أكد قادة ورؤساء وفود الدول العربية المشاركون في أعمال القمة العربية في دورتها الـ30 التي عقدت أمس (الأحد) في العاصمة التونسية، أنّ ما يجمع البلدان والشعوب العربية أكثر بكثير ممّا يفرّقها، بفضل قوّة الروابط الحضارية العريقة والتاريخ والمصير المشترك، وعُرى الأخوة ووحدة الثقافة والمصالح المشتركة، وأنّ استمرار الخلافات والصراعات في المنطقة، ساهم في استنزاف الكثير من الطاقات والإمكانيات العربية، وتسبب في إضعاف التضامن العربي وأثّر في الأمن القومي العربي، كما أتاح التدخل في شؤون المنطقة.
وقال البيان الختامي للقمة العربية (إعلان تونس): «انطلاقاً من تقييمنا الشامل والمعمق للعلاقات العربية العربية والأوضاع السائدة في منطقتنا، وما تواجهه بلداننا من تحدّيات جدّية وما يتهدّد أمنها واستقرارها وتنميتها من مخاطر، إلى جانب تداعيات التحولات الهامة التي تشهدها العلاقات الدولية على النظام الإقليمي العربي، وتأكيداً لالتزامنا الثابت بمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وأهدافه، وتمسّكنا بالقيم الكونية السامية ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وتكريساً لمسؤوليتنا المشتركة في النهوض بأوضاع المنطقة العربية وتعزيز التضامن بين بلداننا، وحرصاً على حاضر أمتنا ومستقبل الأجيال القادمة، نؤكد أنه من غير المقبول استمرار الوضع الراهن، الذي حوّل المنطقة العربية إلى ساحات للصراعات الدولية والإقليمية والنزاعات المذهبية والطائفية، وملاذات للتنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار والتنمية في بلداننا».
وشدد على أنّ تحقيق الأمن وتوطيد مقوّمات الاستقرار في المنطقة، يستوجب تكثيف الجهود لإنهاء كلّ أشكال التوتّرات والصراعات، والتركيز على معالجة أسباب الوهن ومظاهر التشتت، وأخذ زمام المبادرة في تسريع مسارات تحقيق التسويات السياسية الشاملة للأزمات القائمة، و«أنّ المصالحة الوطنية والعربية، تمثل نقطة البداية الضرورية لتعزيز مناعة المنطقة العربية وأمنها واستقرارها وتحصينها ضدّ التدخلات الخارجية، وإذ نرحب بمبادرة رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي باختيار (قمة العزم والتضامن) عنوانا للقمة العربية الـ30، فإننا نؤكد حرصنا على مواصلة الجهود المشتركة، وفق رؤية موحّدة، من أجل تمتين أواصر التضامن العربي وتوطيد مقومات الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل، بما يحفظ للدول والشعوب العربية الأمن والاستقرار، ويرتقي بأوضاعها الاجتماعية، ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، ويضمن انخراطها الفاعل والإيجابي في منظومة العلاقات الدولية».
وجدد القادة التأكيد على المكانة المركزية للقضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك وفي كلّ التحركات في المحافل الإقليمية والدولية، وعزمهم على مواصلة بذل الجهود من أجل إعادة إطلاق مفاوضات جادّة وفعالة ضمن جدول زمني محدّد، تساعد على التوصل إلى تسوية تحقق السلام العادل والشامل وفق مرجعيات العملية السلمية وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كما طرحت سنة 2002، ومبدأ حلّ الدولتين، مع التأكيد على أنّ تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، يرتكز بالأساس على التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية ولمجمل الصراع العربي الإسرائيلي.
وأضاف البيان «كما نؤكد مواصلة تقديم كل أشكال الدعم السياسي والمعنوي والمادي للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية الوطنية، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ووقوفنا إلى جانبه في صموده ونضاله من أجل استرداد حقوقه المشروعة؛ وفي مقدّمتها حقّه في تقرير المصير وفي إقامة دولته المستقلة على حدود 04 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 وإطلاق سراح الأسرى، وإذ نجدّد تأكيد التزامنا بتوفير الدعم المالي لميزانية دولة فلسطين وشبكة الأمان المالية، بما يمكّنها من مواجهة الضغوط والصعوبات الاقتصادية والمالية التي تتعرض لها، وبما يسهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، فإننا ندعو المجتمع الدولي إلى مواصلة دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، وتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لميزانيتها وأنشطتها بهدف تمكينها من مواصلة تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين».
وفي ظل تواصل الممارسات العدوانية الإسرائيلية، فإنّنا ندعو المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، ووضع حدٍّ لاعتداءات إسرائيل، وانتهاكاتها الممنهجة للمقدّسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، ونحذر من الخطط والمحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى تقسيمه وتغيير الوضع التاريخي القائم فيه، بما في ذلك قرار محكمة الاحتلال إغلاق مصلى باب الرحمة، ومخطّطاتها الاستيطانية التوسعية غير القانونية على حساب الأراضي الفلسطينية، ونطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 في هذا السياق.
