق للنظام العربي من قِبل إيران، مؤكداً على أن المملكة لن تقبل أبداً بنفوذ إيراني في اليمن على مقربة من الحدود الجنوبية للمملكة، وخصوصاً بالنظر إلى أفعالها في العراق وسورية ولبنان، ومعاناة المملكة من إرهابها منذ عقود.
وبخصوص سورية، ذكر أن الشعب السوري هو صاحب الحق في تقرير مصيره ومصير النظام الذي يحكمه، مبيناً أن المملكة ترى بأن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي، وأن المملكة دعمت كافة الجهود العربية من خلال الجامعة العربية، وسعت على الدوام إلى حشد الدعم الدولي من خلال اجتماعات أصدقاء الشعب السوري ومجموعة دعم سورية.
وحول مقاطعة قطر، أوضح أن قطر بسياساتها الحالية تشبه القرحة في المعدة العربية، متطرقاً إلى دور قطري ليبي إبان حكم القذافي تم الحديث عنه في محكمة أمريكية لمخطط تخريبي في المملكة، مبيناً أن هذه ليست اتهامات نوجهها، وإنما هي مبنية على تسجيلات وحقائق اطلع عليها الكثيرون، فضلاً عن ثبوت ضلوع قطر في تمويل الجماعات والشخصيات الإرهابية.
وتساءل سفير خادم الحرمين لدى الأردن الأمير خالد بن فيصل، عن السبب الذي يمنع قطر من دفع المبلغ الذي تعهدت بتقديمه للأردن كجزء من المنحة الخليجية والبالغ مليار و250 مليون دولار.
وبيَّن أنه لايوجد لدى المملكة أي اعتراض على أي تواصل أردني مع دول أخرى تختلف المملكة معها، من مبدأ الحفاظ على المصالح الوطنية الأردنية، مؤكداً أن الأردن كدولة لديها مبدأ واضح وسيادي نحترمه ونقدره.
وتطرق الأمير خالد بن فيصل إلى التعاون في المجالات العسكرية بين البلدين، في ظل وجود نحو 1000 عسكري سعودي يتلقون تدريبات في الأردن، وزيارات لوفود عسكرية تجاوزت العام الماضي 35 زيارة.
وكشف عن رفعه لمقترح للبدء بتطوير الجامعة الأردنية من مبانٍ وبنية تحتية وخدمات انترنت خلال فترة 10 سنوات، بالإضافة إلى تعزيز البحوث العلمية المشتركة في مجالات الخلايا الجذعية ومركز البحوث في الجامعة.