شيد سجن كوبر، المحبس الجديد، للرئيس السوداني المعزول عمر البشير في العام 1903 على مساحة خمسة آلاف متر مربع واستضاف خلف أسواره مئات السودانيين من مقاومي الاستعمار الانجليزي و مناهضي أنظمة الحكم الوطنية. ويطل على شارع رئيسي في الخرطوم بحري قريبا من النيل الأزرق، في موقع قريب من جسر القوات المسلحة الذي يربط الخرطوم بالخرطوم بحري. ومن المصادفة أن البشير يقطن في ذات الحي الذي يحتضن السجن المصمم هندسيا على شكل مماثل لسجن برمنجهام البريطاني في جوانب الخريطة والمباني والأقسام. وحصل السجن الكبير على اسمه من مسؤول إنجليزي درج على زيارة النزلاء والتعامل معهم برفق ولين.
وفي بدايات حقبة «الإنقاذ» أعلن البشير عن نيته في هدم السجن، ووجه الدعوة للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي لمشاركته في الهدم وتبين في اليوم التالي أن الهدم طال جدارا لا تزيد مساحته عن عدة أمتار..
يحتوي «كوبر» على أقسام وعنابر عدة أبرزها عنبر المحكومين بالإعدام، وثان لمعتادي الإجرام، وثالث لذوي الأحكام الطويلة والقصيرة، وأخرى للمنتظرين وقسم يطلق عليه «المعاملة» مخصص لكبار الموظفين والـ vip غير أن الحكومات الوطنية التي تلت الحكم الإنجليزي ألغت قسم المعاملة غير أن العنبر الأشهر الذي يتوقع أن يكون البشير احتجز فيه هو عنبر السياسيين الذي استقبل طوال الحقب الماضية قيادات الحركة الوطنية المناهضة لحكم الإدارة البريطانية، على رأسهم إسماعيل الأزهري، الذي أصبح مطلع عام 1954 أول رئيس لحكومة وطنية. وفي الانتفاضة التي أعقبت حكم الرئيس الراحل نميري أحتوى السجن في عنابره ما أطلق عليه السودانيون «سدنة النظام المايوي» قبل أن يتم الإفراج عنهم عقب محاكمات متلفزة.
وواصل سجن كوبر استقبال مرتاديه من السياسيين عقب انقلاب البشير في 30 يونيو 1989 وكان أول نزلائه في صبيحة التغيير، حسن الترابي عراب النظام الإخواني الجديد الذي اختار أن يذهب إلى السجن حبيسا والبشير رئيسا في القصر في عملية الخداع الكبرى التي انتهت بسقوط حكومة الصادق المهدي وسيادة حكم الانقاذ المدعوم من «الجبهة القومية» الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.