كما نجدّد تأكيدنا على رفض جميع الخطوات والإجراءات الأحادية التي تتخذها إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال لتغيير الوضع القانوني والتاريخي في القدس الشرقية، وخصوصا في المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، ونطالب دول العالم بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعدم نقل سفاراتها إليها، التزاماً بقراري مجلس الأمن رقم 476 و478 بهذا الخصوص. ونؤكّد أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولاها الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية، وخصوصا المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، ودورها الرئيس في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
وأكد القادة على تنفيذ قرار المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو الصادر عن الدورة 200 بتاريخ 18/10/2016 ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية والإجراءات التعسفية التي تطال المسجد الأقصى والمصلين فيه، واعتبار إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية، السلطة القانونية الحصرية والوحيدة على الحرم في إدارته وصيانته والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه. وجددوا رفضهم وإدانتهم لما يسمى «بقانون الدولة القومية اليهودية»، باعتباره تكريساً للممارسات العنصرية، وتنكراً لحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة حقّه في تقرير المصير.
رفض الحلول العسكرية والتدخل في شؤون ليبيا الداخلية
أكد قادة ورؤساء الوفود المشاركون في القمة العربية، حرصهم على وحدة ليبيا وسيادتها، مجددين رفضهم للحلول العسكرية ولكلّ أشكال التدخّل في شؤونها الداخلية، داعين إلى الإسراع بتحقيق التسوية السياسية الشاملة في إطار التوافق والحوار دون إقصاء، وعلى أساس الاتفاق السياسي، ووفق المسار الذي ترعاه الأمم المتّحدة، بما يعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا وينهي معاناة الشعب الليبي الشقيق.
وأضافوا «نؤكّد دعمنا لخطة العمل التي قدمها الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا واعتمدها مجلس الأمن الدولي، ونرحب بكلّ الخطوات الرامية لتهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ مختلف مراحلها. كما نجدّد تثميننا لدور دول جوار ليبيا، وخاصّة لمبادرة رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي الثلاثية، بالتنسيق مع الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية مصر العربية، لمساعدة الأطراف الليبية على تجاوز الخلافات وتحقيق التسوية السياسية الشاملة. ونؤكد دعمنا لكل الجهود الهادفة للقضاء على التنظيمات الإرهابية واستئصال الخطر الذي تمثله على ليبيا وعلى جوارها وعموم المنطقة».
رفض تكريس سيادة إسرائيل على الجولان
جدد قادة الدول العربية حرصهم على ضرورة التوصّل إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة القائمة في سورية، استناداً إلى مسار جنيف، وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسورية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما يضع حداً لمعاناة الشعب السوري الشقيق ويحقق تطلعاته إلى العيش في أمن وسلام، ويحافظ على وحدة سورية وسيادتها واستقلالها. ونؤكّد رفضنا للخيارات العسكرية، التي تزيد في تعقيد الأزمة وتعميق معاناة الشعب السوري، وندعو إلى تسريع مسار الانتقال إلى وضع سياسي، تسهم في صياغته والتوافق عليه كل مكونات الشعب السوري.
وأكدوا أهمية الدور العربي في مساعدة الشعب السوري الشقيق على الخروج من الأزمة الراهنة، بما يمكّن سورية، باعتبارها جزءا أصيلا من العالم العربي، من استعادة مكانتها الطبيعية على الساحة العربية، وبما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتحصينها ضدّ التدخلات الخارجية والاختراقات.
وأضافوا «إذ نؤكد أنّ الجولان أرض سورية محتلة، وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي، فإننا نعرب عن رفضنا لمحاولات فرض سياسة الأمر الواقع وتكريس سيادة إسرائيل على الجولان، لما يمثله ذلك من انتهاك خطير للقرارات الدولية وتهديد للأمن والاستقرار، وتقويض لكلّ آفاق تحقيق السلام في المنطقة. ونشدّد على أنّ أيّ قرار أو إجراء يستهدف تغيير الوضع القانوني والديمغرافي للجولان غير قانوني ولاغ، ولا يترتب عنه أي أثر قانوني، طبقا لقراريْ مجلس الأمن الدولي رقم 242 لسنة 1967 ورقم 497 لسنة 1981، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة. كما نؤكد الدعم العربي الكامل لحق سورية في استعادة الجولان المحتل».
وإزاء استفحال أزمة النزوح واللجوء السوري، علاوة على استمرار وتفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين المزمنة والمحاولات المستمرة لإسقاط حقهم المشروع بالعودة، ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته للحدّ من مأساة النزوح واللجوء ووضع كلّ الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية والناجعة، ومضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المتاحة والمواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم بما ينسجم مع الشرعية الدولية ذات الصلة ويكفل احترام سيادة الدول المستضيفة وقوانينها النافذة واستمرار تقديم الدعم اللازم للاجئين والنازحين وللدول المستضيفة لهم.
