يبدو أن رغبة هيئة الطيران المدني والجهات التابعة لها في تأطير إحصاءاتها بعبارات «الأكبر» والأفضل والأعلى، (وهو حق لها لا نجادلها فيه)، أسقط من حساباتها مصطلحات أكثر واقعية تتضمن الدقة والشفافية والمصداقية. وعلى رغم أن الهيئة زفت البشرى للجميع أمس بأن المطارات السعودية بلغت حاجز الـ100 مليون مسافر بنهاية العام الماضي 2018، وبأنها الإحصائية الأولى في تاريخ الطيران المدني بهذا الكم، إلا أن تضارب لغة الأرقام بين ما أعلنته الآن وما سبق أن أعلنته إدارتا مطاري جدة والرياض يجعل هناك أكثر من علامة استفهام، خصوصا أن العدد المعلن أخيرا يقلص الإجمالي، ما يفوت الفرصة أمام احتلال المطارات السعودية مكانة أكثر بروزا مقارنة برصيفاتها العالمية، الأمر الذي يستدعي التساؤل: أليس في الإمكان مزيد من التنسيق حتى لا تتضارب أرقام كل إدارة مع الإدارة الأخرى، خصوصا إذا كانت جميعها تتبع لجهة واحدة هي الطيران المدني؟ وإذا أخذنا في الحسبان أن توقيتات إعلان الإحصاءات السنوية في العالم للكثير من الجهات في يناير من كل عام، وربما يمتد بعضها متجاوزا المدى إلى فبراير، فإن صدور إحصاءات في مارس، ربما نبرره بأنه في حيز المزيد من الدقة والمراجعة، لكن الملفت للنظر أن الإحصائية لم تزد العدد بل قلصته وبنسبة كبيرة بلغت الملايين من المسافرين، لذا فإن الأمر يحتاج لتوقف، لنسأل: ماذا يحدث؟! هيئة الطيران المدني ربما لم تتنبه لإحصائية أصدرها مطار الملك عبدالعزيز في جدة رسميا قبل شهرين (27/1/2019) (لم تنفها الهيئة آنذاك، وحتى يومنا هذا)، برز فيها أن عدد المسافرين العابرين لمطار المؤسس بلغ 41.2 مليون مسافر، بزيادة قدرها 20% عن 2017، الذي بلغ 34 مليون مسافر. ولأن المطار جهة مسؤولة كان علينا أن نأخذ أرقامها على محمل الجد، حتى جاءت هيئة الطيران المدني لتقول إن عدد المسافرين في 2018 لم يتجاوز 35.8 مليون مسافر، ما يعني أن هناك 5.4 مليون مسافر سقطوا بين تلك الإحصائيتين، فمن المسؤول؟ ومن ترانا نصدق؟ وألا يعني إسقاط مثل هذا الكم من المسافرين تأخيرا لمكانة المطارات السعودية مقارنة بالمطارات العالمية؟ وإذا اعتقدنا أن مطار المؤسس هو الوحيد الذي تعارضت أرقامه مع إحصاءات هيئة الطيران المدني، نجد أن مطار الرياض هو الآخر سبق أن أصدر إحصائية في يناير الماضي أعلن فيها أن عدد المسافرين بلغ 26 مليون مسافر، لتأتي هيئة الطيران المدني أمس وتحدد العدد بنحو 27.9 مليون مسافر، ما جسد لغة تباين الأرقام.
السؤال: ألا يمكن لهيئة الطيران المدني السيطرة على إحصاءاتها، وجهاتها، حتى لا تفقدنا الوصول إلى مرحلة عالمية نستحقها، وفرطنا فيها بجرة قلم؟!
السؤال: ألا يمكن لهيئة الطيران المدني السيطرة على إحصاءاتها، وجهاتها، حتى لا تفقدنا الوصول إلى مرحلة عالمية نستحقها، وفرطنا فيها بجرة قلم؟!