مساندة إعادة الشرعية لليمن.. وتقدير تضحيات الشعب العراقي
أعلن قادة ورؤساء الوفود مساندة الجهود الإقليمية والدولية من أجل إعادة الشرعية إلى اليمن ووضع حدّ لمعاناة الشعب اليمني الشقيق. و«نجدّد التأكيد على ضرورة التزام ميليشيات الحوثي باتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة خلال شهر ديسمبر 2018، ومواصلة المفاوضات من أجل التوصّل إلى تسوية سياسية، وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي، بما ينهي الأزمة القائمة بعيدا عن التدخلات الخارجية الإقليمية، ويحفظ استقلاله ووحدته ويعيد له ولمنطقة الخليج العربي الأمن والاستقرار. كما نؤكّد على أهمية تكثيف تقديم المساعدات الإنسانية، للشعب اليمني لمواجهة التدهور الخطير للوضع الإنساني والصحي والاقتصادي في اليمن».
ونثمّن ما حقّقه العراق من نجاحات في دحر التنظيمات الإرهابية، ونجدد تقديرنا للتضحيات التي قدّمها الشعب العراقي في الدفاع عن سيادة بلاده وأمنها، كما نؤكّد حرصنا على وحدة وسلامة أراضيه، ودعمنا لجهوده في إعادة إعمار المناطق المحررة. ونؤكد عزمنا على مزيد تطوير علاقات التعاون والتنسيق الأمني بين بلداننا، وتكثيف الجهود لمحاربة التطرّف والإرهاب بجميع أشكاله، واجتثاثه من جذوره والقضاء على مصادر تمويله، من خلال تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، واتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية لتجريم الفكر المتطرف والتكفيري. كما نجدّد حرصنا على تعزيز قيم التسامح والاعتدال والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومقاومة كلّ مظاهر الإقصاء والتهميش والإحباط، التي تسعى التنظيمات الإرهابية والتيارات الظلامية لاستغلالها، وذلك حماية لشعوبنا ولمقدرات بلداننا ودفاعا عن أمنها ومناعتها.
ونؤكّد دعمنا للحوار بين الأديان باعتباره عاملاً أساسياً في نشر وتعزيز قيم التسامح والتضامن الإنساني واحترام الاختلاف، وفي مواجهة الغلو والتطرّف. وفي هذا الإطار، نجدّد ترحيبنا باللقاء الذي تمّ بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وبابا الفاتيكان البابا فرنسيس أثناء زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال شهر فبرايي 2019.
لا لاستهداف المملكة بصواريخ إيرانية.. والجزر الـ3 إماراتية
شدد قادة ورؤساء الوفود على «أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها وفقا لقواعد القانون الدولي، والامتناع عن الممارسات والأعمال التي من شأنها تقويض بناء الثقة وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة. وإذ نجدد رفضنا وإدانتنا لاستهداف أراضي المملكة ومدنها بالصواريخ الباليستية، فإننا نشدد على حرصنا على أمنها واستقرارها باعتباره مقوما أساسيا لأمن منطقة الخليج العربي وعموم المنطقة العربية».
كما نؤكّد السيادة المطلقة لدولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأبو موسى) ونؤيد جميع الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سيادتها عليها، وندعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى التجاوب مع مبادرة الإمارات لإيجاد حل سلمي لهذه القضية من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، بما يسهم في بناء الثقة وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.
التضامن مع حكومة السودان لتعزيز السلام والتنمية
قطع قادة ورؤساء الوفود بالتضامن الكامل مع الحكومة السودانية في جهودها لتعزيز السلام والتنمية، وصون السيادة الوطنية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، مضيفين «نرحب بالتحسن الأمني المطّرد في دارفور، ونساند استراتيجية خروج بعثة اليوناميد من دارفور بحلول شهر ديسمبر 2020. كما نؤكّد دعم جهود تفعيل مبادرة رئيس جمهورية السودان لتحقيق الأمن الغذائي العربي، وندعو الدول العربية ومؤسسات التمويل والقطاع الخاص للاستثمار في المشاريع التي توفرها هذه المبادرة، ونجدّد الدعوة لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب».
وأكدوا دعمهم المتواصل للأشقاء في جمهورية الصومال الفيدرالية لنشر الأمن والاستقرار ومحاربة الارهاب، وإعادة بناء وتقوية المؤسسات الوطنية ومواجهة التحديات الاقتصادية وتنفيذ خطة التنمية الوطنية الصومالية. و«نرحب بإجراء الانتخابات الرئاسية في جمهورية القمر الاتحادية بتاريخ 24/3/2019 في مناخ من الهدوء والنزاهة، والتي شارك في مراقبتها كلّ من جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، وأفضت إلى انتخاب فخامة الرئيس غزالي عثمان، كما نؤيد سعي جمهورية القمر الاتحادية إلى الوصول إلى مصاف الدول الصاعدة بحلول سنة 2030».
تحصين المجتمعات العربية ضد آفات التطرف والإرهاب
ثمن قادة ورؤساء الوفد ما تحقق من نتائج إيجابية في مختلف منتديات التعاون العربي مع التجمعات والفضاءات الإقليمية، ورحبوا في هذا الإطار، بعقد أول قمة عربية أوروبية في شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية يومي 24 و25 فبراير 2019، وأضافوا «نتطلّع إلى عقد القمة العربية الإفريقية الخامسة في المملكة 2019 وكذلك إلى عقد القمة العربية الخامسة مع دول أمريكيا الجنوبية في أقرب الآجال».
وقال بيان القمة «نؤكد الأهمية المحورية للتنمية الشاملة في النهوض بأوضاع المنطقة، وتحصين المجتمعات العربية ضدّ آفات التطرف والإرهاب، وتقليص مظاهر الإقصاء والتهميش، ونؤكّد على ضرورة مزيد تطوير الاستراتيجيات الوطنية للتنمية الشاملة والمستدامة، من خلال الاستثمار في قدرات الإنسان العربي وتأهيله علميا ومعرفيا وقيميا. كما نشدد على العمل على تحسين مؤشرات التنمية البشرية في البلدان العربية وتوسيع مجالات مشاركة الشباب في الشأن العام وآليات اتخاذ القرار، ودعم دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية والنهضة الاجتماعية، إلى جانب تعزيز دور المرأة ومشاركتها في مختلف مناحي الحياة العامّة، ومزيد توفير أسباب تمكينها اقتصاديا واجتماعيا. كما نؤكد على مزيد تركيز الجهود على دعم خطط التربية والتعليم والبحث العلمي، وتمكين الشباب العربي من الأخذ بناصية العلوم والتكنولوجيات الحديثة».
وفي هذا الخصوص، نشيد بمبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة بتأسيس «المجموعة العربية للتعاون الفضائي» ونثمّن دورها وإسهاماتها في تطوير التعاون العربي في مجال علوم الفضاء واستخداماته لصالح تقدم الدول العربية. ونرحّب بمبادرة نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، بتخصيص مشروع قمر صناعي يعمل عليه العلماء العرب كأول مبادرة تعاون في نطاق المجموعة العربية للتعاون الفضائي، ودعوة العلماء العرب المعنيين للانخراط في هذا المشروع.
ونجدّد التأكيد على أهمية البعد الاقتصادي والتنموي في العمل العربي المشترك، ونشيد وبنتائج الدورة الرابعة للقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة ببيروت يوم 20 يناير 2019. كما نؤكد الحاجة الملحة في وطننا العربي اليوم، لمضاعفة الجهود المشتركة من أجل دفع التعاون الاقتصادي وتفعيله، من خلال استثمار المزايا التكاملية والإمكانيات والموارد الطبيعية والمالية والطاقات البشرية المتوفرة في البلدان العربية. ونجدد التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود من أجل رفع حجم التبادل التجاري وإقامة المشاريع الاستثمارية، بما يمكنّ من بناء تكتل اقتصادي عربي، يكون قادرا على الانخراط الإيجابي في المنظومة الاقتصادية العالمية، والإسهام في دفع مسارات التنمية في البلدان العربية وتوفير فرص العمل للشباب العربي.
ونجدّد دعمنا لجامعة الدول العربية، باعتبارها حاضنة العمل العربي المشترك، ونؤكّد على ضرورة تسريع نسق مسار تطويرها واستكماله باتّجاه إضفاء مزيد من النجاعة والفعالية على أداء أجهزتها، بما يمكّن من تفعيل الدور العربي واستعادة زمام المبادرة في معالجة الأوضاع والقضايا العربية وإيجاد الحلول والتسويات المناسبة لمختلف الأزمات والصراعات. ونشيد، في هذا الإطار، بالجهود الدؤوبة للأمين العام لجامعة الدول العربية. كما نؤكد أهمية التجمعات الإقليمية العربية المتمثلة في اتّحاد المغرب العربي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، في تعزيز وإسناد العمل العربي المشترك، ودفع مسار التكامل والتعاون بين الدول العربية، وفي التفاعل مع بقية التجمعات الإقليمية الأخرى.
وفي الختام، نجدّد الإعراب عن فائق التقدير وخالص الشكر للجمهورية التونسية وللشعب التونسي الشقيق على كرم الضيافة وحسن تنظيم القمّة. كما نعرب عن عميق الامتنان لسيادة رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي على ما بذله من جهود قيّمة في تسيير اجتماعات القمة بكلّ حكمة وتبصّر، وفي تعميق التشاور وإحكام التنسيق في إطار حوار بناء وفاعل، ممّا جعل «قمّة العزم والتضامن» محطة هامة في مسيرة العمل العربي المشترك، وفي تكريس الإرادة الصادقة التي تجمعنا من أجل تعزيز التضامن العربي وتوحيد صفوفنا لمواجهة التحديات والنهوض بأوضاع المنطقة وتوطيد مقومات أمننا القومي، بما يسهم في تحقيق تطلعات شعوبنا وانتظاراتها.
وقال البيان الختامي للقمة العربية (إعلان تونس): «انطلاقاً من تقييمنا الشامل والمعمق للعلاقات العربية العربية والأوضاع السائدة في منطقتنا، وما تواجهه بلداننا من تحدّيات جدّية وما يتهدّد أمنها واستقرارها وتنميتها من مخاطر، إلى جانب تداعيات التحولات الهامة التي تشهدها العلاقات الدولية على النظام الإقليمي العربي، وتأكيداً لالتزامنا الثابت بمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وأهدافه، وتمسّكنا بالقيم الكونية السامية ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وتكريساً لمسؤوليتنا المشتركة في النهوض بأوضاع المنطقة العربية وتعزيز التضامن بين بلداننا، وحرصاً على حاضر أمتنا ومستقبل الأجيال القادمة، نؤكد أنه من غير المقبول استمرار الوضع الراهن، الذي حوّل المنطقة العربية إلى ساحات للصراعات الدولية والإقليمية والنزاعات المذهبية والطائفية، وملاذات للتنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار والتنمية في بلداننا».
وشدد على أنّ تحقيق الأمن وتوطيد مقوّمات الاستقرار في المنطقة، يستوجب تكثيف الجهود لإنهاء كلّ أشكال التوتّرات والصراعات، والتركيز على معالجة أسباب الوهن ومظاهر التشتت، وأخذ زمام المبادرة في تسريع مسارات تحقيق التسويات السياسية الشاملة للأزمات القائمة، و«أنّ المصالحة الوطنية والعربية، تمثل نقطة البداية الضرورية لتعزيز مناعة المنطقة العربية وأمنها واستقرارها وتحصينها ضدّ التدخلات الخارجية، وإذ نرحب بمبادرة رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي باختيار (قمة العزم والتضامن) عنوانا للقمة العربية الـ30، فإننا نؤكد حرصنا على مواصلة الجهود المشتركة، وفق رؤية موحّدة، من أجل تمتين أواصر التضامن العربي وتوطيد مقومات الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل، بما يحفظ للدول والشعوب العربية الأمن والاستقرار، ويرتقي بأوضاعها الاجتماعية، ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، ويضمن انخراطها الفاعل والإيجابي في منظومة العلاقات الدولية».
وجدد القادة التأكيد على المكانة المركزية للقضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك وفي كلّ التحركات في المحافل الإقليمية والدولية، وعزمهم على مواصلة بذل الجهود من أجل إعادة إطلاق مفاوضات جادّة وفعالة ضمن جدول زمني محدّد، تساعد على التوصل إلى تسوية تحقق السلام العادل والشامل وفق مرجعيات العملية السلمية وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كما طرحت سنة 2002، ومبدأ حلّ الدولتين، مع التأكيد على أنّ تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، يرتكز بالأساس على التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية ولمجمل الصراع العربي الإسرائيلي.
وأضاف البيان «كما نؤكد مواصلة تقديم كل أشكال الدعم السياسي والمعنوي والمادي للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية الوطنية، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ووقوفنا إلى جانبه في صموده ونضاله من أجل استرداد حقوقه المشروعة؛ وفي مقدّمتها حقّه في تقرير المصير وفي إقامة دولته المستقلة على حدود 04 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 وإطلاق سراح الأسرى، وإذ نجدّد تأكيد التزامنا بتوفير الدعم المالي لميزانية دولة فلسطين وشبكة الأمان المالية، بما يمكّنها من مواجهة الضغوط والصعوبات الاقتصادية والمالية التي تتعرض لها، وبما يسهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، فإننا ندعو المجتمع الدولي إلى مواصلة دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، وتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لميزانيتها وأنشطتها بهدف تمكينها من مواصلة تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين».
وفي ظل تواصل الممارسات العدوانية الإسرائيلية، فإنّنا ندعو المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، ووضع حدٍّ لاعتداءات إسرائيل، وانتهاكاتها الممنهجة للمقدّسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، ونحذر من الخطط والمحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى تقسيمه وتغيير الوضع التاريخي القائم فيه، بما في ذلك قرار محكمة الاحتلال إغلاق مصلى باب الرحمة، ومخطّطاتها الاستيطانية التوسعية غير القانونية على حساب الأراضي الفلسطينية، ونطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 في هذا السياق.
كما نجدّد تأكيدنا على رفض جميع الخطوات والإجراءات الأحادية التي تتخذها إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال لتغيير الوضع القانوني والتاريخي في القدس الشرقية، وخصوصا في المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، ونطالب دول العالم بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعدم نقل سفاراتها إليها، التزاماً بقراري مجلس الأمن رقم 476 و478 بهذا الخصوص. ونؤكّد أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولاها الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية، وخصوصا المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، ودورها الرئيس في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
وأكد القادة على تنفيذ قرار المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو الصادر عن الدورة 200 بتاريخ 18/10/2016 ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية والإجراءات التعسفية التي تطال المسجد الأقصى والمصلين فيه، واعتبار إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية، السلطة القانونية الحصرية والوحيدة على الحرم في إدارته وصيانته والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه. وجددوا رفضهم وإدانتهم لما يسمى «بقانون الدولة القومية اليهودية»، باعتباره تكريساً للممارسات العنصرية، وتنكراً لحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة حقّه في تقرير المصير.
رفض الحلول العسكرية والتدخل في شؤون ليبيا الداخلية
أكد قادة ورؤساء الوفود المشاركون في القمة العربية، حرصهم على وحدة ليبيا وسيادتها، مجددين رفضهم للحلول العسكرية ولكلّ أشكال التدخّل في شؤونها الداخلية، داعين إلى الإسراع بتحقيق التسوية السياسية الشاملة في إطار التوافق والحوار دون إقصاء، وعلى أساس الاتفاق السياسي، ووفق المسار الذي ترعاه الأمم المتّحدة، بما يعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا وينهي معاناة الشعب الليبي الشقيق.
وأضافوا «نؤكّد دعمنا لخطة العمل التي قدمها الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا واعتمدها مجلس الأمن الدولي، ونرحب بكلّ الخطوات الرامية لتهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ مختلف مراحلها. كما نجدّد تثميننا لدور دول جوار ليبيا، وخاصّة لمبادرة رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي الثلاثية، بالتنسيق مع الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية مصر العربية، لمساعدة الأطراف الليبية على تجاوز الخلافات وتحقيق التسوية السياسية الشاملة. ونؤكد دعمنا لكل الجهود الهادفة للقضاء على التنظيمات الإرهابية واستئصال الخطر الذي تمثله على ليبيا وعلى جوارها وعموم المنطقة».
رفض تكريس سيادة إسرائيل على الجولان
جدد قادة الدول العربية حرصهم على ضرورة التوصّل إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة القائمة في سورية، استناداً إلى مسار جنيف، وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسورية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما يضع حداً لمعاناة الشعب السوري الشقيق ويحقق تطلعاته إلى العيش في أمن وسلام، ويحافظ على وحدة سورية وسيادتها واستقلالها. ونؤكّد رفضنا للخيارات العسكرية، التي تزيد في تعقيد الأزمة وتعميق معاناة الشعب السوري، وندعو إلى تسريع مسار الانتقال إلى وضع سياسي، تسهم في صياغته والتوافق عليه كل مكونات الشعب السوري.
وأكدوا أهمية الدور العربي في مساعدة الشعب السوري الشقيق على الخروج من الأزمة الراهنة، بما يمكّن سورية، باعتبارها جزءا أصيلا من العالم العربي، من استعادة مكانتها الطبيعية على الساحة العربية، وبما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتحصينها ضدّ التدخلات الخارجية والاختراقات.
وأضافوا «إذ نؤكد أنّ الجولان أرض سورية محتلة، وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي، فإننا نعرب عن رفضنا لمحاولات فرض سياسة الأمر الواقع وتكريس سيادة إسرائيل على الجولان، لما يمثله ذلك من انتهاك خطير للقرارات الدولية وتهديد للأمن والاستقرار، وتقويض لكلّ آفاق تحقيق السلام في المنطقة. ونشدّد على أنّ أيّ قرار أو إجراء يستهدف تغيير الوضع القانوني والديمغرافي للجولان غير قانوني ولاغ، ولا يترتب عنه أي أثر قانوني، طبقا لقراريْ مجلس الأمن الدولي رقم 242 لسنة 1967 ورقم 497 لسنة 1981، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة. كما نؤكد الدعم العربي الكامل لحق سورية في استعادة الجولان المحتل».
وإزاء استفحال أزمة النزوح واللجوء السوري، علاوة على استمرار وتفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين المزمنة والمحاولات المستمرة لإسقاط حقهم المشروع بالعودة، ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته للحدّ من مأساة النزوح واللجوء ووضع كلّ الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية والناجعة، ومضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المتاحة والمواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم بما ينسجم مع الشرعية الدولية ذات الصلة ويكفل احترام سيادة الدول المستضيفة وقوانينها النافذة واستمرار تقديم الدعم اللازم للاجئين والنازحين وللدول المستضيفة لهم.
مساندة إعادة الشرعية لليمن.. وتقدير تضحيات الشعب العراقي
أعلن قادة ورؤساء الوفود مساندة الجهود الإقليمية والدولية من أجل إعادة الشرعية إلى اليمن ووضع حدّ لمعاناة الشعب اليمني الشقيق. و«نجدّد التأكيد على ضرورة التزام ميليشيات الحوثي باتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة خلال شهر ديسمبر 2018، ومواصلة المفاوضات من أجل التوصّل إلى تسوية سياسية، وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي، بما ينهي الأزمة القائمة بعيدا عن التدخلات الخارجية الإقليمية، ويحفظ استقلاله ووحدته ويعيد له ولمنطقة الخليج العربي الأمن والاستقرار. كما نؤكّد على أهمية تكثيف تقديم المساعدات الإنسانية، للشعب اليمني لمواجهة التدهور الخطير للوضع الإنساني والصحي والاقتصادي في اليمن».
ونثمّن ما حقّقه العراق من نجاحات في دحر التنظيمات الإرهابية، ونجدد تقديرنا للتضحيات التي قدّمها الشعب العراقي في الدفاع عن سيادة بلاده وأمنها، كما نؤكّد حرصنا على وحدة وسلامة أراضيه، ودعمنا لجهوده في إعادة إعمار المناطق المحررة. ونؤكد عزمنا على مزيد تطوير علاقات التعاون والتنسيق الأمني بين بلداننا، وتكثيف الجهود لمحاربة التطرّف والإرهاب بجميع أشكاله، واجتثاثه من جذوره والقضاء على مصادر تمويله، من خلال تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، واتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية لتجريم الفكر المتطرف والتكفيري. كما نجدّد حرصنا على تعزيز قيم التسامح والاعتدال والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومقاومة كلّ مظاهر الإقصاء والتهميش والإحباط، التي تسعى التنظيمات الإرهابية والتيارات الظلامية لاستغلالها، وذلك حماية لشعوبنا ولمقدرات بلداننا ودفاعا عن أمنها ومناعتها.
ونؤكّد دعمنا للحوار بين الأديان باعتباره عاملاً أساسياً في نشر وتعزيز قيم التسامح والتضامن الإنساني واحترام الاختلاف، وفي مواجهة الغلو والتطرّف. وفي هذا الإطار، نجدّد ترحيبنا باللقاء الذي تمّ بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وبابا الفاتيكان البابا فرنسيس أثناء زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال شهر فبرايي 2019.
لا لاستهداف المملكة بصواريخ إيرانية.. والجزر الـ3 إماراتية
شدد قادة ورؤساء الوفود على «أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها وفقا لقواعد القانون الدولي، والامتناع عن الممارسات والأعمال التي من شأنها تقويض بناء الثقة وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة. وإذ نجدد رفضنا وإدانتنا لاستهداف أراضي المملكة ومدنها بالصواريخ الباليستية، فإننا نشدد على حرصنا على أمنها واستقرارها باعتباره مقوما أساسيا لأمن منطقة الخليج العربي وعموم المنطقة العربية».
كما نؤكّد السيادة المطلقة لدولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأبو موسى) ونؤيد جميع الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سيادتها عليها، وندعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى التجاوب مع مبادرة الإمارات لإيجاد حل سلمي لهذه القضية من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، بما يسهم في بناء الثقة وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.
التضامن مع حكومة السودان لتعزيز السلام والتنمية
قطع قادة ورؤساء الوفود بالتضامن الكامل مع الحكومة السودانية في جهودها لتعزيز السلام والتنمية، وصون السيادة الوطنية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، مضيفين «نرحب بالتحسن الأمني المطّرد في دارفور، ونساند استراتيجية خروج بعثة اليوناميد من دارفور بحلول شهر ديسمبر 2020. كما نؤكّد دعم جهود تفعيل مبادرة رئيس جمهورية السودان لتحقيق الأمن الغذائي العربي، وندعو الدول العربية ومؤسسات التمويل والقطاع الخاص للاستثمار في المشاريع التي توفرها هذه المبادرة، ونجدّد الدعوة لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب».
وأكدوا دعمهم المتواصل للأشقاء في جمهورية الصومال الفيدرالية لنشر الأمن والاستقرار ومحاربة الارهاب، وإعادة بناء وتقوية المؤسسات الوطنية ومواجهة التحديات الاقتصادية وتنفيذ خطة التنمية الوطنية الصومالية. و«نرحب بإجراء الانتخابات الرئاسية في جمهورية القمر الاتحادية بتاريخ 24/3/2019 في مناخ من الهدوء والنزاهة، والتي شارك في مراقبتها كلّ من جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، وأفضت إلى انتخاب فخامة الرئيس غزالي عثمان، كما نؤيد سعي جمهورية القمر الاتحادية إلى الوصول إلى مصاف الدول الصاعدة بحلول سنة 2030».
تحصين المجتمعات العربية ضد آفات التطرف والإرهاب
ثمن قادة ورؤساء الوفد ما تحقق من نتائج إيجابية في مختلف منتديات التعاون العربي مع التجمعات والفضاءات الإقليمية، ورحبوا في هذا الإطار، بعقد أول قمة عربية أوروبية في شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية يومي 24 و25 فبراير 2019، وأضافوا «نتطلّع إلى عقد القمة العربية الإفريقية الخامسة في المملكة 2019 وكذلك إلى عقد القمة العربية الخامسة مع دول أمريكيا الجنوبية في أقرب الآجال».
وقال بيان القمة «نؤكد الأهمية المحورية للتنمية الشاملة في النهوض بأوضاع المنطقة، وتحصين المجتمعات العربية ضدّ آفات التطرف والإرهاب، وتقليص مظاهر الإقصاء والتهميش، ونؤكّد على ضرورة مزيد تطوير الاستراتيجيات الوطنية للتنمية الشاملة والمستدامة، من خلال الاستثمار في قدرات الإنسان العربي وتأهيله علميا ومعرفيا وقيميا. كما نشدد على العمل على تحسين مؤشرات التنمية البشرية في البلدان العربية وتوسيع مجالات مشاركة الشباب في الشأن العام وآليات اتخاذ القرار، ودعم دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية والنهضة الاجتماعية، إلى جانب تعزيز دور المرأة ومشاركتها في مختلف مناحي الحياة العامّة، ومزيد توفير أسباب تمكينها اقتصاديا واجتماعيا. كما نؤكد على مزيد تركيز الجهود على دعم خطط التربية والتعليم والبحث العلمي، وتمكين الشباب العربي من الأخذ بناصية العلوم والتكنولوجيات الحديثة».
وفي هذا الخصوص، نشيد بمبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة بتأسيس «المجموعة العربية للتعاون الفضائي» ونثمّن دورها وإسهاماتها في تطوير التعاون العربي في مجال علوم الفضاء واستخداماته لصالح تقدم الدول العربية. ونرحّب بمبادرة نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، بتخصيص مشروع قمر صناعي يعمل عليه العلماء العرب كأول مبادرة تعاون في نطاق المجموعة العربية للتعاون الفضائي، ودعوة العلماء العرب المعنيين للانخراط في هذا المشروع.
ونجدّد التأكيد على أهمية البعد الاقتصادي والتنموي في العمل العربي المشترك، ونشيد وبنتائج الدورة الرابعة للقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة ببيروت يوم 20 يناير 2019. كما نؤكد الحاجة الملحة في وطننا العربي اليوم، لمضاعفة الجهود المشتركة من أجل دفع التعاون الاقتصادي وتفعيله، من خلال استثمار المزايا التكاملية والإمكانيات والموارد الطبيعية والمالية والطاقات البشرية المتوفرة في البلدان العربية. ونجدد التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود من أجل رفع حجم التبادل التجاري وإقامة المشاريع الاستثمارية، بما يمكنّ من بناء تكتل اقتصادي عربي، يكون قادرا على الانخراط الإيجابي في المنظومة الاقتصادية العالمية، والإسهام في دفع مسارات التنمية في البلدان العربية وتوفير فرص العمل للشباب العربي.
ونجدّد دعمنا لجامعة الدول العربية، باعتبارها حاضنة العمل العربي المشترك، ونؤكّد على ضرورة تسريع نسق مسار تطويرها واستكماله باتّجاه إضفاء مزيد من النجاعة والفعالية على أداء أجهزتها، بما يمكّن من تفعيل الدور العربي واستعادة زمام المبادرة في معالجة الأوضاع والقضايا العربية وإيجاد الحلول والتسويات المناسبة لمختلف الأزمات والصراعات. ونشيد، في هذا الإطار، بالجهود الدؤوبة للأمين العام لجامعة الدول العربية. كما نؤكد أهمية التجمعات الإقليمية العربية المتمثلة في اتّحاد المغرب العربي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، في تعزيز وإسناد العمل العربي المشترك، ودفع مسار التكامل والتعاون بين الدول العربية، وفي التفاعل مع بقية التجمعات الإقليمية الأخرى.
وفي الختام، نجدّد الإعراب عن فائق التقدير وخالص الشكر للجمهورية التونسية وللشعب التونسي الشقيق على كرم الضيافة وحسن تنظيم القمّة. كما نعرب عن عميق الامتنان لسيادة رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي على ما بذله من جهود قيّمة في تسيير اجتماعات القمة بكلّ حكمة وتبصّر، وفي تعميق التشاور وإحكام التنسيق في إطار حوار بناء وفاعل، ممّا جعل «قمّة العزم والتضامن» محطة هامة في مسيرة العمل العربي المشترك، وفي تكريس الإرادة الصادقة التي تجمعنا من أجل تعزيز التضامن العربي وتوحيد صفوفنا لمواجهة التحديات والنهوض بأوضاع المنطقة وتوطيد مقومات أمننا القومي، بما يسهم في تحقيق تطلعات شعوبنا وانتظاراتها.